بيروت - يعاني المثليون في لبنان مضايقات تصل إلى حد الإقصاء الاجتماعي والسجن تجعلهم يخفون ميلهم الجنسي.. لكن كثيرين منهم كسروا الخوف وتحدثوا في العلن في لقاء هو الأول من نوعه في لبنان والعالم العربي. وتركزت شهادات المثليين في هذا اللقاء الذي نظمته مجموعة "بيروت برايد" لمناسبة اليوم الدولي لمناهضة كراهية المثلية الجنسية الأربعاء، على الحديث عن مشاعرهم وأيضا عن معاناتهم في مجتمع ما زال يعاملهم برفض وقسوة. وهذا اللقاء التاريخي هو الأول من نوعه في لبنان وفي العالم العربي، بحسب المنظمين والمشاركين فيه، وقد عقد في مركز "ستايشن بيروت"، وحضره نحو 250 شخصا. وقالت ليا وهي شابة مثلية "لا أحب الرجال!"، متحدثة عن انجذابها للنساء وانعدام أي انجذاب لديها للرجال، فيما تحدثت سنين عن صدمة أستاذها في الجامعة حين رآها تقبّل صديقتها. يعد لبنان من أكثر البلدان تحررا وتقبلا للمثليين مقارنة مع البلدان العربية، حيث يمكن أن تصل عقوبة المثلية في بعض القوانين إلى الإعدام. لكن الشرطة اللبنانية كثيرا ما تدهم الملاهي الليلية والأماكن الأخرى التي يُشاع أن المثليين يترددون عليها. ويندد نشطاء حقوق الإنسان في لبنان بمادة في قانون العقوبات تصف العلاقات المثلية بأنها "مخالفة للطبيعة"، وتعاقب عليها بالسجن سنة واحدة كحد أقصى. والاثنين، عاد المشاركون للتنديد بواحد من أكثر الإجراءات المهينة التي يتعرض لها المثليون، وهي الفحص الشرجي. قبل ثلاثة أعوام خضع جوزف، وهو شاب مثلي عشريني، لتحقيق قاس وهو معصوب العينين على مدى ست ساعات. وقال متأثرا أمام المشاركين في اللقاء "هددونا بأن يخضعونا لفحص شرجي وأن يضعونا في السجن". أثار هذا النوع من الفحص استياء واسعا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل في لبنان في السنوات الأخيرة، ووصف بأنه "الفحص العار". وفي العام 2012، حظرت نقابة الأطباء في لبنان على الأطباء إجراء هذا الفحص. رغم الانفتاح الذي يُعرف عن لبنان في المنطقة، ما زالت العائلات اللبنانية بمعظمها عائلات محافظة. ويروي محمد كيف تلقت عائلته خبر ميله الجنسي المثلي كوقع الصاعقة، وكيف صاح به والده "نحن عائلة رجال..إن بقيت هكذا سنطردك". وبعدما اقترح الوالد على ابنه أن يكثر التردد على المساجد، أجبره على الذهاب إلى أطباء...لكن جهود الوالد لم تغير ميول الابن. ويقول محمود: "حاولت على مدى عام أن أكون كما يريدون، لكن ذلك كان جحيما.. وكان أمامي إما أن أغادر المنزل وإما أن أبقى وأن أكون كما يريدونني أن أكون". وبعد حديث هذا الشاب الذي شابه الخجل، ارتفعت عشرات الأكف إلى الأعلى طالبة دورا في الكلام. وروت الشابة المثلية غيدا كيف أن والدتها كانت تبكي وتقول لها "لا أريدك أن تدخلي جهنم". وأضافت: "كان ذلك يكسر قلبي"، لأنها تخاف علي. إضافة إلى التأثير الذي تفرضه العائلات على أبنائها، تتمتع السلطات الدينية الإسلامية والمسيحية بتأثير اجتماعي واسع. والأحد، ألغي مؤتمر عن المثلية كان مقررا عقده في بيروت بعد ضغوط مارستها هيئة دينية إسلامية هددت بالتظاهر في موقع المؤتمر. لكن السلطات لم تعارض إقامة المؤتمر، وهذا بحد ذاته تطوّر كبير، كما يرى هادي دميان منظّم "بيروت برايد". وتقول سنين: "إنها المرة الأولى التي يمكننا أن نتحدث فيها بهذا الشكل في بيروت، كلما تحدثنا أكثر كلما أوصلنا صوتنا أكثر".
مشاركة :