«بومبيو» صاحب الياقة الزرقاء.. بين تفكيك إيران وحرب الكافيار!

  • 6/3/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ مايقرب من 71 عاما حذر ديبلوماسى امريكى يدعى جورج كينان من ان السياسة الامريكية لن تكون كافية لتغيير الوجه " الشيوعى " للنظام السوفييتى وكأن على العالم ان ينتظر عقود حتى يرى انهيار النظام الشيوعى السوفييتى الذى انفجر من الداخل فقط كانت كلمتى السر فى هذا الانفجار هو ما سماه جورباتشوف بالبروسترويكا والجلاسنوست , فقد كان المجتمع السوفييتى يحمل فى داخله جينات انهياره وكروموسومات تفخيخه !!وقد ساعد رونالد ريجان على تحقيق " ضربة النهاية " بدعمه للمعارضين فى ( كابول ) ومواجهة الاتحاد السوفييتى فى افغانستان وليس فى " موسكو " !ومن هنا يبقى النموذج السوفييتى هو النموذج الذى يناسب كثيرا فى التعامل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية مع بعض الرتوش والتعديلات " الترامبية " !فالأنظمة و"الموديلات "الثورية التى ولدت من رحم حركات شعبية وثورية مثل الاتحاد السوفييتى السابق ( الثورة البلشفية ) وايران ( الثورة الخمينية ) تتشارك وتتشابك وتتشابه فى ملامح وجهها ( الثورى ) من تدمير مراكز القوى المستقلة والطبقة النخبوية الحاكمة ثم الاحزاب السياسية الحاكمة والمتماسكة مع سيطرة كاملة على قوات الامن والجيش ثم اجهزة قمع قوية !وهى تقريبا نفس التضاريس السياسة لملامح النظام الايرانى الحالى ,وايران رغم تعرضها لنوبات من محاولات التفخيخ من الداخل من خلال التظاهرات والاحتجاجات والاضطرابات الشعبية , الا ان النظام الايرانى السياسى تنبه واخذ حذره من لحظات السقوط فهو مجتمع منقسم الى معسكرات وجيوب تنتفض جميعها عند حدوث أى ازمة وتتحد معا فى مواجهة الطوفان القادم لانهم جميعا اصحاب مصالح فى البقاء على " نظام الملالى " او النظام الثورى او نظام الحكم الثيوقراطى !واذا كان للاتحاد السوفييتى مافيا , فان المرشد الاعلى على خامنئى والحرس الثورى والباسيج لايختلفوا عن مفهوم المافيا السوفييتية !اذ تستطيع ايران الاعتماد على 400,000 من ميليشيات " المافيا " الشيعية التى ربتها ومولتها ودعمتها لوجيستيا وعسكريا وماليا خارج البلاد وكانت الساحة السورية واليمنية والعراقية واللبنانية ( ساحات للاعداد والتدريب ) ويكفى ان دولة مثل العراق بما تمتلكه من اهمية جيوسياسية واقتصادية اصبحت الان فى " قبضة " الفصائل الشيعية المواليه لايران بعد ان اكتسب الحشد الشعبى شعبية كبيرة خلال ثلاث سنوات من حربه على تنظيم داعش حتى انه اصبح بموجب قانون صدر العام الماضى جزءا من القوات المسلحة العراقية , وقد جاءت قائمته بالمرتبة الثانية فى الانتخابات البرلمانية من خلال تحالف باسم " الفتح " بقيادة زعيم ميليشيا بدر هادى العامرى واذا كانت الولايات المتحدة قد ادرجت ثلاث فصائل شيعية عراقية مسلحة ضمن لوائح الارهاب وهم : عصائب اهل الحق وحركة النجباء وحزب الله العراقى وهم جزء من الحشد الشعبى وعناصرهم الا انهم مرشحون بقوة فى الحكومة العراقية القادمة فهذه الفصائلاصبحت قوة مسيطرة على الارض وهى تؤمن لايران خطا بريا واصلا بين يات طهران وبيروت على ضفة البحر الأبيض المتوسط فى ظل مخطط ايرانى " الكماشة االفارسية " مرورا بالأراضي السورية والعراقية لذا تسرع الولايات المتحدة الآن الى السيطرة مع قوات عراقية على الشريط الحدودى بين العراق وسوريا غرب محافظة نينوى لقطع الطريق امام الفصائل الشيعية الموالية لايران ويبقى التساؤل : هل تنجح الولايات المتحدة على انشاء قاعدة عسكرية ثابته لها فى جبل سنجار لدحض هذ الفصائل التى اعلن قيس الخزاعلى احد صقور ايران فى العراق فى بيان له بعد ادراج الفصائل الشيعية العراقية الثلاث على لائحة الارهاب : لن واشنطن ستدفع ثمن ذلك !؟ اما فى لبنان فحزب الله اللبنانى اصبح متربعا ومتمكنا من مفاصل الدولة اللبنانية ويقال ان حسن نصرالله هو الذى يديرقصر بعبدا ! بينما دخلت ايران سوريا ورفضت ان يتنازل بشار الاسد عن الحكم تحت غطاء حماية المراقد الشيعية وزجت بميلشيات وفصائل لبنانية وعراقية وباكستانية وقد حاولت ونجحت ايران فى تثبيت نفوذها فى الشرق الاوسط من بوابة سوريا والعراق ولبنان واليمن وغزة واعتمدت على استراتيجية فى منتهى الخبث والدهاء جاءت على لسان على اكبر ولاياتى المستشار السياسى للمرشد الاعلى على خامنئى عندما قال" ليس بوسعنا الا نكترث بحريق مشتعل فى منزل الجيران " وهم لايطفئون الحريق بل يحتلون البيت بمن فيه لانهم اصحاب هذا الحريق !فالحلم الفارسى يراودهم بعد ان بسطت ايران نفوذها فى دول عربية كبرى وهى التى تتوعد العرب فى ثقافتهم بالحرق والموت لذا رفعت ايران شعارات " الموت لامريكا " و" امريكا الشيطان الاكبر" منذ قيام الثورة الخمينية من على حوائطها ومساجدها عام 2015 الى " الموت للسعودية " و " السعودية الشيطان الاكبر" !!فمنذ قيام الثورة الخمينية فى 1979 التى ناصبت العداء للشيطان الاكبر الولايات المتحدة والادارات الامريكية المتعاقبة تسعى بكافة الوسائل الممكنة تغيير سلوك النظام او تغييره بالكامل فقد احاطت ادارة جورج دبليو بوش ايران ب250,000 جندى ارسلتهم الى افغانستان والعراق ودعمت بشكل واسع وكبير نشاطات المعارضة الايرانية , الا ان طهران هاجمت الجنود الامريكيين فى العراق وتلاشت المعارضة الايرانية لانها معارضة غير مسلحة وليس لها قيادة وقد كان هدف بوش من الحرب هو ضرب ايران فى العراق عبر كلمة " الديمقراطية " لكنها ادت كما نرى اليوم الى انتشار النموذج الايرانى ريما غباء كبير من صناع القرار الامريكى وعلى رأسهم جورج دبليو بوش !وعندما وصل باراك اوباما الى السلطة حاول ان يتجنب ما وقع فيه سلفة وان يعمل عكسه ويسعى الى لغة التقارب مع ايران وكتب رسائل عديدة للمرشد الاعلى وزار جون كيرى ائنذاك كان وقتها سيناتورا عام 2009 ايران وقضى وقتا طويلا كوزير لخارجية اوباما وقتا طويلا مع نظيره الايرانى محمد جواد ظريف حتى تم توقيع الاتفاقية رغم ان سلوك ايران بعد توقيع الاتفاقية لم يتغير بل استغلتها فرصة لتوسيع نفوذها وهيمنتها وايضا عدائها وعدوانيتها تجاه الولايات المتحدة لم تتغير !وقد سمح الاتفاق النووى لايران بزيادة الانفاق على الميليشيات الحليفة فى المنطقة بما فيهم اليمن لقضم مزيدا من دولة الامارات العربية بعد استيلائها على ثلاث جزر امارتية ومواجهة الشيطان الاكبر لايران اليوم وهى المملكة العربية السعودية عبر جماعات الحوثيين ضمن خطة تصدير الثورة الخومينية والهيمنة الفارسية !!