تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي انقساماً حاداً داخل حكومتها، بين مؤيّدي خطتها لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت) ومعارضيها، خصوصاً الوزير المكلف شؤون «بريكزيت» ديفيد ديفيس الذي هدد بالاستقالة. وأبدى ميشال بارنييه، أبرز المفاوضين الأوروبيين مع بريطانيا في ملف «بريكزيت»، انفتاحاً على أي اقتراح جديد تقدّمه لندن لحلّ مشكلة الحدود الإرلندية بعد «الطلاق»، شرط أن يجيب عن 3 أسئلة: هل هو حلّ واقعي وعملي لتجنّب المشكلة؟ هل يحترم قواعد السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي؟ هل هو قابل للحياة في كل الظروف؟». إلى ذلك، هدّد ديفيس بالاستقالة من منصبه، إذ لم تتضمّن خطة ماي تاريخاً محدداً لمغادرة بريطانيا الاتحاد الجمركي، فيما تصرّ رئيسة الوزراء على إبقاء الموعد مفتوحاً، إلى حين الاتفاق على تسوية لمسألة الحدود الإرلندية. ويحاول مؤيّدو «بريكزيت» إقناع ديفيس بالتراجع عن تهديده، لا سيّما مع استعداد الحكومة لعرض خطتها أمام مجلس العموم (البرلمان) الثلثاء المقبل، وسط «تمرّد» في صفوف النواب المحافظين الذين يطالبون ببقاء المملكة المتحدة عضواً في السوق الأوروبية المشتركة، إلى جانب نواب في حزبَي «العمّال» و «الديموقراطيين الأحرار»، ما يشكل تهديداً جدياً للحكومة. إلى ذلك، برزت الأسبوع الماضي نقطة خلاف أخرى بين ماي وديفيس الذي طالبها بتقديم وثيقة مفصلة عن «بريكزيت» إلى المفوضية الأوروبية نهاية الشهر الجاري. لكن رئيسة الحكومة تُبدي حذراً وتردداً في إنجازها، كما امتنعت عن الإجابة على سؤال حول موعد نشر هذه الوثيقة، طرحه عليها زعيم المعارضة جيريمي كوربن في البرلمان. لكن الوزير السابق لـ «بريكزيت» ديفيد جونز حضّ ديفيس على التراجع عن تهديده بالاستقالة، معتبراً أن «لا غنى عنه في المفاوضات مع الاتحاد، ولا أتصوّر مواصلتها من دونه». وأضاف: «عليه أن يبقى في موقعه، لأن استقالته في هذه الظروف تُلحق ضرراً كبيراً بالبلاد». وسرت تكهنات حول احتمال اضطرار ماي للدعوة إلى انتخابات نيابية، لدى مواجهتها البرلمان الثلثاء المقبل، إذ يستعدّ نواب عماليون لمواصلة ضغوطهم عليها، بالاتفاق مع زملاء «محافظين» يعارضون «بريكزيت». لكن الأكيد أن ماي ستكون أكثر ضعفاً، ولو نجحت في إقناع المحافظين بالتصويت لمصلحتها. وستُطرح للتصويت أمام البرلمان تعديلات أقرّها مجلس اللوردات، تقضي ببقاء المملكة المتحدة في السوق الأوروبية المشتركة بعد «بريكزيت»، مع القبول بحرية التنقل. ويُتوقع أن تنجح الحكومة في هذا التصويت، لأن كوربن لا يؤيّد مشروع اللوردات. وسيكون التصويت الثاني على البقاء في الاتحاد الجمركي. وفي هذا الإطار، يتفق «العمّال» ومشروع مجلس اللوردات، لأن كوربن مع الإفادة من الاتفاقات التجارية للاتحاد، ولا يهمّه إذا كانت ستعرقل المفاوضات مع دول أخرى خارجه. كما يؤيّد نواب محافظون هذا التوجّه، ما يعني خسارة الحكومة التصويت عليه.
مشاركة :