أفادت هيئة الأوراق المالية والسلع بأن «عقود المشتقات المالية» تعرّف، بشكل بسيط، بأنها أدوات مالية تمكّن المستثمر من الاتفاق مع طرف آخر على شراء أو بيع «أصل» ما، مثل الأسهم، أو السندات، أو العملات، أو السلع، أو حتى الاتفاق على الحصول على سعر فائدة معين في وقت ما في المستقبل، بسعر متفق عليه الآن، على أن يتم الدفع والتسليم في التاريخ المتفق عليه في المستقبل. وأوضحت الهيئة، في نشرة توعوية حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، أن عقود المشتقات هي ذاتها أدوات مالية، لكنها مرتبطة بأدوات مالية، أو أصول أخرى، وهي تستمد قيمتها من قيمة «الأصل» الذي ترتبط به، لذلك سميت بهذا الاسم لأنها «تشتق» أو تستمد قيمتها منه. العقود الآجلة أوضحت «الأوراق المالية» أن العقود الآجلة (Forwards): هي عقود مشتقات يتم عقد صفقاتها بين المؤسسات المالية الكبرى خارج الأسواق المنظمة (السوق خارج المقصورة)، وتكون عقوداً خاصة يتم الاتفاق على بنودها، مثل كمية الأصول المطلوب تسليمها، والسعر، وتاريخ التسليم، وكيفية التسليم، بحسب الاحتياجات الخاصة والفريدة للطرفين. ولا يطلب من أي من الطرفين دفع أي مبلغ من المال عند الدخول في العقد. العقود المستقبلية لفتت «الأوراق المالية» إلى أن العقود المستقبلية (Futures) هي نوع آخر من عقود المشتقات، وهي شبيهة بعقود المستقبليات من حيث تصميم العقد، إلا أنه يتم تداول هذه العقود في أسواق منظمة تشرف عليها الهيئات الرقابية، ولا يكون التداول مقصوراً على المؤسسات المالية الكبرى، وإنما يكون متاحاً لجميع المستثمرين صغاراً وكباراً عن طريق التداول من خلال وسطائهم. وتكون هذه العقود ذات مواصفات موحدة أو منمطة وقياسية، تقوم البورصة بتحديدها (من حيث نوعية ومواصفات وكمية السلعة التي يغطيها كل عقد). ويكون البند الوحيد الذي يمكن للمستثمر تحديده حسب رغبته، هو السعر. عقود المشتقات وتابعت: «يختلف التعامل في معظم عقود المشتقات عن التعامل في الأسهم والسندات، فالتعامل في عقود المشتقات لا يقوم على أساس قيام المستثمر، بالدفع المقدم لمبالغ نقدية عند الدخول في العقد، كما لا يقوم باسترداد أي مبلغ محدد عند نهاية فترة الاستثمار، ولا توجد عائدات مستحقة على الاستثمار في عقود المشتقات مثل التوزيعات النقدية في حالة الأسهم، أو دفعات الفوائد في حالة السندات». ولفتت إلى أنه يمكن تصنيف «عقود المشتقات» بشكل واسع إلى فئتين رئيستين: الأولى تلك التي يتم تداولها في أسواق منظمة: وهي «عقود الخيارات» و«المستقبليات». والثانية: تلك التي يتم تداولها بين المؤسسات المالية الكبرى في ما بينها خارج الأسواق المنظمة، أو ما يسمى بـ«خارج المقصورة» أو OTC: ومنها العقود الآجلة، وعقود المبادلات، وبعض عقود الخيارات. كما يمكن تصنيفها وفقاً للالتزامات التي تنطوي عليها: فمثلاً العقود الآجلة وعقود المستقبليات وعقود المبادلات، ملزمة التنفيذ على كلا طرفي العقد، أما عقود الخيارات فتنفيذها اختياري لأحد طرفي العقد. استخدامات رئيسة وعن دور عقود المشتقات في أسواق المال، أفادت الهيئة بأن هناك أربعة استخدامات رئيسة لهذا النوع من العقود: إذ يستخدم المستثمرون والتجار، وكذلك البنوك والمؤسسات المالية، هذه العقود، لتساعدهم في حماية أنفسهم ضد التقلبات غير المتوقعة في أسعار الأصول التي يقومون ببيعها أو شرائها، وذلك من خلال مساعدتهم في ضمان إمكانية بيع أو شراء «أصل» ما، بسعر معروف مسبقاً، لحمايتهم ضد المخاطر التجارية وتغير الأسعار. وتسمى هذه العملية بـ«التحوط»، وهي وسيلة لتقليل المخاطر، أو نقلها من طرف إلى آخر في السوق، وهي مشابهة لعملية التأمين. فمثلاً قد يستخدم مثل هذه العقود مزارع سيحصد محصوله من القمح في نهاية العام، وينوي بيعه، لكنه يتوقع انخفاض سعر القمح في السوق، وهنا يمكنه الدخول في عقد مستقبلي مع تاجر لبيعه المحصول