“يواظب البرلمان الإسرائيلي الحالي على إجراءات الضم القانوني الزاحف للمناطق (لمحتلة) وإحلال المزيد من القوانين الإسرائيلية على الضفة (الفلسطينية)، والشطب القانوني للخط الأخضر (بين منطقتي الإحتلال الأولى عام 1948 والثانية عام 1967 )”. هذا الكلام لا يقوله فلسطيني، ولا مراقب دولي محايد، بل كتبته صحيفة إسرائيلية، في إفتتاحية هآرتس يوم 1/6/2018، وهي خلاصة يجب أن يتوقف عندها أصحاب القرار الفلسطيني وصانعو برنامجها وقادة نضالها، والبحث عن فرص العمل البديلة لتطويق السياسة الرسمية الإسرائيلية التي تستغل أولاً الإنقسام والضعف الفلسطيني، وثانياً الحروب البينية العربية التي دمرت دولًا عربية وأفقدت الخليجيين قدراتهم المالية، وثالثاً سياسة الولايات المتحدة الشريك لمشروع الإحتلال والداعمة للضم والإلحاق لما تبقى من أرض فلسطين، نحو التوسع الاستعماري الإسرائيلي. سياسة حكومة المستعمرة الإسرائيلية كما تصفها صحيفة هآرتس تعمل في صالح المستوطنين ومصالحهم على مستويين: الأول تدفع إلى الأمام بمشاريع قوانين غايتها طمس التمييز بين مؤسسات الدولة الإسرائيلية وبين المستوطنات وجعلهما عنواناً واحداً لكيان سياسي واحد يتوسع، والثاني بالتوازي مع البند الأول تواصل خلق تمييز مالي واضح لصالح المستوطنات التي تحظى بتمويل حكومي أكثر سخاء بكثير وبمكانة تفضيلية حتى تكون جاذبة للمهاجرين الأجانب الجدد، ودفع سكان مناطق 48 من الإسرائيليين اليهود، كي ينتقلوا للعيش في مستعمرات مناطق 67 لما تتمتع به من إمتيازات ومخصصات وتسهيلات مغرية تفوق ما توفره حكومة نتنياهو الإستعمارية لسكان مدن ومناطق الإحتلال الأولى عام 1948. توصيف من أهل الدار أنفسهم لما يجري عندهم، وهآرتس تفعل ذلك ليس محبة للشعب الفلسطيني وحرصاً على مصالحه، بل محبة للإسرائيليين وحرصاً عليهم لأنهم سيدفعون ثمن السياسة الإستعمارية الحمقاء كما أسمتها، وتجد في الولايات المتحدة الحماية كما فعلت السفيرة الأميركية المتصهينة نيك هيلي التي إستعملت ورقة الفيتو مرتين لإحباط أي مسعى دولي يتوسل توفير الحماية للشعب الفلسطيني وردع المستعمرين الإسرائيليين عن مواصلة سياستهم المفضوحة المتطرفة المعادية لأبسط حقوق الإنسان، في قتل المدنيين بدون أي إحساس بالمسؤولية الأخلاقية وكأنهم لا ينتمون للجسم البشري وللمعايير الإنسانية، فقد قتلوا أطفالاً صغار، وقتلوا صحفيين يلبسون ما يشير إلى وظيفتهم المهنية، وقتلوا نساء وآخرهن الممرضة المسعفة رزان أشرف النجار وهي تلبس ثوبها الأبيض الدال على مهنتها. بهذا السلوك وبهذه الحصيلة من الجرائم تقول هآرتس: “إسرائيل لن يعود بوسعها التنكر للواقع، ولن تستطيع النفي أمام الأسرة الدولية أنها دولة أبرتهايد بكل معنى الكلمة”. المشروع الإستعماري التوسعي يرتكب الموبقات والجرائم الفاضحة التي تحتاج لمتابعة ليست فقط فلسطينية بل عربية وإسلامية ومسيحية من الأحزاب والنواب ومؤسسات المجتمع المدني للعمل مع نظرائهم على إمتداد العالم، لفضح السلوك العدواني الإستعماري والدفع بإتجاه معاقبته بما يستحق، كما حصل مع النازية التي تم مطاردة أفعال قياداتها ومحاكمتهم، ولازالت أفكارها منبوذة لمن يقترب من ثقافتها المعادية للسامية الشرقية، والسلوك الصهيوني الإسرائيلي لا يقلُ جُرماً وأداء وإنحطاطاً عما إقترفته النازية والفاشية بحق الشعوب الأوروبية ومن ضمنهم الطوائف اليهودية التي عانت من المحرقة والمذابح، مما يستدعي ممارسة الفعل والقانون بحق قيادات المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي في فلسطين. الجرائم التي قارفتها داعش والقاعدة يدفعون ثمنها الآن في العراق وسوريا وسيدفعون لدى باقي البلدان العربية والشعوب الإسلامية، مثلما دّفع الأوروبيون قادة النازية والفاشية بما إستحقوا ثمن ما قارفته أياديهم الملطخة بدماء الأبرياء، وسيدفع الصهاينة العنصريون أمام المجتمع الإنساني ثمن جرائمهم التي قارفوها في فلسطين وضد باقي الشعوب العربية. h.faraneh@yahoo.com * كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
مشاركة :