بين القلق والتوتر من تسرب خبر إصابة عمر الشريف إلى الصحافة، قضت فاتن يوم الجمعة في المستشفى إلى جانب زوجها، ورفضت أن تعود إلى البيت. غير أن أول أمر فعلته عندما استيقظت صباح السبت، أنها طلبت الجرائد اليومية وقرأتها، فلم تجد فيها أية إشارة إلى الحادث. تكرر الأمر يومي الأحد والاثنين، غير أنها فوجئت الثلاثاء بالخبر منشوراً في الصحف، ولكنها تنفست الصعداء، عندما وجدت الصيغة تقول إن الشريف صدم ذراعه بالزجاج بينما كان يفتح النافذة... وأصيب بجرح بسيط. خرج عمر من المستشفى، وعاد الزوجان إلى القاهرة، لتستأنف فاتن ارتباطاتها الفنية. عرض عليها مخرجها المحبب حسن الإمام بطولة فيلم «لن أبكي أبدا»، قصة وسيناريو محمد مصطفى سامي وحواره، وفوجئت باختيار المخرج واحدة من القضايا الجديدة على مدرسته الإخراجية، فالفيلم بعيد عن الميلودراما التي اشتهر بها، كما لا يتضمن تراجيديا عنيفة، فضلاً عن ابتعاده عن عالم الراقصات، الذي اعتاد التركيز عليه في جل أعماله السابقة. والأهم من ذلك أن بطلته تظهر بطريقة مختلفة عن ظهورها في أفلامه، فهي ليست مستكينة، بل قادرة على مواجهة كل المشاكل والصعاب وحدها، من دون وجود من يعينها على ذلك، فتواجه عالمها بلا دموع. أسعد هذا الأمر فاتن بشكل كبير، وتحمست للفيلم، الذي شاركها بطولته كل من عماد حمدي، وزكي رستم، وفاخر فاخر، ورشدي أباظة، ونجمة إبراهيم، ليحقق نجاحاً كبيراً. بعد «لن أبكي أبداً» أراد المنتج حلمي حليم، أن يجمع بين فاتن والشريف في فيلم كتب قصته، وأعدّ له السيناريو والحوار علي الزرقاني بعنوان «أرض السلام» عن كفاح الشعب الفلسطيني، ومساندة الشعب المصري له في قضيته العادلة. تؤدي فاتن دور «سلمى» الفتاة الفلسطينية، فيما يجسد الشريف شخصية «أحمد» الفدائي المصري، الذي يختبئ داخل قرية فلسطينية فتتعاون معه سلمى لينفذ عمليته الفدائية. يصور الفيلم معارك الفدائيين من أجل تحرير فلسطين والصعوبات التي يلاقونها، فتنمو علاقة صداقة ثم حب بين أحمد وسلمى. أراد حلمي حليم أن يخرج الفيلم، غير أن فاتن طلبت أن يخرجه كمال الشيخ، وأصرت عليه، فرضخ لطلبها المنتج حلمي حليم، وشارك في البطولة كل من عبد السلام النابلسي، وعبد الوارث عسر، وفايدة كامل، وتوفيق الدقن، وفاخر فاخر. ليختار البطلين بعد ذلك المخرج صلاح أبو سيف للعمل معاً أيضاً في «لا أنام» للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، سيناريو السيد بدير وصلاح عز الدين، وحوار صالح جودت. كادت فاتن تطير فرحاً عندما عرضه عليها صلاح أبو سيف، لشدة إعجابها بالرواية منذ أن قرأتها، إذ تبتعد البطلة «نادية لطفي» تماماً عن عالم فاتن حمامة الذي اعتادته في أفلامها، بشخصية جديدة لفتاة تعاني مشاكل نفسية من خلال ارتباطها بوالدها وغيرتها الشديدة عليه، فتسعى إلى إفساد زيجاته، وإبعاد كل من تزوج بهن بعد والدتها. وكانت المفاجأة أن يقدم عمر الشريف في الفيلم دور عمها، شقيق والدها الذي جسد شخصيته يحيى شاهين، وشاركتهم مريم فخر الدين، إلى جانب عماد حمدي، وهند رستم، ورشدي أباظة. نجح الفيلم نجاحاً غير عادي، على المستويات