تحقيق - أحمد سيـد : استوعب القطاع العقاري صدمة الحصار الجائر على قطر في أقلّ من شهرين، ليستعيد عافيته بعدها ويحقّق معدلات نمو طبيعية منذ إعلان الحصار وحتى الوقت الراهن، ليشهد السوق العقاري تصحيحاً سعرياً ساهم في استقراره إلى حدّ كبير. وبعد مرور عام من الحصار لابدّ من استخلاص الدروس التي شهدها القطاع العقاري، لتحقيق الأهداف المرجوة في هذا القطاع الواعد الذي يُعتبر أحد المصادر المهمة لتنويع مصادر الدخل وتأسيس صناعات مغذية تدور حول صناعة العقار. وقد بلغت جملة التداولات العقارية منذ فرض الحصار وحتى نهاية أبريل الماضي، وفقاً للإحصاءات العقارية الصادرة عن وزارة العدل، نحو 26.8 مليار ريال، مسجلة بذلك ارتفاعاً على أساس سنوي بنسبة 3 %، قياساً بذات الفترة من يونيو 2016 وحتى أبريل من العام الماضي. كما قفزت الصفقات العقاريّة بنسبة 8 % مرتفعة من 3380 صفقة عقارية خلال الفترة من يونيو 2016 إلى أبريل 2017 لتصل إلى مستوى 3653 صفقة عقارية خلال فترة الحصار من يونيو 2017 إلى أبريل 2018. وأجمع خبراء العقار الذين التقت بهم « الراية الاقتصادية» أن أهمّ الدروس المستفادة من الحصار تتلخص في أهمية الاستثمار في قطر أولاً قبل الاستثمار في الخارج بشكل عام، لاسيما مع سوق عقاري متنامٍ لا يزال يحتاج إلى مزيد من الوحدات العقارية على اختلاف فئاتها، مستفيداً من المشاريع الحكومية ومشاريع المونديال التي تحافظ على ديمومة القطاع العقاري. كما دعا الخبراء إلى أهمية دراسة الأسواق التي تتوجه لها الاستثمارات القطرية في الخارج، فهذه من أهم الدروس المتحصلة من الحصار الجائر، فغياب القانون والإدارة المؤسسية كان من أسباب ضياع حقوق واستثمارات المستثمرين القطريين في دول الحصار الخليجية، والتي ترصدها بشكل مستمر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، مطالبين بضرورة توجه المستثمرين القطريين إلى الدول التي تحترم القانون وتنفذه مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة وغيرها من دول العالم التي تصون الحقوق وتحفظ العقود. تعديل واقعي أكّد الدكتور عبدالعزيز الحمادي الرئيس التنفيذي لمجموعة دلالة القابضة، أن القطاع العقاري القطري لم ينهرْ بعد إعلان الحصار كما كانت تتوقع دول الحصار، ولكنه شهد استقراراً وحالة من الترقب في أول شهرين من الأزمة، ثم عاود مساره الطبيعي بعد ذلك وحتى اليوم. وقال إنّ السوق العقاري لم يشهد ركوداً بل شهد تعديلاً صحياً وواقعياً يتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها المنطقة والعالم من هبوط أسعار النفط وتقليص بعض الأعمال والوظائف، وهذا أمر حدث في جميع دول الخليج ومنها قطر، لافتاً إلى أن التصحيح السعري الذي شهده السوق العقاري ساهم في نمو التداولات خلال عام الحصار، فقد أظهر مؤشر أسعار العقارات الصادر عن مصرف قطر المركزي استقراراً في أسعار العقارات خلال الربع الأول من العام الجاري، وذلك على وقع استمرار وتيرة النمو في الاقتصاد الوطني والتطوير المستمر للتشريعات الاقتصادية، الأمر الذي أفضى إلى استقرار سيولة السوق العقاري ومستوياته السعرية، حيث سجل مؤشر أسعار العقارات بنهاية الربع الأول من العام الجاري مستوى 252.08 نقطة مقارنة مع مستوى بلغ 252.78 نقطة بنهاية 2017. وأضاف إن الفترة الحالية التي يشهد فيها السوق العقاري استقراراً وأسعاراً واقعية ومقبولة يعتبر فرصة مثالية للمستثمرين، ومن يبتعد عن السوق العقاري في الفترة الحالية سوف يخسر مستقبلاً. وشدّد الدكتور عبدالعزيز الحمادي على ضرورة تحصيل الدروس المستفادة من أزمة الحصار وأهمها هو الاستثمار في قطر التي