بأسعار متفق عليها مسبقاً. ولفتت الهيئة إلى الاستخدام الثاني لهذه العقود، إذ إنها تساعد أسواق المشتقات في خفض كلفة الحماية من تقلبات السعر، وتخفض كلفة التداول في الأصول المبنية عليها تلك المشتقات. وأضافت «الأوراق المالية» أن وجود أدوات المشتقات يسهم كذلك في تعزيز أسواق الأدوات المالية الأخرى، إذ تسهم في تعزيز السيولة وتنشيط التداول فيها. وأما الاستخدام الرابع، فهي أنها تساعد أسواق المشتقات في تحديد ومعرفة الأسعار المناسبة للأصول المختلفة. اختلافات جوهرية وأكدت «الأوراق المالية» أن هناك ثلاثة اختلافات جوهرية بين العقود «الآجلة» و«المستقبلية»: أولها أن العقود الآجلة يتم الدخول فيها كعقود خاصة خارج الأسواق المنظمة، ولا يتم التداول فيها، ولا يتم الإفصاح عن تفاصيلها، أما عقود المستقبليات فهي عقود قابلة للتداول، ويتم التعامل فيها في الأسواق المنظمة، ويتم الإفصاح للأسواق والجهات الرقابية عن هذه التعاملات. وأضافت أنه في حالة العقود الآجلة، فإنه يتم تصميم كل عقد والاتفاق على بنوده الفريدة حسب الاحتياجات الخاصة والفريدة للطرفين، أما العقود المستقبلية فهي عقود ذات مواصفات موحدة أو منمطة وقياسية تقوم البورصة (لا الأطراف) بتحديدها، وهذا يساعد في سهولة تداول هذه العقود، ويضفي عليها طابع السيولة. ضمان الجدية وأما الاختلاف الثالث والأهم، فهو أن أهم مميزات أسواق المشتقات المنظمة، والتي يتم فيها تداول عقود المستقبليات هو وجود شركة مقاصّة تلعب دور الطرف المقابل لكل بائع أو مشترٍ في هذه العقود، وذلك لضمان تنفيذ حقوقهما، في حال حدث إخلال بالتزامات العقد من قبل أيٍّ من طرفي العقد الأصليين. وأوضحت الهيئة أنه عند الدخول في أي من هذه العقود (عن طريق تنفيذ أمر بيع أو شراء عقد مستقبلي) فإنه يطلب من كلا الطرفين في العقد، دفع مبلغ من المال، ضماناً لجديتهما (يسمى هذا المبلغ بالهامش المبدئي). وخلال ساعات التداول تتغير أسعار هذه العقود بناءً على العرض والطلب على الأصل المرتبط به العقد وعوامل اقتصادية أخرى، فتقوم البورصة في نهاية كل يوم تداول بعملية تسمى بـMarking to Market وهي عملية تسوية يومية تقوم من خلالها البورصة بقياس الأرباح أو الخسائر التي حققها كل مستثمر خلال ذلك اليوم، بناءً على تغير أسعار العقود التي استثمر فيها، فإذا حقق خسارة كبيرة يقوم وسيطه بالاتصال به فوراً ويطلب منه إيداع مبلغ ضمان إضافي (يسمى هامش التغير)، وإذا حقق أرباحاً، فإنه تتم إضافة قيمة الأرباح في حسابه. وبذلك تضمن البورصة والمقاصة عدم تراكم الخسائر على المستثمر حتى حلول تاريخ انتهاء العقد، بل تتم معالجتها بشكل يومي. أما في تعاملات العقود الآجلة، فبما أنها عادة لا تخضع لأي جهات تنظيمية، ولا توجد الآليات والضمانات الموجودة في الأسواق المنظمة، يصبح المشاركون فيها عرضة للمخاطر الناجمة عن عدم التزام الطرف المقابل بدوره في العقد (أو ما يسمى Counterparty risk)، ما قد يعرضه لخسائر كبيرة نتيجة عدم تحقيق العقد الهدف المرجو منه. تاريخ أسواق عقود المشتقات ذكرت هيئة الأوراق المالية والسلع أنه يعتقد أن أول ظهور لما يعرف حالياً بأسواق المشتقات، كان في اليابان خلال القرن الـ18، وقد كانت تستخدم في تبادل الأرز والحرير. أما أقدم سوق منظمة لتداول المشتقات في العصر الحالي فهي Chicago Board of Trade التي تأسست في الولايات المتحدة عام 1848، وكان الهدف الرئيس منها توفير مكان للمزارعين وتجار الحبوب، للتجارة في سلعهم. وقد نما بسرعة فائقة، استخدام أدوات المشتقات في أسواق البلدان المتقدمة، فمنذ بدء مقايضات أسعار الفائدة والعملات في أوائل الثمانينات، نمت سوق هذه الأدوات نمواً هائلاً، إذ تشير بعض الإحصاءات، مثل تلك التي أصدرتها مجلة «إيكونوميست» في يونيو 2011، إلى أن إجمالي حجم أسواق المشتقات العالمية المنظمة يساوي نحو 83 مليار دولار.
مشاركة :