برلين (أ ف ب) - تزور المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة في محاولة أوروبية أخيرة لمنع اندلاع حرب تجارية بين ضفتي الاطلسي وانقاذ الاتفاق النووي الايراني. ومن المتوقع ان تتخذ رحلة ميركل شكل زيارة عمل أكثر بكثير من تلك التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي نجح في بناء علاقات ودية مع ترامب رغم التباين الكبير في مواقفهما. ويتعارض استقبال ترامب المليء بالحفاوة والعناق لماكرون بشدة مع مناسبة جرت في البيت الابيض في آذار/مارس العام الماضي عندما تجاهل الرئيس الاميركي على ما يبدو عرض ميركل لمصافحته خلال مؤتمر صحافي في البيت الابيض. ورغم أسلوب ميركل الأكثر رزانة، سيكون هدفها هو ذاته الذي دفع ماكرون الى زيارة واشنطن اي إقناع ترامب بالتراجع عن تهديداته بفرض تدابير عقابية قد تشعل حربا تجارية عبر الأطلسي والغاء الاتفاق النووي الايراني. وأعلن سيد البيت الأبيض الشهر الماضي عن فرض رسوم نسبتها 25 بالمئة على الفولاذ و10 بالمئة على الالمنيوم، مشيرا إلى أن الواردات الأجنبية تضر بالأمن القومي الأميركي عبر تقويضها الانتاج المحلي اللازم من أجل الجهوزية العسكرية. ودفعت ردود فعل حلفاء واشنطن الغاضبة ترامب إلى منح شركاء رئيسيين كالاتحاد الأوروبي استثناء مؤقتا تنتهي مدته في الأول من أيار/مايو. وعشية زيارة ميركل إلى واشنطن، تضاءلت آمال برلين بأن يتم اعفاء الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية التي تعهد ترامب باتخاذ اجراءات انتقامية لمواجهتها. وقال مصدر في الحكومة الألمانية "علينا أن نتوقع فرض الرسوم في الاول من ايار/مايو. ومن ثم سنرى كيف سنتعامل معها". - اتفاق منفصل - ويخيم على اللقاء موعد 12 أيار/مايو وهو التاريخ الذي اعطاه ترامب للدول الاوروبية لجعل الاتفاق النووي الموقع مع ايران عام 2015 اكثر قساوة وتشددا. ووصف ترامب الاتفاق الذي ساهمت ألمانيا في التفاوض عليه بانه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، مطالبا بإصلاح "العيوب الكارثية" الواردة فيه. وسعى الاتحاد الأوروبي وغيره من القوى الموقعة إلى إقناع ترامب بعدم التخلي عن الاتفاق، محذرين بأنه يشكل أفضل وسيلة لمنع الدخول في سباق تسلح نووي في المنطقة. واقترح ماكرون فكرة التوصل إلى اتفاق منفصل لتقييد برنامج ايران للصواريخ البالستية ودعمها لمجموعات مسلحة في الشرق الأوسط. وأصرت وزارة الدفاع الألمانية على أن "الأولوية القصوى تكمن في المحافظة على الاتفاق النووي الحالي" في حين اعتبرت ميركل أن البرنامج الصاروخي الايراني يشكل "مصدر قلق" كذلك. ولن يساعد اضطراب العلاقات بين الزعيمة الألمانية المخضرمة وترامب -- نجم تلفزيون الواقع سابقا --المحادثات. - "شريك صعب" - ولطالما وبخ ترامب أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي على خلفية العجز التجاري الضخم بينها وبين الولايات المتحدة وانفاقها الضئيل للغاية على الدفاع المشترك في حلف شمال الأطلسي. وانتقد ميركل كذلك لفتحها حدود ألمانيا منذ العام 2015 أمام التدفق الضخم للاجئين الذين شكل المسلمون غالبيتهم في وقت استقبلت المستشارة بأسف قرار ترامب الانسحاب من معاهدة باريس للمناخ. وأشادت ميركل مرارا بالمنظومة الدولية المبنية على قواعد للتعامل مع مشاكل عالمية انطلاقا من النزاعات والإرهاب ووصولا إلى الدمار البيئي، وهو ما يتناقض بشكل كبير مع شعار "أميركا أولا" الذي يروج له ترامب. وأفاد مركز ابحاث "صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة" أن "انغيلا ميركل تتعامل مع ثالث رئيس أميركي في ولايتها الطويلة كمستشارة لألمانيا". وأكد "ليس سرا بأنها تعتبر رئيس البيت الأبيض الحالي +شريكا صعبا+" مشيرا إلى أن "عودتها إلى واشنطن هذا الأسبوع ستكون بجميع المقاييس بمثابة عرض العاب خفة للتعامل مع العديد من القضايا في وقت واحد". وأكدت ميركل التي أقامت علاقات قوية مع سلفي ترامب باراك أوباما وجورج بوش الابن هذا الأسبوع على أنها ترغب رغم الخلافات بالمحافظة على الشراكة الاستراتيجية الراسخة بين برلين وواشنطن. وقالت إن "التحالف عبر المحيط الأطلسي يعد بالنظر إلى التطورات غير الديموقراطية الكثيرة في هذا العالم كنزا عظيما أريد بكل تأكيد أن أرعاه وأعززه". وأشارت صحيفة "برلينر تسايتونغ" إلى المهمة الدبلوماسية الصعبة التي أمام ميركل بالقول "سيكون من الصعب عليها السير على خطى ماكرون بالتصرف وكأنهما أفضل الاصدقاء (هي وترامب)، لكنها تحتاج إلى استراتيجية". فرانك زيلير © 2018 AFP
مشاركة :