لا تزال سوقاً جاذبة لمختلف أنواع الاستثمارات وخاصة الاستثمار العقاري، وكذلك في الصناعات المغذية لهذا القطاع الحيوي مثل مواد ومعدات البناء بكل أنواعها، لاسيما مع توجه الدولة نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاعتماد على الذات في مختلف القطاعات والصناعات، مؤكداً أنه يطالب باستمرار ومن قبل الحصار الجائر بضرورة الاستثمار في قطر التي تتميز بعوائد مجزية ومعقولة. نمو تدريجي وتوقّع أن يشهد القطاع العقاري نمواً تدريجياً مع بدء تطبيق قانون تملك العقارات لغير القطريين، منوهاً إلى أن القانون سوف يستقطب مستويات سيولة كبرى إلى السوق العقاري المحلي مما سيعزز جاذبية السوق العقاري، ودعم قطاعات واسعة كالمقاولات والإنشاءات وكافة الجهات ذات الصلة بالقطاع العقاري. ودعا الحمادي المستثمرين القطريين الراغبين في الاستثمار الخارجي، إلى أهمية التوجه للدول التي تعتمد على العمل المؤسسي وتحترم القوانين، بحيث تحمي استثماراتها من أي تلاعب أو ابتزاز كما حدث في دول الحصار. وقال إن ارتفاع أسعار النفط لن يؤثر على السوق العقاري، كما يتوقّع البعض، فما زال هناك تحفظات في أسواق الطاقة، كما أن السوق له آلياته الطبيعية التي نراها حالياً، لكن هناك عوامل أخرى يمكن التنبؤ من خلالها بأن السوق العقاري مقبل على الصعود مجدداً خلال الفترة القادمة بعد انتهاء فترة الإجازات والأعياد، ومنها متانة الاقتصاد القطري واستقرار سعر صرف العملة، لافتاً إلى ثقة المؤسسات المالية العالمية في الاقتصاد القطري، حيث استقبلت البورصة منذ فترة ثلاثة مليارات دولار استثمارات من محافظ أجنبية. أسعار مستقرّة ويقول السيد ناصر الأنصاري رئيس شركة جست ريل استايت العقارية، إن الحصار أثبت أن الاستثمارات بشكل عام والعقارية على وجه الخصوص أكثر أماناً في قطر، فالأسعار مستقرة ونمو الأرباح يسير بشكل طبيعي ناهيك عن حفظ الحقوق والعقود، وهو أمر غير موجود في دول الحصار. وأضاف إن السوق العقاري ما زال قوياً ولا يزال يتمتع بالطلب مدعوماً بسيولة قوية في البنوك، والتمويلات العقارية تسير بمعدلها المتوازن والطبيعي، وهذه كلها عوامل تؤكّد على قوة القطاع العقاري في قطر، وهو ما انعكس في معرض سيتي سكيب الذي عقد الشهر الماضي وشهد مبيعات عديدة لشركات تطوير عقاري، ومنها جست ريل استايت التي بلغ إجمالي مبيعاتها 100 مليون ريال لمشاريعنا في جزيرة اللؤلؤة ومدينة الوسيل، وهو ما يعزز من حيوية القطاع العقاري واستقطابه للاستثمارات وتحقيق مردود جيّد للمستثمرين. وأشار الأنصاري إلى أن الحصار أشعل نهضة فكرية في المجتمع القطري، وحفز الجميع على أهمية استقلال قراره وتنمية موارد الدولة وتنميتها ذاتياً، وهو ما نشهده حالياً من إقبال غير مسبوق على تشييد المصانع والمزارع الحيوانية والنباتية لتحقق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي. وأوضح أن السوق العقاري يمر حالياً بمرحلة تصحيح سعري، بعد أن انتهت فترة المضاربات وتحقيق العوائد الضخمة في فترة وجيزة، فحالياً السوق متوازن مثله مثل أي سوق عقاري في العالم يرتفع وينخفض بمعدلات متوازنة تحقق عوائد مجزية ومستدامة للمستثمرين وفي نفس الوقت لا تكون أسعارها مبالغاً فيها، وهذه وصفة السوق الناجح الذي يخرج منه الجميع رابحاً. وتوقّع ناصر الأنصاري أن يشهد النصف الثاني من 2018 بعد انتهاء فترة الأعياد والإجازات ارتفاع التداولات تدريجياً في السوق العقاري، متأثرة بمشاريع التطوير العقاري الجديدة وارتفاع أسعار النفط واستقرار الأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى توفر السيولة في البنوك.
مشاركة :