تركيا والإسلام السياسي ... الصوفي الإخواني

  • 5/4/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تحولت تركيا سياسياً بصورة لافتة للشرق الأوسط بعد فشل «الربيع العربي»، وكانت الدوافع لذلك الطموح لإعادة هيبة العثمانيين والإخلاص للأناضول. وسوقت تركيا لنفسها كإحدى الديموقراطيات الرائدة وكنموذج اقتصادي يمكن استنساخه عربياً وفق معطيات «الخلافة الإسلامية» بصورة أكثر عصرية مع تنظيم جماهيري إسلامي عابر للحدود القومية والتوافق الأيديولوجي الذي يرجع إلى القاهرة فترة 1927 وقيام جمعية الشبان المسلمين حيث وضع الأساس الإمام حسن البنا رحمه الله، حيث قال: «الإخوان المسلمين يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم».وعلى هذا الأساس نفهم التقارب بين أنقرة والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، ولكن هذا التقارب لا يرقى إلى مصاف التحديات الضاغطة على السياسة التركية التي لا تخرج عن إطار الكمالية إلا بتصريحات وقفشات الرئيس أردوغان لدغدغة مشاعر المسلمين.تحديات ضاغطة على السياسة التركية1 - يهود الدونمة: أسسها سباتاي زيفي سنة 1675 وهو يهودي إسباني الأصل تركي المولد والمنشأ، حيث أعلن أنه المسيح الموعود! ولما ناقشه علماء المسلمين أظهر توبته وأعلن إسلامه ولبس الجبة والعمامة الخضراء وتقلد منصب رئيس الحجاب في القصر، وأمر أتباعه بأن يظهروا الإسلام وكانوا يدعون إلى التعليم المختلط والتحلل من القيم... ولهم صلات كبيرة بالمحافل الماسونية ويملكون جريدة واسعة الانتشار «حديت» ومجلة «حياة» ومجلة «التاريخ» وجريدة «مليت» وجريدة «جمهوريت»، وكلها تحمل اتجاهات يسارية وما زالوا يسيطرون على الإعلام والاقتصاد في تركيا ولهم مناصب في الحكومة وساهموا في إسقاط الخلافة عن طريق جمعية الاتحاد والترقي عام 1908 وبعد الحرب العالمية الأولى التي نكبت فيها السلطنة العثمانية وساهموا بتأسيس جمعية الاتحاد والترقي في أواسط العام 1971. 2 - روسيا التي لا تزال تحلم بالحكم القيصري القديم للوصول للمياه الدافئة: وحيث كان الروس يضغطون على تركيا من أجل ترسيم الحدود وإدارة شؤون المضايق البحرية في مؤتمر يالطا في فبراير 1945. كما أقدم الاتحاد السوفياتي من جانب واحد على إلغاء اتفاقية الصداقة والحياد التي وقعها عام 1925، وطالب بإنشاء قواعد عسكرية على المضايق. ولا تزال روسيا تعمل من أجل تمرير عقود الغاز وخلق استثمارات دائمة مع تركيا. 3 - ضغط الأوروبيين: عقد في 1945 مؤتمر بين أميركا وروسيا وبريطانيا، وأدركت تركيا أن المصلحة تقتضي التخلي عن نظام الحزب الواحد الذي ثبت إخفاقه في إيطاليا وألمانيا، ولا بد من تطبيق نظام الأحزاب لنيل ود أوروبا. فطالب الرئيس عصمت أينونو في العام نفسه بإصلاحات دستورية في خطابه الذي ألقاه في افتتاحه لدورة البرلمان، ثم توالت طلبات تأسيس الأحزاب مثل الحزب الديموقراطي والاشتراكي وحزب العمال والفلاحين. والغريب أن حزب الأمة ظهر عندهم هناك عام 1948 على اثر انشقاق الحزب الديموقراطي، حيث نما هذا الحزب واستحوذ الاتجاهات الدينية هناك. كما باركت أميركا فوز الحزب الديموقراطي عام 1950، حيث تعهد الحزب محاربة الأفكار الدينية المناهضة للكمالية، وكانت النتيجة أن توجهت أميركا باستثماراتها إلى تركيا بما يقدر بـ65 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية آنذاك. وما زالت الشركات العالمية العابرة للقارات، تعمل بشراهة مع مؤسسات عبدالله كولن في القطاع الخاص والعام. وأما على مستوى السياسة الخارجية يمكن القول إن في عقد الخمسينات حاولت تركيا أن تكون يد الغرب في المنطقة العربية. فقد سعت ومنذ 1951 وبجهود حثيثة، لتأسيس منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط، ولكنها أخفقت وسرعان ما عادت لتحيي آمالها من خلال «حلف بغداد» عام 1955.ورغم أن تركيا عضو في حلف الناتو منذ العام 1952، ما زال يراودها الأمل بأن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، حيث انقسم الرأي بين مؤيد ومعارض... وحجة المؤيد أن تركيا في حال قبولها عضواً ستمنع التمدد الإسلامي الأصولي في الشرق الأوسط من خلال بوابة الكمالية الحديثة والعلمانية المؤمنة! dr.aljeeran2017@gmail.com

مشاركة :