النقدية والجماهيرية، بل والمهرجانات السينمائية، وفازت فاتن حمامة عن دور «نادية لطفي» بجائزة وزارة الإرشاد «الثقافة»، فضلاً عن جائزة مهرجان المركز الكاثوليكي للأفلام المصرية. بل ووصل الأمر إلى صديقها المنتج رمسيس نجيب، الذي اقتبس اسم «نادية لطفي» ليطلقه على الوجه الجديد «بولا محمد شفيق» التي اكتشفها وقدمها في أول أفلامها «سلطان» إلى جانب فريد شوقي. غرور وصدمة سارت الحياة بين فاتن حمامة وعمر الشريف هادئة، رغم المشاكل الكثيرة التي أثيرت، وقضت الأعمال الفنية المتتالية بينهما على الخلافات، غير أن مشكلة من نوع آخر بدأت تظهر على الشريف، وهي إصابته بالغرور، خصوصاً بعد فيلمهما الثاني معاً «صراع في الميناء» وإقبال المنتجين والمخرجين عليه. هنا، تلقى ضربة موجعة فوق رأسه، آلمته بقوة، عندما عرف مصادفة أن فاتن كانت تشترط على المنتجين أن يشارك معها في أفلامها، مثلما حدث في «أرض السلام» و»لا أنام»، فتوقف إزاء نفسه في محاولة لإعادة تقييم وجوده فنياً. وجاءت الوشاية التي وشى بها أحدهم متعمداً، لتهدم طموحات النجم الفنية، وتصوراته عن موهبته، وأغضبه إحساس أن يكون ممثلا تفرضه زوجته، فلم يكن أمامه سوى مواجهة فاتن بذلك: * جبت منين الإحساس ده؟ = ده مش إحساس. دي حقيقة. * الحقيقة دي في دماغك لوحدك. = عايزة تفهميني أنه صدفة أننا نعمل تلات أفلام مع بعض ورا بعضها؟ * لا مش صدفة طبعا. ده اختيار متعمد. لأن المخرجين اللي عملوا الأفلام دي مقتنعين بموهبتك أكتر ما انت مقتنع بيها. بما فيهم يوسف شاهين أول واحد اقتنع بموهبتك من قبل ما أعرفك. * بس ده خلاني أحس بأني ممثل محتاج اللي يسنده. وانت بتقومي بالدور ده. = أولاً أنت اتولدت نجماً من أول فيلم. ثانياً المنتجون بيحبوا دايماً يستغلوا أي فرصة تنجح أفلامهم، زي فنان وفنانة بيعيشوا قصة حب، أو متجوزين، أو حتى نجحا مع بعض في تجربة فيكرروها. وبعدين انت مش عايزيني أبقى معاك في أفلامك؟ * أولا لازم تقوليها صح. مش عايز تبقى معايا في أفلامي. ثانياً أنا عايز أبقى معاكِ في كل مكان... حتى في أحلامك. اقتنع عمر الشريف بكلام فاتن، غير أنه قرر أن تكون الأولوية في ما يعرض عليه للأفلام التي لا تكون فاتن بطلتها. ورغم ذلك فإن الخلافات بينهما لم تكن فنية، بل بسبب «الغيرة» بين الزوجين. راحت فنانات يحاولن من وقت إلى آخر إثارة غيرة فاتن بكثرة امتداح الشريف، أو الالتفاف حوله في السهرات أو الحفلات. غير أنها لم تكن تلقي لذلك بالاً، إذ كانت حريصة على أن تسير بحياتهما إلى طريق السعادة. لذا أصبحت حياتها العائلية، في شبه «عزلة» عن الوسط الفني، كذلك من شقتها في «برج الزمالك» إلى «عمارة ليبون» بالزمالك أيضاً، لتعود الحياة بينهما سعيدة. غير أن ما جدد آلام الشريف، أنه فوجئ بإحدى المجلات الفنية تنشر تفاصيل الخلاف بينه وبين فاتن، مؤكدة أن مصدر المعلومات صديقهما أحمد رمزي. ما إن قرأ رمزي الخبر حتى جن جنونه، وسارع إلى إدارة المجلة، وطلب نشر تكذيب على لسانه مؤكدا أنه لا يمكن أن يفعل أي أمر في الدنيا يسيء إلى الشريف، أو يخدش صداقته به، وراح يمتدح صديقه، وهو