واشنطن (أ ف ب) - تنظر المحكمة العليا الأميركية بشكل معمق الأربعاء في مرسوم الرئيس دونالد ترامب حول الهجرة، في المرحلة الأخيرة من معركة قضائية شرسة استمرت 15 شهرا حول هذا القرار الذي يثير جدلا محتدما. وهي أول مرة يخصص القضاة التسعة بينهم أربعة تقدميين وخمسة محافظين، إحدى جلساتهم الرسمية لقرار سياسي هو من أبرز قرارات رجل الأعمال الثري. وستكون هذه آخر قضية تتناولها المحكمة العليا في دورتها السنوية التي تنتهي في نهاية حزيران/يونيو، وهي على الأرجح أهم ملف يطرح عليها خلال السنة. ويتناول المسعى الصيغة الثالثة من مرسوم أثار صدمة في العالم حين قرر البيت الأبيض بصورة مفاجئة تطبيقه في 27 كانون الثاني/يناير 2017، بعد أسبوع على تولي ترامب مهامه. وتحظر هذه الصيغة الأخيرة من المرسوم بصورة دائمة دخول مواطني ستة بلدان ذات غالبية مسلمة إلى الأراضي الأميركية، بما يشمل 150 مليون شخص. ويتهم معارضو المرسوم الإدارة باستهداف المسلمين، بما يخالف الدستور الذي يحظر التمييز الديني. وكانت كل من صيغتي المرسوم ضد الهجرة الأوليين موضع معركة حادة أمام المحاكم، وشهدت آلية النظر فيهما الكثير من التقلبات والمفاجآت سواء أمام المحكمة الابتدائية أو في الاستئناف. ولم تخرج هذه الصيغة الثالثة عن القاعدة، فبعد توقيع المرسوم في 24 أيلول/سبتمبر، قام قاض في هاواي بتعليقه في 17 تشرين الأول/أكتوبر، كما علقته محكمة في ماريلاند. واستأنفت الحكومة هذين القرارين وقضت المحكمة العليا في نهاية المطاف بنفاذ المرسوم، لكن بدون البت في جوهره. - "إرهابيون أجانب" - هذا ما يضفي أهمية بالغة على جلسة الأربعاء التي ستمنح فيها فترة كلام متساوية تماما لكل من محامي الحكومة والمحامي الذي سيمثل ولاية هاواي التي تقدمت بالشكوى. ويعتبر البيت الأبيض أن المرسوم حول الهجرة يندرج تماما ضمن صلاحيات الرئيس التي حددها الكونغرس، والتي تعطيه الحرية الكاملة في تشديد المراقبة على حدود الولايات المتحدة إذا رأى ضرورة لذلك تحت شعار حماية الأمن القومي. ويردد ترامب أن المرسوم يهدف إلى منع دخول "إرهابيين أجانب" إلى البلاد. غير أن أخطر الهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة منذ اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 نفذها إما أميركيون أو مواطنون قادمون من دول غير تلك المستهدفة بالمرسوم. ويشمل الحظر اليمن وسوريا وليبيا وإيران والصومال وكوريا الشمالية، وتم شطب تشاد مؤخرا عن قائمة هذه البلدان بعدما كانت مدرجة عليها. وسيحاول محامي هاواي نيل كاتيال حتما أن يثبت وجود أفكار مسبقة ضد المسلمين في نوايا ترامب، مستشهدا في ذلك بوعده الانتخابي القاضي بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وهو تصريح أثار في حينه موجة تنديد عمت العالم. كما سيذكر بأن ترامب نقل في تشرين الثاني/نوفمبر تغريدة تتضمن مقاطع فيديو معادية للمسلمين نشرتها زعيمة تنظيم بريطاني من الفاشيين الجدد. من جهتها، أكدت الرابطة الأميركية للحريات المدنية التي تتصدر حملة التصدي للنص أن "المرسوم حول الهجرة هو على لسان ترامب نفسه حظرا على المسلمين". - إزالة الأفكار المسبقة المعادية للمسلمين - غير أن الحكومة تعلمت من أخطائها خلال الخلاف المستمر منذ 15 شهرا، ووضعت الصيغة الثالثة للمرسوم بحيث يبدو أقل استهدافا للمسلمين بصورة مباشرة. كما حرصت السلطات الأميركية على إرفاق بنود المرسوم بالدوافع وتكييفها لكل من البلدان المستهدفة. وأوضح خبير مسائل الهجرة الأستاذ ستيفن يال لور أن "المحاكم تفوض الرئيس عادة مسائل الهجرة، لأن الهجرة هي من شأن الخارجية والأمن القومي. لكن المحاكم تضع كذلك حدودا لهذه السلطة". وأضاف "أيا كان قرار المحكمة، ستترتب عنه عواقب كبرى للأميركيين والمهاجرين والرئيس". وتصدر المحكمة العليا قرارها بحلول نهاية حزيران/يونيو.سيباستيان بلان © 2018 AFP
مشاركة :