فتح العليم الفكي يمثل البيان الذي صدر في ختام الاجتماع الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي في العاصمة باريس، حول الأزمة الليبية، بداية حقيقية لمصالحة وطنية شاملة، إن وجدت الإرادة وصح العزم وصدقت النوايا.لقد أبدت فرنسا منذ عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند، اهتماماً منقطع النظير بالأزمة الليبية، وتقدمت بعدة مبادرات لجمع الفرقاء على مائدة الحوار؛ لإحداث اختراق حقيقي للأزمة ينتهي بالاتفاق على خريطة طريق تنتشل البلاد من دوامة العنف والاقتتال، التي تردت فيها بعد ثورة فبراير/شباط 2011.لم تكن فرنسا الدولة الوحيدة التي تقدمت بمبادرات لحل الأزمة الليبية المستعصية؛ بل كان هناك زخم في المبادرات من دول جوار ليبيا، وعواصم عربية وأوروبية انخرطت كلها في الأزمة، وجمعت أطرافها على مائدة التفاوض، وأسفرت هذه اللقاءات عن عشرات خرائط الطريق والمقترحات العلمية والعملية التي لو تم تنزيلها على أرض الواقع، لنعمت ليبيا بالأمن والاستقرار. هناك أيضاً جهود الأمم المتحدة عبر مبعوثيها اللذين بذلا جهوداً جبارة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، أسفرت في نهاية المطاف عن توقيع اتفاق الصخيرات في ديسمبر/كانون الأول 2015، الذي يعتبر أفضل صيغة لتحقيق الوفاق في ليبيا.ولكن منذ توقيع اتفاق الصخيرات ما تزال أزمة ليبيا تراوح مكانها، وجرت مياه كثيرة تحت الجسر، انتهت ولاية المبعوث الأممي مارتن كوبلر الذي شهدت حقبته توتراً مع القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، وخلفه غسان سلامة الذي ظل يقدم المبادرة تلو الأخرى، ويسابق الزمن لجعل قيام الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل نهاية العام الجاري، أمراً ممكناً. إن البنود الثمانية التي تم الاتفاق عليها في لقاء باريس، وعلى رأسها تعديل الدستور وقيام الانتخابات في العاشر من ديسمبر المقبل، والالتزام بنتائجها ظلت محل إجماع الفرقاء الليبيين والمجتمع الدولي، ولكن السؤال هو: ما الذي يعطل قيام هذه الانتخابات؟لقد شملت البنود أيضاً تشديد العقوبات على الجهات التي تعرقل العملية السياسية، وهذا يتطلب أولاً تحديد هذه الجهات ورصد مواقفها، حيث إن هناك جماعات ظلت تقف بالمرصاد لأي محاولة للمصالحة بين الليبيين، واستمرأت عملية اختطاف الدولة وإجهاض أحلام الليبيين في الحرية والعيش الكريم.ولكي لا نضع العربة أمام الحصان، على المجتمع الدولي إن كان جاداً في حربه على الإرهاب، لجم هذه الجماعات التي لن تترك الليبيين وشأنهم، ولن تسمح بإجراء انتخابات لا تتصدر هي نتائجها، مثلما حدث في انتخابات عام 2014 التي قسمت الولاء في البلاد بين برلمانين وحكومتين ما تزال ليبيا تعاني آثارها وتدفع ثمنها حتى يومنا هذا. alzahraapress@yahoo.com
مشاركة :