في كل صباح يذهب وين ويكر إلى صالة الألعاب الرياضية ويراقب قناة "سي إن بي سي" لمتابعة الأخبار المالية. وفي الآونة الأخيرة هيمن موضوع معين على جدول أعمال البث. "يبدو أن هناك اندماجا جديد على قناة سي إن بي سي كل يوم. إنه توجه مذهل"، كما لاحظ ويكر، كبير مسؤولي الاستثمار في مؤسسة التقاعد "آي سي إم أيه" ICMA-RC، وهو أيضا مدير خطة المعاشات التقاعدية. في الواقع، الحجم الإجمالي لعمليات الاندماج والاستحواذ على مستوى العالم بلغ بالفع تريليوني دولار تقريبا هذا العام، وفقًا لـ"ديلوجيك"، وهو في سبيله لتجاوز مستوى ما بعد الأزمة في عام 2015. لكن عمليات الاندماج والاستحواذ السخية تميل إلى أن تكون نذيرا كلاسيكيا من نذر آواخر الدورة. لقد تركت طفرة عمليات الاستحواذ الشركات الأمريكية فعليا مع مبالغ قياسية من الديون على ميزانياتها العمومية، وهي ديون ذات نوعية متدهورة سواء تم قياسها من خلال التصنيف الائتماني أو الحماية القانونية التي تقدمها للمقرضين. ويأتي ذلك في وقت تلاشى فيه التفاؤل بشأن حدوث نمو للاقتصادي العالمي والمتزامن الذي أنعش الأسواق في العام الماضي، في حين تأخذ الضغوط التضخمية في الارتفاع وتعكف البنوك المركزية على تشديد السياسة النقدية أو تخطط لذلك. هذا هو الخيط الثلاثي الذي قاد أندرو شيتس، الخبير الاستراتيجي الرئيس للأصول المشتركة في مصرف مورجان ستانلي، للتنبؤ بأن الأسواق تواجه في النهاية نقطة انعطاف ما بعد الأزمة هذا العام. يقول "نعتقد أن الفرصة كبيرة لأن يشهد عام 2018 الذروة الدورية للأسهم، والعوائد، وأسعار سندات الشركات، على الرغم من حفاظه على مستويات معقولة من النمو العالمي". ويبدو أن المخاوف بشأن "شيخوخة" الدورة تثقل كاهل الأسهم، حيث إن واحدة من أفضل الأرباح على مدار العام لنمو أرباح الشركات الأمريكية أخفقت في دفع مؤشر "إس آند بي 500" إلى أعلى مستوياته القياسية في أواخر كانون الثاني (يناير). فعلى الرغم من أن وول ستريت استأنفت ارتفاعها هذا الشهر، مع مواصلة الشركات إعادة شراء أسهمها في أعقاب "التعتيم" المعتاد في موسم الأرباح، إلا أن مؤشر "إس آند بي 500" لا يزال أقل 5 في المائة من ذروة كانون الثاني (يناير). في وقت سابق من هذا الشهر، كشف أحدث استطلاع للمستثمرين المؤسسين من قبل "بانك أوف أميركا ميريل لينش" أن أكثر من 40 في المائة يعتقدون أن أسواق الأسهم لن تصل إلى ذروتها حتى عام 2019 على أقرب تقدير. لكن نحو 20 في المائة يعتقدون أن قمة الدورة شوهدت في أواخر كانون الثاني (يناير)، في حين يتوقع أن يأتي التوازن في وقت ما هذا العام. ما يؤكد الشعور بأن اندفاع الربحية الذي تحقق في الربع الأول كان حدثا منعزلا هو صافي عدد مديري الصناديق الذين يتوقعون تحسنا في نمو الأرباح على مدى الـ12 شهرها المقبلة، انخفض هذا الرقم إلى مستوى متدن لم يبلغه منذ 18 شهرا ليصل إلى 10 في المائة فقط. وتراجع تفاؤل المستثمرين بشأن النمو الاقتصادي الأسرع ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أن عصفت الاضطرابات بالأسواق بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني في مطلع عام 2016. وقال جون فيل، كبير المحللين الاستراتيجيين العالميين لدى