وعندما جاء ترامب الى البيت الابيض اختار حكومته من الصقور التى تكره ايران وتريد التهامها ومن بينهم وزير خارجيته ريكس تليرسون صديقه الجمهورى ورئيس شركة اكسون موبيل والذى يعرف فى نفس الوقت بصداقته للرئيس الروسى فلاديمير بوتين قال ترامب عن تيلرسون : انه واحد من ابرع مبرمجى الصفقات فى العالم وسيساعد فى تغيير مسار سنوات من السياسة الخارجية الخاطئة والأفعال التى أضعفت امريك فالمسار الوظيفى لريكس تليرسون يجسد الحلم الامريكى "!!لكن اختيار تيارسون مثل فشل " الحلم " الامريكى وقد اصطدمت مواقفه فى اكثر من موقع مع تصريحات ترامب فالصفقات التجارية كانت هى التى تدير عقلية تليرسون السياسية فقد اقام صفقات نيابة عن اكسون موبيل مع روسيا معارضا العقوبات المفروضة عليها ولا تنسى انه كان مديرا سابقا لشركة نفط امريكية روسية مشتركة فاى مسار وظيفى يعنيه ترامب يجسد هذا الحلم الامريكى !!لذا كان بنفس العقلية معارضا لموقف ترامب تجاه الاتفاق النووى وكذا كان يعمل ضد حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة واهمهم السعودية ودولة الامارات العربية متقربا من الدوحة ! وكان هناك صراع خفى بين تيلرسون وولى العهد السعودى محمد بن سلمان وولى عهد ابو ظبى محمد بن زايد حتى انه حاول تليرسون اقناع وزير الدفاع الامريكى جيمس ماتيس بوحهة نظره المتمثلة فى عدم السماح لبن سلمان وبن زايد بالسيطرة على البيت الابيض عبر كوشنير الذى لعب بالفعل دورا فى اقالته !وقد كان تيلرسون لايصلح مطلقا وزيرا للخارجية رغم ماوصفه به ترامب وفشل ان يحقق اى خطوة على اى مسار لان لغة البيزنس هى التى تحرك لعابه !ولاول مرة نجد مصطلحات غريبة تدخل العمل السياسى والدبلوماسى حين وصف تيلرسون ترامب بالشخص الاحمق وحين وصف ترامب بشار الاسد بالحيوان ولم يرد بشار عليه باعتبار انها لغة متدنيه فى الحوار بين قيادات دول فى تصريحاته لقناة روسيا اليوم !بعد عام وثلاثة اشهر من تعيين تليرسون وزيرا للخارجية يتم اقالته ليتم تعيين مايك بومبيو مديرا الاستخبارات المركزية الامريكية ( سى آى ايه ) التى عين بها فى بداية 2017 فقط ليكون وزيرا للخارجية بدلا من تليرسون وهو يمثل احد الصقور الجارحة فى تجاه ايران واحد الذين يحملون مكانة كبيرة لاسرائيل فى قلبه حين التقى نتنياهو فى اول جولة خليجية واسرعها بعد قرار تعيينه وقال له : لكم مكان خاص فى قلبى !وكان ترامب قد استخدم كعادته دبلوماسية " التويتر " حين كتب عن وزير خارجيته الجديد : " مع مايك بومبيو لدينا عملية تفكير متشابهة جدا !" ويذكر ان بومبيو قد انتقد ادارة اوباما بقوة بسبب ابرام الاتفاق النووى مع ايران فجاءت مهمة بومبيو المحددة فى ذهن ترامب , ايران وحسب !واعتبره ترامب الشخص المناسب للقيام بذلك وهو يصف نفسه بانه زعيم من " ذوى الياقات الزرقاء " الذى يفضل المحادثات المباشرة وجها لوجه بعيدا عن الوسطاء او عبر الوسائط كالمراسلات او القنوات الدبلوماسية , لذا كانت تحركات بومبيو بعد يومين من قرار تعيينه تجاه اضلاع المثلث للمصالح الامريكية السعودية والاردن واسرائيل فى مواجهة مثلث الشر روسيا وتركيا وايران !