احتلت روسيا عصب الدائرة الهادفة إلى خلق قنوات من التواصل بين إسرائيل وإيران، فبعيدًا عن تبادل الاتهامات المعلن بين حكومتي طهران وتل أبيب خلال الآونة الأخيرة، تكشفت حالة التقارب المفاجئة بين الجانبين ربما بمبادرة إيرانية، وظهر التجاوب الإسرائيلي السريع معها عند مغازلة تل أبيب لوزير الخارجية جواد ظريف، خلال زيارته الأخيرة لنيويورك؛ إذ وصفه موقع "دبكا" المحسوب على اليمين الإسرائيلي المتطرف بـ"الدبلوماسي الماهر والنشيط"، وأشار الموقع في تقريره إلى أنه "لم تمر 24 ساعة على وجود ظريف في نيويورك، إلا ودعا عددًا كبيرًا من وسائل الإعلام الأمريكية، للإدلاء بحزمة تصريحات، يعبر فيها عن وجهات نظر معتدلة حيال ما يؤرق إسرائيل، لا سيَّما التواجد العسكري الإيراني في سوريا". ولم يكن موقف وزير الخارجية الإيراني أقل تجاوبًا من نظيره الإسرائيلي، لا سيَّما أنه بعث من نيويورك برسالة تطمين لإسرائيل، استبعد فيها -بحسب حواره مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية- اندلاع مواجهة عسكرية بين بلاده وإسرائيل، سواء من داخل الأراضي السورية أم من خارجها، ملمحًا بذلك إلى عناصر حزب الله، التي ألمح إلى إمكانية انسحابها قريبًا من سوريا. واستكمالًا لرسائل تطمين الدولة العبرية، قال وزير الخارجية الإيراني لوسائل إعلام أمريكية، إن القوات الإيرانية تتواجد في سوريا لمكافحة العناصر المتطرفة فقط، وإنه لا توجد لإيران أي مطالب إقليمية حيال سوريا، لا سيَّما أن القوات الإيرانية في سوريا لم ترفع في يوم من الأيام العلم الإيراني على أي مكان تتواجد فيه، على حد تعبيره. وفيما يخص قوات حزب الله في سوريا، أوضح ظريف أن تواجدها مرتبط بالدفاع عن أمن سوريا الوطني، وكذلك الأمن اللبناني، مشيرًا إلى أنه إذا لم يكن هناك داع لتواجد عناصر حزب الله في سوريا، فسوف تنسحب على الفور. وفي محاولة للتعتيم على دائرة التواصل بين إسرائيل وإيران، أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بتصريحات تغاير المواقف غير المعلنة بين الجانبين، وقال: "سمعت التصريحات المعتدلة التي أطلقها ظريف، لكن الفجوة كبيرة جدًا بين التصريحات وواقع ممارسات الحرس الثوري الإيراني، الذي يدفع قواته إلى الأمام لمجابهة إسرائيل، بهدف إبادتها. لست متفائلًا بتصريحات ظريف على الإطلاق". لكن محاولة التعتيم الإسرائيلي تبددت، حينما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية واقع التواصل على الأرض بين إسرائيل وإيران بوساطة روسية، مشيرة إلى إجراء أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي بتروشيف مباحثات منفردة مساء، أمس الثلاثاء، في منتجع سوتشي مع نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيتان بن ديفيد، ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شامخاني. ووفقًا لمعلومات نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" حول اللقاء، استهدفت المباحثات "تهدئة الخواطر" بين إيران وإسرائيل، على خلفية تبادل الاتهامات والتصريحات العنيفة التي انطلقت من طهران وتل أبيب خلال الآونة الأخيرة. ونقلت الصحيفة العبرية بيانًا رسميًا عن المجلس الأمن القومي الروسي جاء فيه: "جرت المباحثات في مدينة سوتشي، وبحث نيكولاي بتروشيف مع المسؤولَين الإسرائيلي والإيراني تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط". وأشار تقرير "يديعوت أحرونوت" إلى أن بتروشيف زار إسرائيل نهاية يناير الماضي، وهدفت الزيارة في حينه إلى منع قصف إسرائيل لمنشآت إيرانية في سوريا.
مشاركة :