| كتب حمود العنزي |يغيب عبدالحسين عن الشاشة الرمضانية للمرة الأولى... لكنه يبقى حاضراً! فها هي قافلة الرحمة والبهجة الروحانية، التي تزورنا عادةً في رحاب شهر رمضان، تبدأ مسيرتها المباركة في أجواء الكويت، وترسم فرحتها على وجوه الناس... كما على شاشات التلفزيون ومايكروفونات الإذاعة... ورغم غياب «بوعدنان» فإنه يزداد حضوراً في رمضان! هذه إذن هي المرة الأولى - منذ فترات طويلة - التي تخلو فيها الشاشات والإذاعات في رمضان من ضحكات فارس الكوميديا الذي رحل... الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا، الذي دأب أن يضيء الشاشة الصغيرة ببسماته العميقة وأدائه الأخاذ، ويرسل صوته «التمثيلي» عبر المايكروفون ليملأ الآذان والقلوب بإبداع الفن وملامح الجمال ويحلق بالجمهور المحب في سماء المتعة النبيلة! الغائب الحاضر «بوعدنان» من فرط شعور جمهوره وأحبائه ومتابعيه بالشوق إلى إطلالته، يظل حاضراً (بذكراه ومسيرته الإبداعية) على المائدة الرمضانية، وإذا كان لن يتمكن من تقديم أعمال جديدة، فإن أعماله القديمة التي أبدعها على مدى سنوات طوال ستظل جديدة متجددة كأنها من صنع اليوم، كما أن تلاميذه ومريديه من الفنانين الشباب سيظلون يستحضرون في أعمالهم نهجه ومدرسته المتفردة في الأداء، ليتسلل وجه بوعدنان من كل ناحية درامية، كي يثبت الحقيقة الساطعة: «أن الفن الصادق والإبداع الحقيقي لا ينصاعان للقِدم، ولا حتى للموت»! الأرشيف الإبداعي لـ «بو عدنان» في رمضان عامر بأعمال ظلت برغم السنوات باقيةً يتذكرها الناس، إلى جانب مسرحياته التي كانت تزيد فرحة عيد الفطر ألقاً وجمالاً وبهجة... فمن ينسى أعمالاً بحجم «درب الزلق» و«الأقدار» و«مذكرات بو عليوي» و«أجلح وأملح» و«سوق المقاصيص» و«عتاوية الفريج» وغيرها من الأعمال التلفزيونية التي تابعها الكويتيون والخليجيون جيلاً بعد جيل، ومن يجرؤ على نسيان الثنائيات المدوية التي شكلها الفنان الراحل مع كوكبة من رفاق دربه الذين شاركوه مهمة النحت في الصخر، لصنع وجداننا الجمعي، من بينهم سعاد عبدالله وحياة الفهد وسعد الفرج وخالد النفيسي ومحمد المنصور ومحمد جابر وغانم الصالح وغيرهم.ومن قبيل العرفان بالفضل الفني لبوعدنان، نتذكر طيفاً قليلاً من الأعمال التي تضيء الأرشيف الفني للمبدع عبدالحسين عبدالرضا في رمضان على وجه الخصوص: «مذكرات بو عليوي» إنتاج العام 1964. مسلسل إذاعي، أعاد إنتاجه التلفزيون ليكون أول مسلسل يصوره التلفزيون الكويتي... وعُرض في تلفزيون دولة الكويت، من تمثيل عبدالحسين عبدالرضا وعبدالعزيز النمش، وكان يطرح في كل يوم حدثاً وقضية محلية. «درب الزلق» يتحدث عن التثمينات... وحياة الفقراء، ويعرج على التجارة وما يكتنفها من ظروف ومفارقات، وهذا العمل لاقى نجاحاً كبيراً برغم بساطته وعفويته، وهو من تأليف عبدالأمير التركي، وإخراج حمدي فريد، وقد أُنتج في العام 1977. «درس خصوصي»وهو مسلسل كويتي من إنتاج العام 1981، ويسلط الضوء على الزواج ومشاكله، وارتفاع المهور، بجانب قصص الحب والقضايا الاجتماعية العديدة. «زمان الإسكافي» من الأعمال الدرامية التي جمعت الراحل مع الفنانة الكبيرة سعاد عبدالله، من إنتاج العام 1998، ألفه الكاتب زهير الدجيلي واخرجه عبدالعزيز المنصور. وقدم بوعدنان دور الإسكافي «معروف» الذي كان يشبه إلى حد كبير والي المدينة، وهو من قدم دوره كذلك، وتتضمَّن الأحداث مفارقات ومواقف استثنائية بسبب هذا الشبه. عبدالحسين عبدالرضا، أضحك الكثيرين وأبكاهم أيضاً... وصنع بفنه مفارقاتٍ كبيرة عاشت مع الناس طويلاً، ولعل من أكثر هذه المفارقات إبداعاً... أنه برغم رحيله يبقى حاضراً ومؤثراً وكبيراً!
مشاركة :