وبومبيو (54 ) شخصية منضبطة مختلفة تماما عن سلفه تليرسون رغم انه عمل مثله فى البزنس حيث ترأس شركة لتصنيع معدات حقول البترول واسس شركة للطيران على الرغم انه عمل فى بداية حياته موظفا فى متجر باسكن روبنز المحلى لبيع الايس كريم وحصل على لقب " افضل موظف " وعمل محررا فى مجلة هارفارد للقانون الا انه كان سياسيا محنكا كعضو فى مجلس النواب على مدى سنوات بلجنة الاستخبارات التى كانت مثيرة للجدل وهو فى ذات الوقت عسكرى منضبط ومتميز فى الاكاديمية العسكرية الامريكية المرموقة المروفة باسم ( ويست بوينت ) وكان صعوده فى مسيرته المهنية سريعا واستغل الفرص السياسية المتاحة التى اوصلته لعتبه ترامب واعتقد انها سوف تأخذه الى عتبه " البيت الابيض " فهو شخص طموح ومدمن للعمل لكنه حذر ولانه من مواليد برج الجدى فهو يملك عقلا يعمل طوال الوقت واذا وضع شئ فى ذهنه اصر عليه وسعى للوصول اليه لذا فهو يعمل يمثابرة واصرار لتنفيذ مهمته تجاه ايران !وبعد خطاب بومبيو على اثر تعيينه اخذ هاشتاج تغيير النظام فى ايران يظهر على التويتر والامريكان يعتبرون ان انفجار الثيوقراطية الايرانية المعادية لامريكا تثير فضولهم وشهيتهم بما فيهم المعارضين من الشعب الايرانى وهم يدركون انه لن يتخلى أصحاب العمائم من الملالى والحرس الثورى والباسيج عن مكتساباتهما بسهولة وبدون سفك الدماء وايران - ترامب تختلف تماما عن ايران سلفه فقد شهدت ادارة ترامب صعودا كبيرا فى المنطقة وتراجعا داخليا وبدلا من حشد الدعم الدولى ضد نشاطات ايران الخبيثة سواء فى الداخل او الخارج استهدف ترامب الشئ الوحيد الذى كانت ايران ملتزمه به وهى شروط الاتفاقية النووية ومنذ تمزيق ترامب لها تغير الاهتمام الاعلامى العالمى بما فيها الصحافى الأمريكية عن نشاطات ايران القمعية فى الداخل وتوسعاتها الخبيثة وتمددها الثعبانى فى الخارج وزرع فصائل ارهابية مسلحة فى داخل خريطة المنطقة العربية تمهيدا لتصبح المملكة او الامبراطورية الفارسية !فى الداخل الايرانى اذا بدأت ايران باصلاح نفسها فلن يبقى منها شئ مثلما قال رجل اعمال ايرانى فالانظمة الديكتاتورية تكون فى حالة وجع خطيرة عندما تحاول اصلاح نفسها على حد تعبير الفيلسوف اليكس دى توكفيل لكن فى ذات الوقت لو ظلت ترفض الاصلاح فانها فرصة لاصطيادها فى محاولة للانقضاض عليها وهى استراتيجية بومبيو فى تقديرى الخاص لتنفيذ مهمته عبر استخدام السيناريو السوفييتى لذابدأ اللعب والمراهنة على روسيا رغم انه ممن منتقديها لكسر اضلاع مثلث الشر الذى تحتمى فيه ايران وعبر وزير الدفاع الامريكى جيمس ماتيس وتصريحه الاخير " لا توجد حاجة للمضى فة طريق مواجهة العالم فى لقاءه فى اشارة لتجاوز الخلافات الروسية الامريكية عبلر حوار مهنى فى مصلحة تطبيع اجواء التنسيق بين روسيا والولايات المتحدة مثلما قال وزير الخارجية الروسى لابروف واعتقد انه بعد هذا الضلع سيبقى الدور على تركيا خاصة وان هناك حربا اخرى سوف تديرها امريكا ضد ايران ربما تفوق مايسمى بالاتفاق النووى كشفت عنها الاندبندنت وهى حرب اقتصادية او حرب الذهب الاسود حيث يمتلك بحر قزوين 90% من الكافيار فى العالم وهو الصراع الغير معلن بين الولايات المتحدة وايران على محببة بحرقزوين وعلى الكافيار فى العالم ربما تكون من الاكلات المحببة لترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو ! واذا كانت كلاب بومبيو الكاليفورنى وعضو حزب الشاى واحد صقور الحزب الجمهورى وهى من فصيلة " جولدن ريتز يفرز " الشرسة هى نقطة ضعفه فسوف تكون ايران هى الحصان الاسود الذى اما ان يقضى عليه سياسيا او يقدمه رئيسا قادما للولايات المتحدة !

مشاركة :