إبداعات البوابة.. "كان حلمًا" قصة قصيرة لـ"محمد توفيق"

  • 5/4/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الوقت يمر وأنا جالس أنتظر.. القطار يسير مسرعًا.. أنظر من خلال النافذة وأتذكر، لطالما كنت أجلس فى نفس المكان وأشاهد نفس المناظر، وكانت تمر لحظات الانتظار كالساعات والأيام حتى يعلن القطار عن وصوله للمحطة، أهرول مسرعًا لألملم أشيائي، فأضع الكتاب من يدى فى حقيبتى وأستعد للنزول حتى قبل أن يقف القطار، تنتابنى لهفة قوية للنزول من القطار ويعترينى الشوق فأنزل مسرعًا.. الرصيف مزدحم بالمسافرين، ليتنى أستطيع الطيران أو ليت لى القدرة على اختراق أجسام الناس فى هذا الزحام، أهرول مسرعًا ثم أجري، وها قد خرجت أخيرًا من بوابة المحطة.. أنظر أمامى لا أجد شيئًا، أقف فى مكانى متسمرًا أنظر يمينًا وشمالًا، وفجأة أسمع صوتا ينادى من بعيد متلفظًا باسمي، متلهفًا أهرول نحو الصوت كالظمآن الذى وجد ينبوع ماء فى منتصف الصحراء. داخل السيارة توجد هي، أنظر إليها من النافذة مبتسمًا وأتأملها جيدًا فتقول لى: «يلّا اركب اتأخرت ليه، وحشتنى قوي، أنا مستنياك من بدري» أدخل السيارة مسرعًا أحتضنها بلهفة وبشوق عارم، أغمض عينىّ للحظات أتمنى أن يتوقف الزمن ويسكن الكون تمامًا عن الحركة وأنا أحتضنها. أنظر إليها بتمعن شديد متفحصا تفاصيل وجهها أنظر لعينيها أتأملهما، يا إلهى كم أشتاق إلى هاتين العينين الصافيتين، المليئتين بالدفء والحنان، كم من الليالى مرت علىّ وأنا أفتقد رؤية هاتين العينين، كم من الأوقات كنت أحتاج إلى النظر إليهما، دائمًا ما كنت أغمض عينىّ وأستحضر صورتهما، أنا الآن أنظر إليهما مرة أخرى.. أنظر إليها مرة أخرى متفحصًا كل تفاصيلها كم هى جميلة، كم هى متألقة كعادتها، ابتسامتها الساحرة كالشمس التى لا تغيب أبدًا، عطرها الفواح يأخذ بالألباب، خصلات شعرها الحريرى المنسدلة على وجهها.. تبتسم هى ابتسامة رقيقة فى خجل وتقول «إيه فى إيه!!.. أنت بتبص لى كده ليه؟!» وفى هدوء تام أرد عليها بكلمة واحدة «وحشتينى». ننطلق بالسيارة متجهين إلى أين لا نعلم، ولا يهم إلى أين فنحن معا وذلك ما يهم، أجلس بجوارها أنظر إليها مبتسمًا، هذه لحظة من أجمل اللحظات السحرية التى أعيشها، فهى معى حقًا نركب معا نفس السيارة، نستمع للسيدة فيروز وصوتها المليء بالأحاسيس الدافئة، نسير بجوار البحر أستنشق نسيم البحر وأشم رائحته فى الهواء، ولكن نسيم عطرها هى أشد وأقوى تأثيرًا من نسيم البحر ورائحة اليود، الساعات معها تمر كأنها لحظات، كم كان حلمًا جميلًا يمر مسرعًا، وكعادة أى حلم فإنه ينتهى متى استيقظ الإنسان. صوت القطار يعلن دخول المحطة وها أنا أستيقظ فألملم أشيائى وأهم بالنزول، المكان مزدحم والضوضاء والصخب فى كل مكان، أنتظر حتى يهدأ المشهد تمامًا.. أمشى بهدوء حتى أخرج من بوابة المحطة، ثم أنادى على سيارة تقف بعيدًا «تاكسي».

مشاركة :