شركة نيكو أسيت مانجمنت "هذا الشعور بنهاية الدورة يسود الأسواق الآن". ويمكن رؤية وجهات النظر المتباينة حول مرحلة الدورة الاقتصادية ودورة السوق في سوق السندات. فقد ارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 3 في المائة، وذلك بفضل بيانات مبيعات التجزئة التي تهدّئ المخاوف بشأن تباطؤ الربع الأول. لكن "منحنى عائدات" سندات الخزانة الآخذ في الاستواء -وهو مقياس يراقبه بعضهم ويتمثل في انحسار الفرق بين عائدات السندات طويلة الأجل وقصيرة الأجل - كان في الماضي نذيرا بانكماش آت. يشير المستثمرون المتشائمون إلى وجود ارتفاع في تكاليف الاقتراض الأمريكية قصيرة الأجل -عائدات سندات الخزانة لأجل ثلاثة أشهر التي تجاوزت في الفترة الأخيرة عائدات الأرباح عن الـ12 شهرا السابقة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 للمرة الأولى خلال عقد- باعتباره دلالة أخرى على أن قمة الدورة تلوح في الأفق. في الواقع، هذه الشروط المشددة تثير احتمال أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو ارتكاب خطأ في السياسة إذا استمر في رفع أسعار الفائدة، حسبما قال جريجوري بيترز، مدير الصناديق في "بي جي آي إم فكسد إنكوم". فهو يقول "أعتقد أن النمو الاقتصادي بلغ ذروته، ولا أعتقد أن عائدات السندات ستتحرك أكثر من ذلك بكثير". ويضيف "نحن نقترب من الظروف الصعبة". وأصبح بعض المستثمرين أكثر حذرًا نتيجة لذلك. "بريدج ووتر"، أكبر مجموعة صناديق تحوط في العالم، قلصت رهاناتها ضد الأسهم الأوروبية، لكنها رفعت أيضا بقوة مقتنياتها من الأسهم الأمريكية، وهي الآن في مراكز صافية "مكشوفة" بالنسبة للأسهم، وفقا لرسالة موجهة للمستثمرين. مع ذلك، يعتقد كثير من المحللين والمستثمرين أن نوبة التشاؤم مبالغ فيها. ولا يزال فيكر متفائلاً بأن الاقتصاد وحركة السوق ما زال أمامهما مزيد من الوقت، ويرى أن حالة الاندماج والاستحواذ مدفوعة بالدرجة الأولى بدين رخيص وثابت وخلفية اقتصادية متينة. ويقول "سيكون من الغباء ألا نشعر بالقلق. من الواضح أن الدورة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، لكن هناك أشياء إيجابية كافية مستمرة توحي بأن الأسهم ما زالت تبدو جذابة". مثل هذا الرأي صاغه ديفيد بيانكو، كبير مسؤولي الاستثمار الأمريكي في "دويتشه لإدارة الاستثمارات". فهو يشير إلى أن الاقتصادات المتقدمة التي تقودها الخدمات يمكن أن تواجه رحلات مجهدة في سبيل النمو. أستراليا، مثلا، لم تعان ركودا منذ عام 1991، كما شهد اقتصاد المملكة المتحدة توسعًا لمدة 16 عامًا قبل وقوع الأزمة المالية. ويقول "أعتقد أن هذه الدورة ستستمر لفترة طويلة". ويضيف "انتهى سرد عام 2017 بأن كل شيء عظيم. لكننا نعتقد أن الأمور لا تزال متزنة، وهذا من شأنه أن يضمن فترة أطول من النمو". ومع أن وتيرة نمو أرباح الربع الأول قد لا تتكرر، إلا أن الأرباح ستستمر في التوسع بصورة قوية تساعد على جعل هذا الثور هائجًا لأطول فترة في التاريخ. ويتنبأ بيانكو: "أعتقد أن هذا سيحطم الأرقام القياسية".Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: روبن ويجلزويرث من نيويوركpublication date: الاثنين, مايو 28, 2018 - 20:30
مشاركة :