ما نشر في المجلة فعلاً. لكن الشريف كان اتخذ قراره بمقاطعة أحمد رمزي! ورغم الصداقة التي كانت تجمع بين فاتن حمامة وأحمد رمزي، فإنها حرصت على ألا تقترب من الخلاف الذي دب بينه وبين عمر الشريف، وجعلت المقربين الآخرين يقومون بهذه المهمة، في الوقت الذي تفرغت فيه لعملها. عرض عليها المخرج صلاح أبو سيف «الطريق المسدود» إلى جانب أحمد مظهر، وشكري سرحان، وما أسعدها لجوء صلاح أبو سيف مجدداً إلى أدب إحسان عبد القدوس لكشف مشاكل المرأة وإبراز العقبات التي تصادفها في المجتمع العربي الذي يميل إلى الرجال متناسياً دورها وحقها في حياة كريمة بلا قهر أو ظلم. يقدم في الفيلم الفتاة «فايزة» التي ترغب في أن تعيش حياة نظيفة ومثالية بعيداً عن فساد أمها وشقيقاتها اللاتي سقطن في مستنقع الرذيلة بعد وفاة والدها. وكانت سعادتها مضاعفة أن تجتمع هذه القامات كافة في فيلم من بطولتها، عن رواية إحسان عبد القدوس، وسيناريو نجيب محفوظ، وحوار السيد بدير، وإخراج صلاح أبو سيف، فضلاً عن بقية أبطال الفيلم، زوزو ماضي، وتوفيق الدقن، ووداد حمدي، ورياض القصبجي، والإذاعية آمال فهمي. مفاجأة فنية وسط نشوة فاتن حمامة وفرحتها بنجاح فيلمها، إلى جوار زوجها عمر الشريف، فوجئت بمكالمة هاتفية من زوجها السابق، المخرج عز الدين ذو الفقار، والتي لم تكن المرة الأولى التي يتحدث فيها إليها باعتباره زوجها السابق، ووالد ابنتها نادية، ليتم التنسيق بينهما لرؤية طفلته. غير أنه هاتفها هذه المرة باعتباره المخرج، ليطلب إليها القيام ببطولة «طريق الأمل» الذي كتب له السيناريو ويخرجه، قصة وحوار يوسف جوهر، إلى جانب كل من أحمد مظهر، وشكري سرحان، ورشدي أباظة، وزهرة العلا، وميمي شكيب. فوجئت فاتن بطلب عز الدين، ولم تكن تتوقع ذلك منه، فترددت، ثم طلبت أن تقرأ السيناريو أولاً قبل إبداء رأيها، فسارع عز الدين بإرساله إليها. ويدور حول «سنية»، التي تعيش مع والدتها التي تعمل في حياكة الملابس لتنفق على دراسة ابنتها، لكن فجأة تمرض الأم فتكلف ابنتها بإيصال فستان إلى «مدام سطوحي» التي تدير منزلاً منافياً للآداب، وهناك يشاهد «عباس» الفتاة فيحاول التعرف إليها ليغرر بها، وتحاول معه «مدام سطوحي» لكنهما يجدا طريقها مسدوداً. تمرض الأم بشدة وتحتاج إلى أموال كبيرة للخضوع لجراحة سريعة، فتضطر «سنية» اللجوء إلى «مدام سطوحي» والعمل لديها. تتعرف إلى الشاب حسين، «قائد السرب» لكن تموت والدتها، ويداهم البوليس الوكر، ويُقبض عليها، ويدفع حسين الغرامة ويخرج سنية لاقتناعه ببراءتها، ويحاول أن يتزوجها. لكن والدته ترفض لماضيها، فيما تقع شقيقته ضحية لشاب آخر تنقذها منه سنية، وتقتله ويحكم عليها بالإعدام، لولا أن تعترف الشقيقة بما حدث، فتنال سنية براءتها، فترحب الوالدة بها. أعجبت فاتن بموضوع الفيلم غير أنها خشيت أن يسبب العمل مع عز الدين حرجاً لزوجها عمر الشريف، فقررت أن ترفض. وقبل أن تبادر بالاتصال به لتبلغه ذلك تفاجأ بالشريف يبدي رأيه في الفيلم، مؤكداً أنها لا يجب أن ترفضه لأي سبب، فما كان منها إلا أن قبلت، لتقف مجدداً إزاء كاميرا عز الدين ذو الفقار، منذ أن قدما معاً «موعد مع السعادة» قبل طلاقهما. ونجح الفيلم بشكل كبير، لتقدم بعده «حتى نلتقي» مع المخرج هنري بركات، قصة وسيناريو يوسف عيسى وحواره، إلى جانب كل من عماد حمدي، وأحمد مظهر، وعمر الحريري، والطفلة نيللي، بالإضافة إلى الفنان الكبير سراج منير. وبدأت في الوقت نفسه تصوير «الزوجة العذراء» مع المخرج السيد بدير، ومن تأليف مصطفى سامي، إلى جانب بطلي «حتى نلتقي»، عماد حمدي، وأحمد مظهر، ومعهما كل من زوزو ماضي، وعدلي كاسب. أثناء تصوير «الزوجة العذراء» وصلهم خبر رحيل زميلهم في «حتى نلتقي» الفنان الكبير سراج منير، فسقطت فاتن مغشياً عليها ونقلت فوراً إلى المستشفى، وزفّ الأطباء البشرى إلى زوجها عمر الشريف، بأنها «حامل». رغم عشق فاتن الكبير لابنتها «نادية» من زوجها السابق عز الدين ذو الفقار، فإنها كادت تطير فرحاً، عندما علمت بخبر حملها من عمر الشريف، وفي الوقت نفسه، لتخرس كل الألسنة التي أخرجت كثيراً من الإشاعات حول خلافاتهما وقرب انفصالهما: * نفسك في ولد ولا بنت. = أنا عارف انك عندك بنت. وباعتبرها بنتي بالظبط. لكن أنا نفسي في بنت منك وتكون شبه أمها. * تعرف رغم أني بحب البنات جداً. بس أنا بتمنى يكون اللي جاي ولداً. = أوعي تقوليلي يكون شبهك. = نفسي ولد وياخد أجمل ما فينا احنا الاتنين. كأن المخرج كمال الشيخ أراد أن يقدم لهما تهنئة على الحادث السعيد الذي راحا ينتظرانه، لكن بطريقته، فقرر أن يجمع بينهما مجدداً في فيلم من إنتاج حسن رمزي، بعنوان «سيدة القصر» كتبه حسين حلمي، وشاركهما بطولته كل من عمر الحريري، وستيفان روستي، وزوزو ماضي، وفردوس محمد، والوجه الجديد إلهام زكي. وبالتأكيد لم يمانع أي منهما، خصوصاً بعدما زادت ثقة الشريف في نفسه كممثل كبير، يطلب لذاته وموهبته، وهو ما أكده المخرج الفرنسي «جاك بارتييه» الذي التقي به في فندق «مينا هاوس» بالقاهرة، وطلبه للقيام ببطولة الفيلم الفرنسي التونسي المشترك «جحا» والذي سيُصوره في تونس. ولي العهد ما إن انتهى عمر من تصوير «سيدة القصر» حتى سافر إلى تونس لتصوير أول بطولة عربية بنكهة عالمية، فيلم «جحا». جسد فيه دور «جحا»، وشاركه البطولة كل من النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي، والنجمة التونسية زينة بوزايد، ولورا جازولو، فيما تولى التأليف البير أديس، والبير جوزيبوفيتشي، ودارت أحداثه حول شخصية «جحا» المأخوذة من التراث العربي، لكن من خلال وقائع تونسية. فيما كان عمر يصور بعض المشاهد الخارجية من «جحا» على شاطئ مدينة «الحمامات» في الشمال الشرقي لتونس، وصلته برقية من شقيقة فاتن: «نهنئكم بوصول ولي العهد... ألف مليون مبروك». لم يكد عمر يقرأ البرقية حتى صرخ بصوت مرتفع بين كل الفنانين الذين يعملون في الفيلم: = جالي ولد... جالي ولد... بقيت بابا. ظل عمر الشريف يتحرق شوقاً ثلاثة أشهر كاملة، طوال فترة بقائه في تونس، قبل أن يرى ابنه، الذي أطلقت عليه فاتن اسم «طارق» ليكون أول ما تقع عليه عيناه عندما عاد إلى بيته. أرادت فاتن حمامة أن تعود إلى السينما، لكن من خلال الأدب، فاشترت رواية «اللاجئة» التي