مع اقتراب النهاية الوشيكة للجماعة الحوثية في الحديدة وعموم مناطق الساحل الغربي لليمن، بدأ السكان في كسر حاجز الخوف من بطش عناصر الجماعة من خلال حملات لطمس الشعارات الطائفية من على جدران المدينة، بالتزامن مع إقدام الميليشيات على نصب شاشات عرض تلفزيونية في الشوارع لتخويف السكان من القوات المشتركة عبر بث مواد مصورة لمذابح ارتكبها تنظيم داعش في العراق وسوريا.في غضون ذلك، لجأ قادة الجماعة في صنعاء، إلى الترويج لانتصارات وهمية لميليشياتهم في الساحل العربي ومحافظة الجوف، في مسعى لرفع معنويات أتباعهم، في الوقت الذي شددوا على بقاء عناصرهم في الجبهات وعدم الانسحاب لقضاء أيام العيد بين أقاربهم وذويهم. وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن سكان مدينة الحديدة، كسروا حاجز الخوف من قمع الميليشيات الحوثية مع اقتراب القوات المشتركة المسنودة من قوات تحالف دعم الشرعية من الأطراف الجنوبية للمدينة، والانهيار المتواصل لعناصر الجماعة، بشن حملات سرية لطمس شعارات الحوثي الطائفية من على الجدران وواجهات المنازل والمباني.وأكدت المصادر أن عناصر من شبان المدينة المناهضين للجماعة الحوثية، نظموا حملات سرية لإزالة الشعارات الطائفية، في عدد من أحياء المدينة ووضعوا مكانها رسوما وصورا للعلم اليمني، فيما عجزت الميليشيات عن معرفة الفاعلين، على رغم التهديد والوعيد للسكان. ويرجح مراقبون، حدوث انتفاضة شاملة في أوساط سكان الحديدة، ضد الوجود الحوثي، في الأيام المقبلة، اعتمادا على انحسار مسلحي الجماعة، ودخول القوات المشتركة إلى أحياء المدينة، التي باتت تبعد عنها نحو عشرة كيلومترات فقط.وتفتقد الجماعة الانقلابية إلى وجود الحاضنة الشعبية في الحديدة، مثلها مثل بقية المدن اليمنية، إلا جبروتها باستخدام القمع المغلظ والتنكيل بالمعارضين، أجبر السكان على الخضوع، إلى جانب وجود المئات من العناصر الذين تم استقطابهم إلى صفها تحت الأغراء بالمناصب والأموال، وهي الفئة التي يتوقع المراقبون أن يسارع عناصرها إلى القفز من مركب الحوثيين وموالاة القوات المشتركة بمجرد تأكدهم أنهم باتوا في مأمن من انتقام الميليشيات.وفي مسعى حوثي يائس، نصبت الجماعة شاشات عرض تلفزيونية، في شوارع المدينة، لبث مقاطع مصورة عن المذابح التي ارتكبها «داعش» في العراق وسوريا ومحاولة تخويف السكان من مذابح مرتقبة على يد القوات المشتركة المسنودة بتحالف دعم الشرعية، إذا ما تخلوا عن مساندة الميليشيات في الدفاع عن المدينة والانخراط في صفوفها.وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الجماعة يعرضون على الشاشات التي أقاموها خطبا طائفية لزعيم الجماعة، إلى جانب مشاهد الذبح التي يحاولون من خلالها إيهام السكان بأنهم سيلاقون ذات المصير على يد من يسمونهم «بالدواعش والمرتزقة الأفارقة» في حال سمحوا بسقوط المدينة.وفي سياق التحركات الحوثية، لمجابهة الانهيار المحتوم، في جبهة الساحل الغربي، أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن رئيس الحكومة الانقلابية غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور، أمر وزير ماليته، بصرف مبالغ مالية ضخمة لإعلام خارجية الحكومة، من أجل توزيعها على موظفي الآلة الإعلامية للجماعة لرفع معنويات أتباعها، ومن أجل تكثيف الاتصالات بالمنظمات الدولية لإقناعها بممارسة ضغوط دبلوماسية تعرقل عملية تحرير الحديدة، تحت غطاء المخاوف من التبعات الإنسانية.كما دعا قادة الميليشيات المعينين في وزارة الصحة والسكان في صنعاء، إلى المبادرة بالذهاب للمستشفيات من أجل التبرع بالدم، بعد أن أوشكت الكميات المخزونة على النفاد بسبب استنزافها لإنقاذ الأعداد المهولة من جرحى الجماعة في جبهات القتال. واتقاء لسخط الموظفين الخاضعين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، أمر المشاط، بصرف نصف راتب لهم، قبل حلول العيد، وهو ثاني نصف راتب يأمر به خلال شهر، لجهة ما يرجح أنه سعي من جانب الميليشيات إلى منع انفجار حدة الغضب ضدها في أوساط الموظفين بالتزامن مع التطورات الميدانية التي تشهدها الحديدة، إلى جانب محاولة رئيس مجلس حكم الجماعة تجميل وجه ميليشياته التي ترفض دفع الرواتب في مناطق سيطرتها منذ نحو 19 شهرا.وبينما بدأت الأنباء تتوارد من الحديدة، عن بدء مغادرة موظفي المنظمات الدولية العاملة في المدينة، مع اقتراب المعارك من أطرافها الجنوبية، أكدت مصادر في الحكومة الشرعية والقوات المشتركة، أن التحالف الداعم للشرعية، يستعد عقب تحرير المدينة مباشرة لدفع رواتب الموظفين وإصلاح خدمات الكهرباء والمياه، وإعادة إعمار المدينة، وتشغيل مينائها الحيوي بطاقته القصوى.
مشاركة :