تحتفل منظمة الصحة العالمية سنوياً في الثاني من مايو باليوم العالمي للربو، والذي يعتبره الاختصاصيون من الأمراض المزمنة والمزعجة، لأن أي مثير بسيط يؤدي إلى حدوث نوبة من أعراض المرض، والتي يمكن أن تكون قوية أو متوسطة أو ضعيفة، ولكن في النهاية تمثل حالة من الضيق للشخص المصاب.تعرض المصاب بهذا المرض إلى دخان سيجارة يمكن أن يسبب له أزمة، وكذلك الأتربة والغبار ودخان الطبيخ والقلي بالزيت، فأي نشاط بسيط للرياح أو حتى حبوب اللقاح، كلها عوامل تساعد على حدوث نوبة الربو.يمكن أن يمثل الربو مصدر إزعاج بسيط للبعض، ولكنه يصبح أزمة صحية كبيرة لدى البعض الآخر، ويعوق عن القيام بالأنشطة اليومية المعتادة، بل يصل الأمر إلى أن تتحول نوبة الربو إلى خطر حقيقي يهدد حياة الشخص المصاب.وتكمن مشكلة مرض الربو في عدم توفر إمكانية علاجه الدائم، وفي نفس الوقت يسهل السيطرة على أعراضه من خلال بعض الأدوية والعلاجات، وتتعدد وتتغير عوامل وأسباب الربو، ومن الضروري مساعدة الطبيب لمعرفة المسببات والأعراض للنجاح في وصف العلاج المناسب للحالة.وتشير أحدث إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي 250 مليون شخص يعانون مرض الربو على مستوى العالم، ويعد أكثر الأمراض المزمنة تفشياً بين الأطفال، يظهر مرض الربو في كل الدول سواء الغنية أو المتوسطة والفقيرة، ولكن غالبية الوفيات الناتجة عنه تكون في البلاد الفقيرة والمنخفضة الدخل.ونتناول في هذا الموضوع الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة بمرض الربو، والأعراض التي تظهر والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، مع تقديم سبل الوقاية وطرق العلاج المنزلية والدوائية. ضيق الممرات الهوائية يصنف الربو على أنه مرض رئوي مزمن، ويهاجم الأشخاص في كل الفئات العمرية، ولكنه يفضل إصابة الأطفال في المراحل المبكرة، ويصيب الممرات الهوائية في الرئتين، مما يؤدي إلى حدوث التهابات مستمرة وضيق في المجاري الهوائية.وتصبح هذه الممرات حساسة للغاية وتتفاعل مع أي مثير يمر من خلال الهواء إلى هذه الممرات، وسرعان ما تنتفخ وتعوق تدفق الهواء إلى الشعب الهوائية، بالإضافة إلى حالة الشد التي تصيب العضلات المحيطة بالممرات الهوائية، مما يسبب مزيداً من التضييق وزيادة أعراض الربو.وتقوم الخلايا الموجودة بالممرات الهوائية أيضاً بإنتاج كميات كبيرة من البلغم أو المخاط، كردة فعل لجهاز المناعة لمهاجمة الأجسام الغريبة التي تحسست منها الممرات الهوائية، وهو ما يقود إلى ضيق أكثر في هذه الممرات، وصعوبة بالغة لمرور الهواء عبرها، وبالتالي يصاب الشخص بنوبة شديدة تحتاج إلى تعامل سريع معها.وينتج عن هذه التأثيرات السابقة نوبات حادة ومتكررة من ضيق بالتنفس، وسماع أصوات صادرة من الصدر، وحالة من السعال الشديد والمستمر في محاولة لتسليك الممرات الهوائية من الانسداد، سواء بفعل الالتهابات أو البلغم، لتمرير الهواء إلى الرئتين.ويصدر عن هذه الحالة ردود فعل وأعراض هذا النوع من الحساسية «الربو» وتهيج الجهاز التنفسي، وتتنوع نوبات الإصابة بالربو في قوتها ومدى تكرارها بين الحالات المختلفة، ويعتبر الأطفال هم الفئة الأكثر إصابة بهذا المرض.ويمكن أن تظهر أعراضه أكثر من مرة خلال اليوم، وتكون شديدة أثناء الليل وخلال ممارسة الأنشطة البدنية أو الرياضية، مما يؤدي إلى حدوث حالة من الأرق، وأيضاً التعب في النهار والتغيب عند المدرسة والعمل.ويسهل السيطرة على الربو بالأدوية، كما تعمل طرق الوقاية على التقليل من مثيراته وبالتالي التخفيف من شدته، وتتنوع مصادر العلاج لتوفر تعايش وحياة أحسن نسبياً. أمراض الجهاز التنفسي كشفت دراسة هولندية جديدة عن وجود علاقة بين أمراض والتهابات الجهاز التنفسي في الصغر، وبين ارتفاع خطر الإصابة بمرض الربو وتضرر الرئة في المستقبل، وشملت الدراسة 155 ألف طفل أصيبوا بأمراض الجهاز التنفسي العلوي في عمر 5 سنوات.تنوعت هذه الأمراض بين الإصابة بنزلات البرد والتهاب الأذن الوسطى والتهاب البلعوم والتهاب اللوزتين والتهاب الجيوب الأنفية والتهاب الحنجرة، وهي الأمراض المنتشرة في هذا العمر، وتم تقسيم هؤلاء الأطفال إلى مجموعات.ولاحظ الباحثون أن هناك مجموعات من هؤلاء الأطفال ارتفعت لديهم فرص الإصابة بمرض الربو في وقت لاحق، وكان هذا الارتفاع بنسبة من 2 إلى 5 أضعاف من الذين لم يعانوا أمراض الجهاز التنفسي.جاءت نتائج هذه الدراسة لترجح من الفرضيات التي تشير إلى أن الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي في وقت مبكر سوف يؤدي إلى تطور أمراض الجهاز التنفسي على المدى الطويل وغالباً ما يكون بعد سن البلوغ. تلوث الهواء يتوفر مجموعة من المسببات والعوامل التي تحفز على الإصابة بهذا المرض، ولكن لا يوجد سبب محدد يمكن القول إنه أساس الإصابة بهذا المرض، ولكن هناك مزيج من العوامل الوراثية والبيئية مجتمعة تؤدي إلى هذه الحالة.تعد الأنفلونزا ونزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي والرئة من المسببات، وكذلك التعرض لتيارات الهواء البارد والرياح الجافة والتقلبات الجوية السريعة والمفاجئة، وأيضاً ممارسة التمارين الرياضية الشديدة والمجهدة.تلوث الهواء والمواد الموجودة في الجو وتسبب التهيج للرئة، ومنها أدخنة السجائر وعوادم السيارات، والضباب الحامل لأدخنة المصانع، والغبار والأتربة وحبوب اللقاح، ويؤدي وبر الحيوانات الأليفة إلى هذه المشكلة، والروائح الشديدة والنفاذة مثل البنزين والمواد الكيميائية والأبخرة، وجراثيم العفن وعث الغبار.تسبب بعض أنواع من الأدوية والعقاقير هذه المشكلة، ومنها مضادات الالتهاب غير الستيرودية والأسبرين والإيبوبروفين والنابروكسين وحاصرات البيتا.كما يعلب داء ارتجاع المريء دوراً في الإصابة بالربو، وفيها تزيد مشكلة رجوع أو ارتداد الحمض من الأمعاء إلى المريء، وثبت أن المواد الحافظة التي تضاف إلى الكثير من الأطعمة الجاهزة تسبب تحفيز ظهور مرض الربو.ويشير المتخصصون إلى أن التعبير الشديد عن مشاعر الخوف والغضب، بالإضافة إلى الصراخ والبكاء والضحك، يمكن أن يكون له دور في الإصابة بمرض الربو. العامل الوراثي يتوفر مجموعة من العوامل الأخرى التي تزيد من فرص الإصابة بمرض الربو، ومنها العامل الوراثي والتاريخ المرضي في العائلة، ومرض البدانة، والتدخين سواء السلبي أو الإيجابي، واستخدام مواد كيميائية مهيجة للجهاز التنفسي مثل مواد زراعة الشعر ومركبات تثبيت الصبغات وأيضاً مواد إزالة طلاء الأظفار.