يرى الخبراء المتخصصون في المنتجات الفاخرة أن الدمج بين تجربة المتجر الواقعية والإنترنت من شأنه هدم الصورة الحصرية والخاصة للعلامة التجارية، من خلال توافر منتجاتها للجميع وتسهيل اقتنائها عبر قنوات البيع الإلكترونية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. على الرغم من وجود مثل هذا التهديد، إلا أن تجاهل الإعلام الرقمي سيشكل تهديدا أكبر ويترك مجالا أمام المنافسين لنشر علامتهم التجارية ومنع الشركة من التفاعل مع عملائها والرد على الانتقادات، وقد ركزت الشركات التي نجحت أخيرا على إيجاد مقاربات مشتركة ومتكاملة بين العالم الافتراضي والمتاجر الحقيقية للشركة. على سبيل المثال، لجأت بعض المتاجر المتخصصة في أكثر من علامة تجارية على غرار لين كراوفورد ونيمان ماركوس، التي أطلقت قنوات إلكترونية لبيع منتجاتها منذ وقت طويل، إلى تشجيع وتمكين المستهلكين من الحصول على مشترياتهم الإلكترونية من فروع متاجرها، أو زيارة المتجر لاستبدال المنتجات أو استرداد مشترياتهم، وهي سياسة تهدف لمضاعفة الإقبال على الموقع الإلكتروني وعلى فروع المتاجر في الوقت نفسه. ستبقى الميزة الأساسية التي تنفرد بها المنتجات الفارهة، متمثلة في تجربة التسوق ضمن المتجر والتميز في خدمة العملاء، لذا تدرك كبرى العلامات التجارية الفاخرة ضرورة استقطاب المستهلك إلى المتجر للاستمتاع بهذه التجربة من أجل التأسيس لولاء يدوم على المدى الطويل، ومن هنا تبرز ضرورة أن يكون التفاعل الرقمي أداة تواصل إضافية مع المستهلك بدلا من تهديد المبيعات الحالية. من جانب آخر، هناك تناقض بين فلسفة الحصرية التي تعتمدها العلامات الفاخرة التي تقضي بالإبقاء على مسافة محددة مع العملاء للمحافظة على الصورة "الساحرة" لدى المستهلك تجاه العلامة التجارية، وبين دور وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الرقمية القائم على هدم المسافات والحواجز بين الناس وتعزيز التواصل بينهم. ترتبط مكانة العلامة التجارية وقوتها مع قدرتها على نشر سمعتها الراقية وقيمتها الرفيعة عبر تبني عدة قنوات رقمية للوصول إلى المستهلك، ويزداد الأمر تعقيدا مع تباين اختيارات فئات المستهلكين لقنوات محددة فقط، فما بين "تويتر" و"فيسبوك" و"إنستجرام" والمدونات، لجأت بعض الشركات إلى تبني استراتيجيات تواصل خاصة بكل من هذه الوسائط تختلف عن بعضها بعضا، ومن شأن هذه الاستراتيجية إتاحة عدة خيارات أمام المستهلك لتحديد قناة التواصل التي يفضلها بما يناسب شخصيته ونمط حياته، كما يمكن الشركات من التحليل الذكي لأنماط التصفح الإلكتروني من أجل بناء استراتيجيات تستهدف فئات معينة من العملاء. على سبيل المثال، تعتمد صفحة "بوربري" على المنتجات بشكل رئيس، وتستعرض مجموعات واسعة من الإكسسوارات، كالمحافظ والنظارات الشمسية، عوضا عن المنتجات الأساسية الأكثر سعرا وشهرة، كما تسلط الضوء على نفوذ العلامة التجارية في عالم الموسيقى، وهو ما لا يتم نشره في حساب الشركة على "تويتر" أو "إنستجرام"، حيث يركز حساب "بوربري" عبر "إنستجرام" أكثر على أجواء ما وراء الكواليس وجلسات التصوير الخاصة بمنتجات وعروض الشركة وصور حية من عروض الأزياء الخاصة بها، وهو ما يفضله الجمهور المهتم بالفنون والعوامل المرئية ممن يتشوقون لمتابعة أحدث التطورات والفعاليات الخاصة بالشركة، فيما تركز مدونة الشركة التي تحمل اسم "مولبري" على أسلوب الحياة وتبتعد عن استعراض المنتجات، حيث تتحدث أكثر عن توجهات الموضة وأحدث خطوط الأزياء وقصص السفر والفعاليات، وحتى وصفات لوجبات غذائية مغرية. من خلال إتاحة الفرصة أمام المستهلكين للمشاركة بآرائهم والتحدث عن نظرتهم تجاه العلامة التجارية عبر الإنترنت، باتت استراتيجيات بناء العلامات التجارية في ظل الثورة الرقمية أكثر تجزءا وتعددا من ذي قبل، ما يفرض على الشركات المتخصصة في عالم المنتجات الفارهة أن تتبنى استراتيجيات تفاعلية في بناء وتعزيز سمعتها واسمها التجاري مع عملائها واستخدام المنصات الرقمية لرفع معدلات المبيعات وتعزيز التفاعل مع المستهلك.author: ديفيد دبوا / ديبي تيوImage:
مشاركة :