تستعد فرنسا، مثل ألمانيا، لسنّ قانون لمكافحة التضليل الإعلامي، وسط انتقادات متزايدة للتنديد بنصّ يعتبره معارضوه غير مفيد ويهدد بنتائج عكسية وبانتهاك الحريات. وسيناقش البرلمان مشروع القانون «ضد التلاعب بالأخبار»، في 7 الشهر الجاري، ليُطبّق بحلول موعد الانتخابات الأوروبية عام 2019. وأُعدّ القانون بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدما استُهدفت حملته لانتخابات الرئاسة عام 2017 بإشاعات عن حياته الخاصة ومزاعم بامتلاكه حساباً مصرفياً في جزر البهاماس. ويخوّل النصّ القضاء خلال الفترات الانتخابية، وقف نشر معلومات خاطئة، كما يفرض على المنصات الرقمية التزام واجب الشفافية المشددة، ويتيح وسائل لوقف بثّ شبكات تلفزة تخضع لسيطرة أو توجيه دولة أجنبية. وتتهم الحكومة الفرنسية شبكة «روسيا اليوم» ووكالة «سبوتنيك» الروسيتين بالسعي إلى زعزعة الديموقراطيات الغربية. وتندرج هذه المبادرة الفرنسية ضمن سياق دولي أوسع، على خلفية اتهام الكرملين بالتدخل في حملات انتخابية في أوروبا والولايات المتحدة، وفي حملة الاستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت). وتسعى الحكومات الأوروبية إلى إعداد ردّ على هذه التدخلات، فشكّلت الحكومة البريطانية وحدة خاصة، واستحدثت إيطاليا أداة لكشف التدخلات الإلكترونية، فيما يعتزم الاتحاد الأوروبي وضع مدوّنة «حسن سلوك». لكنه علّق على مشروع القانون الفرنسي، مؤكداً أنه لا يريد «وزارة للحقيقة» ولا يعتزم وضع قوانين في هذا الصدد. أما فرنسا فتعتزم المضيّ أبعد من ذلك، من دون أن تحذو تماماً حذو ألمانيا حيث ينصّ قانون موضع جدل على غرامات تصل إلى 50 مليون يورو على مواقع التواصل الاجتماعي. وتثير هذه المبادرة استياءً، إذ يخشى بعضهم أن توقف السلطات، تحت ستار مكافحة «الأخبار الكاذبة»، نشر معلومات قد تكون صحيحة لكنها مصدر إحراج للسلطة أو إدانة لها. وقال الأمين العام الوطني الأول للنقابة الوطنية للصحافيين فينسان لانييه: «هذا ليس مجدياً وقد يكون خطراً، إذ نتجه إلى ما يمكن أن يقود إلى رقابة». وتؤكد الحكومة أن القانون سيُرفق بمعايير تضمن «حماية شديدة» لحرية التعبير، إذ يجب من أجل تطبيقه أن يكون الخبر «غير صحيح في شكل واضح» وأن يكون بثه «مكثفاً» و «مصطنعاً». وأوضحت وزيرة الثقافة فرنسواز نيسين أن «الفكرة لا تقضي إطلاقاً بالحدّ من حرية التعبير، بل على العكس الحفاظ عليها، لأننا حين ندع أخباراً خاطئة تنتشر، فإننا نهاجم مباشرة مهنة» الصحافة. لكن مدير صحيفة «لوموند» جيروم فينوليو أشار إلى أن «الخطر جسيم»، لافتاً إلى أن «الفترات الانتخابية يجب أن تسودها حرية كبيرة، (إذ) تصدر فيها معلومات مهمة». وتابع: «علينا أن نحذر من نظام أكثر تسلطاً قد يصل إلى الحكم في فرنسا، وكيفية استخدامه للقانون». وتساءلت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن «هل تبقى فرنسا ديموقراطية، إن كمّت أفواه مواطنيها»؟ شارك المقال فرنسا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
مشاركة :