نبارك لأهلنا في الرياض وأبوظبي»استراتيجية العزم» الطموحة، فالاستراتيجية التي تابعناها منذ الإعلان عن إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي مايو 2016 حملت لضخامتها الكثير من البشرى، عبر 3 محاور رئيسية: المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري، وبها 44 مشروعاً هي نتاج عمل 350 مسؤولاً من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية، في 12 شهراً. وفي الوقت نفسه ظهرت للمراقب وكأنها حركة نقدية تفكيكية هائلة لمنظومة مجلس التعاون الخليجي دون إلغائه، بل كإهانة مفتوحة للبروقراطية ولآليات صنع القرار وتنفيذه التشاورية البطيئة والتي تشكل السيادة الوطنية بعداً مقدساً فيها. إن «استراتيجية العزم» أتت كمخرج لمن أعياهم عوائق حالت دون تنفيذ المضي في الكثير من الخطوات التنموية الخليجية المستحقة. وفي تقديرنا أن مجلس التنسيق هو خطوة ذكية أولى لتفكيك منظمة إقليمية كهلة وإعادة تركيبها بشروط أفضل، وربما ولادة مجلس للتعاون كما طالبنا به دائماً لكن على شكل مرحلي وربما مؤقتاً بشكل ثنائي. كما أن ما يجري قد يكون مرحلة تمهيدية لخلق دائرة أخرى متداخل مع مجلس التعاون لتنضم دول أخرى في الدائرة الجديدة كمصر والأردن والعراق. وفي تقديرنا أن الشكل الجديد للتعاون الخليجي سينجح بعد نضوجه فمن عوامل نجاحه أن الموقف العسكري الخليجي في حرب اليمن قد أصبح أفضل، كما أن أسعار النفط قد قفزت بشكل كبير، بالإضافة إلى الثقل السياسي الذي ضخته إدارة ترامب لدول الخليج بعد زوال الأوبامية المترددة. وتؤكد التصريحات الرسمية في كلا البلدين أن مجلس التنسيق الجديد لن يكون بديلاً عن مجلس التعاون الخليجي الذي يضم أيضاً البحرين وقطر والكويت وسلطنة عمان. ولن يكون مجلس التنسيق معولاً لهدم مجلس التعاون كمنظمة إقليمية – كما تهتك بالوصف كاتب ذات مقالة مثقلة بالشماتة على الخليجيين – كما أنه ليس ورقة وفاة مجلس التعاون كما قال من لا يملك من أدوات التحليل إلا الشك. ولابد من الاستدراك أن عملية تنفيذ «استراتيجية العزم» انطلقت من قيم ومحفزات نبيلة وكانت ستقرأ كمكسب خليجي شامل من باب «الهقوة الطيبة»، لولا الأزمة الخليجية العاصفة التي جعلت بعض الخليجيين أنفسهم ينقض على ممارسة خطيئة سوء النية بحق أخيه الخليجي بكل لهفة. * بالعجمي الفصيح: تحتاج «استراتيجية العزم» لحملة علاقات عامة في الخليج، فماذا لو أن شاباً خليجياً لازال يحمل آخر مخزونات جمال التعاون الخليجي قاطع من ألقى بيان مجلس التنسيق بالموافقة أولاً على أن الاستراتيجية قد تكون خيار ضرورة، لكن جميع محاورها تتضمنها أدبيات مجلس التعاون ولم تتحقق بجهد ست دول، وكيف قويت النزعة الثنائية لا الجماعية بيننا في مقاربة انتقائية، وكيف تم تجاوز حقيقة أن بعض دول المجلس لن تكون قادرة على التعامل بإيجابية مع تحولات تستثنيها. ——————————————————————- د.ظافر العجمي * المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
مشاركة :