العلامات التجارية والعصر الرقمي «2 من 2»

  • 12/2/2018
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

هناك علاقة قوية بين الترابط الوثيق مع المستهلكين والأداء المالي الممتاز. وعلى مدار السنوات العشر الماضية، شهدت العلامات التجارية التي حققت مراتب متقدمة في المؤشر، ارتفاعا لافتا في إيراداتها بمعدل أسرع بثلاث مرات من متوسط مؤشر S&P500، كما ارتفعت معدلات نمو أرباحها 205 أضعاف أسرع من نظيراتها. وعلى الرغم من ذلك، فقد يقول بعض المشككين إن ذلك ليس مفاجئا تماما؛ نظرا لأن المتفوقين -بحسب مؤشر ارتباط المستهلك بالعلامة التجارية- يشتملون على شركات تعتبر عمادا للاقتصاد الرقمي، مثل شركة أبل "المرتبة رقم 1 في ثلاثة من أصل أربعة بلدان"، و"جوجل" و"أمازون". وتبرز هناك فورا قيود جلية على المؤشر، فبدلا من سؤال المستهلكين عن العلامات التجارية الأكثر ملاءمة لهم، والانفتاح على أي إجابة، عرض المؤشر مجموعة منتقاة من المرشحين البارزين. ففي الولايات المتحدة -على سبيل المثال - تم تضمين 299 علامة تجارية تمثل عشرات من الفئات. وبالتالي، لا توجد هناك أي معطيات مضللة في المعلومات التي يوفرها المؤشر، فهو يرسم صورة واضحة المعالم للتوجهات الحالية في الأسواق، ولكنه لا يكشف عن اللاعبين الناشئين البارزين القابعين على الهامش. لذا، يبقى الغموض سيد الموقف بالنسبة للمستقبل. من جهة أخرى، تضم قائمة المتنافسين في المؤشر، بعض الشركات التي حققت أداء لافتا. فعلى سبيل المثال، جاءت شركة ليجو LEGO في المراكز العشرة الأولى في كل من المملكة المتحدة وألمانيا، فيما حلت في المرتبة الـ11 في الولايات المتحدة. نعتقد أن شركة ليجو اكتسبت مكانة خاصة في قلوب المستهلكين من خلال تحقيقها التوازن في مجال الابتكار؛ "حيث تدمج بين اللعِب الرقمي والمادي" والموثوقية، "فهي لم تبتعد عن منتجها الأصلي". كما تتفوق شركة ليجو أيضا في مجال التفاعل مع العملاء، من خلال منتديات مجتمعية توفر الفرصة للمستخدمين لتقديم أفكار لمنتجات جديدة، وتطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي الآمنة للأطفال. وفي المملكة المتحدة، جاءت شركة لاش Lush المختصة بمستحضرات التجميل، في المرتبة الـ16، بجانب علامات تجارية عالمية راسخة، مثل "نايكي"، و"ديزني"، و"أوبر" "كما تفوقت بثلاث مراتب على الشركة المنافسة لها، "بينيفت". ونرى أن ترابط "لاش" بالمستهلكين، يأتي نتيجة الانطباع القوي الذي تتركه في المستهلكين حول مناصرتها للقضايا الهادفة؛ إذ تعمل الشركة بكل فخر وعلانية، على دعم قضايا اجتماعية بارزة، مثل حماية الحيوانات والبيئة وحقوق الإنسان. وفي الولايات المتحدة، تبوأت علامة لاصق الجروح "باند إيد" Band-Aid مرتبة غير متوقعة وهي رقم 24، كما تفوقت على جميع العلامات التجارية في خانة "أنا أثق". بشكل عام، نميل إلى ربط التقارب مع التقنيات المتطورة تلقائيا، لكن علبة الضمادات المتواضعة والموثوقة في صندوق الإسعافات الأولية، يمكن أن تتمتع بصلة وثيقة بالمستهلكين. ومن المفيد أيضا مقارنة نتائج مؤشر ارتباط المستهلك بالعلامة التجارية، بقائمة أفضل العلامات التجارية العالمية الراسخة، التي تهدف إلى تصنيف العلامات التجارية وفقا لقيمتها. ومن اللافت أن نرى طيفا من العلامات التجارية التي تعد من بين العلامات التجارية الأكثر قربا من المستهلكين، ولكنها لا تتمتع بأي وجود يذكر ضمن مؤشر قيمة العلامة التجارية. وعلى الرغم من أن هذه الشركات الرقمية حديثة العهد، إلا أنها تتمتع بجموع غفيرة من المستخدمين المخلصين، إلا أن قدرتها على تحقيق الربحية غير مستقرة. وفي الوقت ذاته، فإن بعض العلامات التجارية عالية القيمة، كشركتي مرسيدس - بنز وكوكا كولا، لا تصل إلى المراتب الـ50 الأولى ضمن مؤشر ارتباط المستهلك بالعلامة التجارية، ما يدل على أن هذه العلامات التجارية تلحق بالركب ببطء. ولا نلمَح هنا أن تصنيف العلامات التجارية يجب أن يكون مبنيا على قيمتها أو على مدى تقاربها من المستهلكين؛ بل إنها ستحتاج إلى الفوز في كليهما، كي تحقق الازدهار في الأوقات الصعبة المقبلة. وبالنسبة للعلامات التجارية التي تحتل مرتبة متقدمة في جانب واحد فقط، قد يكون التعاون بين الأضداد حلا بسيطا. ومن شأن العلامات التجارية التي تتمتع بالقرب من المستهلكين لكنها لا تملك أسسا مالية متينة، أن تكتسب درجة أعلى من المصداقية مع المستثمرين، فيما تتمكن العلامات التجارية الراسخة من بعث الحياة مجددا في علاقاتها مع المستهلكين. وبالنظر إلى كلا المؤشرين، يتضح أن مكانة شركة أبل هي التي يجب على العلامات التجارية السعي إلى الفوز بها. إن الشركة التي أطلقها ستيف جوبز حققت المرتبة الأولى في كل من مؤشر ارتباط المستهلك بالعلامة التجارية، ومؤشر أفضل العلامات التجارية العالمية، لتشكل مثالا حيا على ما أشار إليه خبراء التسويق، منذ زمن طويل، لأعظم العلامات التجارية: القدرة على الإلهام، والتمكين، وتغيير معنى حياة المستهلكين في نهاية المطاف.

مشاركة :