إصابة الشخص بنوع آخر من الحساسية كالتهاب الجلد أو حساسية التهاب الأنف، تساعد على الإصابة بالربو، والأشخاص الذين يعملون في مهن تعرضهم باستمرار لأبخرة العوادم في المصانع والورش. السعال وضيق التنفس تظهر مجموعة من الأعراض على الأشخاص المصابين بمرض الربو، وتختلف من حالة إلى أخرى حسب شدة الإصابة وصحة المريض، يمكن أن تظهر الأعراض عن ممارسة الرياضة أو أثناء الليل.ويمكن أن تتكرر نوبات الأعراض في اليوم أو تكون قليلة الحدوث، ومنها السعال الحاد وضيق في التنفس وصوت صفير يصدر من الصدر، وألم وضيق في الصدر وحالة من الأرق واضطرابات النوم.تزيد أعراض الربو وتسبب إزعاجاً كبيراً وتوتراً، مع صعوبة أكثر في التنفس ويحتاج المريض لأجهزة التنفس السريعة، وتؤدي التمارين في الهواء الجاف والبارد إلى زيادة الحساسية. الابتعاد عن المثيرات تمثل الوقاية أسلوباً جيداً في هذا المرض لتقليل نوبات الربو، والابتعاد عن كل المثيرات التي يمكن أن تهييج الجهاز التنفسي وتسبب هذه النوبة من الحساسية، كما يفضل علاج أمراض البرد للتخلص من التهابات الجهاز التنفسي.وتتوفر مجموعة من الأدوية لتخفيف حدة الأعراض والتقليل من مدة النوبة، وحتى الآن لا يوجد علاج يمكن أن يحقق الشفاء التام لمرض الربو، فقط الأدوية للتحكم في الأعراض والتعايش مع المرض.يجب تجنب كل ما يثير نوبات الربو ولا بد أن يعرف المصاب العوامل التي تثير لديه أزمة الربو، أما الأدوية فتشمل موسعات الشعب الهوائية، وتساعد على الاسترخاء لتسهيل دخول وخروج الهواء، وأيضاً هناك طارد للبلغم للتخلص من حالة ضيق الممرات الهوائية والتي تثير الأزمة، كما يتم وصف مضادات الالتهاب عموماً والتي تعمل على التخلص من التهابات الشعب والممرات الهوائية باستمرار، وتقلل من دور جهاز المناعة الذي يسبب هذا التحفز والالتهاب. العلاج بالدودة الطفيلية نجحت دراسة أمريكية حديثة في التوصل إلى علاج جديد استطاع أن يقضي على مرض الربو لدى الفئران المصابة، وذلك من خلال نوع من البروتين الناتج من دودة طفيلية، وهذه النتيجة سوف تفتح الباب أمام تطوير علاجات جيدية يمكنها التخلص من بعض أنواع من الحساسية وأمراض المناعة الذاتية.قامت الدراسة بعمل اختبار على تركيبة جديدة لأحد البروتينات الموجودة لدى الديدان الشصية الطفيلية، وبينت النتائج القدرة على علاج الالتهابات الناجمة لدى الفئران والتي هي السبب الرئيسي في حدوث الربو.كما قام الباحثون بتجربة هذا البروتين على خلايا بشرية داخل المختبر، وهي خلايا تم استقدامها من أشخاص يعانون الربو، وكانت النتيجة جيدة أيضاً حيث استطاعت التخلص من الالتهابات.أكدت الدراسة، أن هذه النتائج مشجعة وتقترب من تطوير علاج يمكن استخدامه من خلال جرعة واحدة، وسوف يتم اختبار فاعليته على تجارب سريرية لمرضى الربو وأمراض أخرى لاضطراب المناعة.أجريت تجارب سابقة لكشف فاعلية ديدان الشصية في معالجة الالتهابات الناتجة عن الداء البطني الناجم عن حساسية القمح، وتبين أن البروتينات التي تصنعها هذه الديدان تساعد على تحويل الخلايا التائية في جهاز مناعة الشخص المصاب إلى خلايا مضادة للالتهابات.وكشفت الدراسة أن هذه الطريقة تحمي الأمعاء من الالتهابات الحادة، بالإضافة إلى الممرات الهوائية في الرئتين وهي أساس مرض الربو، حيث تعتبر هذه الآلية منظماً جيداً لعمل المناعة.
مشاركة :