يشير بحث جديد إلى أن السم الذي تنتجه بكتيريا الإشريكية القولونية يحفِّز الالتهاب في داء الأمعاء الالتهابي. قد تعود أعراض داء الأمعاء الالتهابي المؤلمة إلى سم تنتجه بكتيريا الإشريكية القولونية. يصف المصطلح داء الأمعاء الالتهابي حالة تتسم بالتهاب مزمن في الجهاز الهضمي، مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي. صحيح أن أسباب داء الأمعاء الالتهابي المحددة لا تزال غامضة، إلا أن الباحثين يعلمون أنه يعود إلى رد فعل مفرط من جهاز المناعة في الجهاز الهضمي، ما يسبب الالتهاب. يحدث رد الفعل هذا غالباً في حالة مَن يكونون أكثر عرضة جينياً لهذا الاضطراب. ولكن ثمة أيضاً عوامل بيئية تسهم في تحفيز رد الفعل المناعي هذا. ولا تزال هذه العوامل مجهولة. لكن العلماء توصلوا أخيراً، على ما يبدو، إلى اكتشاف قد يُظهر لنا أحد تلك العوامل المحفزة المحتملة. يعتقد باحثون من مركز جون إنز في نورويتش بالمملكة المتحدة، تعاونوا مع مستشفى Brigham and Women’s في بوسطن في ماساتشوستس، أن المنتجات الفرعية لسم يُدعى ميكروسين B17 قد يسبب الالتهاب في حالة داء الأمعاء الالتهابي. تُنتج ميكروسين B17 بكتيريا الإشريكية القولونية، وهي نوع من البكتيريا ينتشر غالباً في أمعاء الإنسان وعدد من الحيوانات. تفرز الإشريكية القولونية ميكروسين B17 بغية محاربة أنواع أخرى من البكتيريا في الأمعاء. نتيجة لذلك، يُعتبر سمها مفيداً على الأرجح في البحث عن مضاد حيوي جديد، علماً بأن هذا ما كان فريق الباحثين في المملكة المتحدة يسعى إلى التحقق منه منذ بعض الوقت قبل أن تتصل بهم مجموعة بوسطن. أشرف على إعداد تقرير الدارسة الجديدة شانكار س. ليير من مستشفى Brigham and Women’s، ونُشرت اكتشافاتهم في مجلة {الخلية}. أسباب داء الأمعاء الالتهابي يوضح البروفسور توني ماكسويل، الذي قاد الفريق في المملكة المتحدة، كيف وقعوا على هذا الرابط: {حدث الاكتشاف مصادفة عموماً. كنا ندرس هذا السم بسبب خصائصه المضادة للبكتيريا. واتصل بنا البروفسور ريتشارد بلومبرغ الذي يقود مجموعة بوسطن لأسباب مختلفة تماماً: ظنوا أن ثمة رابطاً بين السم وداء الأمعاء الالتهابي}. للتحقق مما إذا كان هذا صحيحاً، أجرى الباحثون تجارب مستخدمين نماذج من الفئران تعاني التهاب القولون وخلايا قولون مزروعة. كذلك صمموا نسخة اصطناعية من ميكروسين B17 بغية التحقق مما إذا كان يسبب الالتهاب في قولون الفئران. اكتشف العلماء أن ميكروسين B17 يسبب حقاً التهاب الأمعاء في النماذج الحية. وقد اعتمد هذا الالتهاب على بروتينات CD1d. بروتينات CD1d جزيئات {تشكّل الوسيط في تقديم مستضدات شحمية وشحمية سكرية} إلى الخلايا التائية، وهي نوع من كريات الدم البيضاء يؤدي دوراً أساسياً في جهاز المناعة. يفسّر البروفسور ماكسويل هذه الاكتشافات بشكل أشمل، قائلاً: {للبكتيريا التي تعيش داخلنا تأثير كبير في عافيتنا}. يضيف: {المحور هنا ليس بكتيريا الإشريكية القولونية بل السم الذي تنتجه هذه البكتيريا والذي يؤدي دوراً على ما يبدو}. يوضح الباحثون أيضاً أن {هذه البكتيريا تنتج السموم لتقتل جيرانها في حربها للسيطرة على المناطق البيئية. ولكن يبدو أن المواد الناجمة عن تفكك هذه السموم تحفز الالتهاب في الأمعاء}. علاوة على ذلك، يشير البحث إلى أن الأكسازولات الغذائية والميكروبية تسبب عموماً التهاب الأمعاء. الأكسازولات مركبات عضوية عطرية لها خصائص مضادة للبكتيريا، الفطريات، والالتهاب، ما يجعلها أساساً جيداً لعدد من المضادات الحيوية، فضلاً عن عدد من التطبيقات الأخرى. يؤكد فريد كولين، باحث يتابع دراساته ما بعد الدكتوراه في مختبر البروفسور ماكسويل وشارك في وضع تقرير الدراسة: {لا شك في أن هذه الاكتشافات تعمّق فهمنا كيفية حدوث التهاب الأمعاء المرتبط بداء الأمعاء الالتهابي وتقدّم أملاً جديداً للتوصل إلى علاج محتمل في المستقبل}.
مشاركة :