تتناول واحدة من قصص البطولات لفتاة مناضلة، كتبها الكاتب إبراهيم الورداني الذي سبق وخصص العدد 63 من مجلة «أهل الفن» الصادر بتاريخ 25 يونيو 1955، للهجوم عليها هي والشريف، ونشر حواراً مطولاً مع عز الدين ذو الفقار بعد الطلاق. قررت فاتن أن تحول الرواية إلى فيلم سينمائي من إنتاجها، وبدأت التحضير له، ورصدت ميزانية 15 ألف جنيه، غير أن المنتج رمسيس نجيب، الذي اعتادت الاستعانة به لإدارة إنتاج الأفلام التي تنتجها، نصحها بألا تغامر هذه المغامرة التي ربما تعرضها للخسارة، باعتباره يعرف سوق السينما. اقتنعت فاتن بوجهة نظره، وعدلت عن إنتاج الفيلم، ما جعل إبراهيم الورداني، يعاود الهجوم عليها وعلى زوجها في حملة شعواء، ما سبب حالة من الخوف والاضطراب لها تحديداً، فعدلت عن رأيها، وقررت العودة إلى إنتاج الفيلم، وأسندت إخراجه إلى عاطف سالم، الذي كان يخرج في ذلك الوقت فيلم «شاطئ الأسرار» من بطولة عمر الشريف وماجدة. وما إن عرضت عليه فاتن الفيلم، حتى قرر أن يقبله، بل وينتجه أيضا. ابتزاز فني لم يكن عمر الشريف يتدخل في شؤون فاتن الفنية أو أعمالها السينمائية، غير أنه هذه المرة شعر بأنه جزء من الأزمة، إذ استخدمه الورداني كأداة لمهاجمة فاتن، فثار بسبب قرارها بالعودة إلى إنتاج الفيلم مضطرة، ليس من أجل إعجابها بالرواية أو أهميتها بالنسبة إلى السينما. لكن بسبب ابتزاز كاتبها، وكي لا يقال إنها خافت من الكاتب. طلب إليها أن تثبت حسن نيتها بأن تقبل تمثيل أية قصة «وطنية» أخرى كتبها إبراهيم الورداني غير هذه القصة، فهي حين رفضت تمثيلها فعلت ذلك عن إيمان واتخذت موقفاً، ولا يجب أن تتراجع عنه. كانت فاتن وقعت العقد مع عاطف سالم، وأصرت على أن تحترمه. وإزاء هذا الموقف تصلب الشريف أكثر، واشتد الخلاف، وتوقع البعض وقوع طلاق قريب، بل بين يوم وليلة، وظل الزوج يعلن موقفه بشكل لا جدل فيه، ويضع كرامته وكرامة زوجته في كفة، وتمثيلها هذا الدور في كفة أخرى، ولم ينقذ الموقف إلا انسحاب المخرج عاطف سالم، وقراره بفسخ التعاقد وتنازله عن العقد لصالح فاتن إنقاذاً لبيتها. لم يكن ما قامت به فاتن محاولة لاسترضاء إبراهيم الورداني، فقد مرّ على ما فعله نحو ثلاث سنوات، بل كان مجرد إعجاب بعمل أدبي تحمست لإنتاجه سينمائياً، فقد كانت تميل أكثر إلى الأدب لنقله إلى شاشة السينما، حتى فوجئت بما عرضه عليها زوجها السابق عز الدين ذو الفقار. اختار عز الدين ذو الفقار قصة الكاتب يوسف السباعي «بين الأطلال... اذكريني» وتحمس لها جداً، وقرر أن يحولها إلى فيلم سينمائي من إنتاجه وإخراجه، وكتب السيناريو بالمشاركة مع محمد عثمان، وكتب له الحوار يوسف السباعي. وعندما راح يختار البطلة التي يمكن أن تقدم ما يدور في رأسه، لم يجد أفضل من فاتن حمامة، التي يمكنها أن تؤدي هذا الدور، الذي يراهن عليه، بل ويراهن على الفيلم بأكمله، ليعيد الرومانسية إلى شاشة السينما. ورغم تردده، بسبب حساسية الموقف بينهما، خصوصاً بعد ان تزوج الفنانة كوثر شفيق، فإنه لم يجد بداً من عرض الدور على طليقته، ففوجئ بما لم يتوقعه. البقية في الحلقة المقبلة
مشاركة :