إنعاش القطاع الصناعي الأمريكي وسياسات ترامب

  • 6/24/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نواه سميث*بعد انتشار الأتمتة لم يعد قطاع الصناعة ذلك القطاع الذي يوفر أعلى نسبة من الوظائف في أي اقتصاد معاصر. ولكن حتى لو تم تنفيذ العمل في القطاع من قبل الروبوتات، فمن المهم أن يكون القطاع معافى كي يتمكن من خلق وظائف من النوع المختلف.إن كان هناك تحرك وحيد قادر على إنعاش القطاع الصناعي الأمريكي فلن يكون فرض التعرفة الجمركية جزافاً، وبدون ترو ثم القيام بإلغائها؛ لكن بما أن الرئيس الأمريكي يصر على التخبط بلا استراتيجية واضحة، من المهم طرح السؤال البعيد المدى؛ وهو ما إذا كان القطاع الصناعي الأمريكي بحاجة أصلاً إلى إنعاش؟، وإذا كان الجواب بالإيجاب، فكيف يمكن إنجاز هذه المهمة؟لا يوجد أدنى شك بأن القطاع الصناعي الأمريكي يعاني انكماشاً. ولا يقتصر الأمر على اختفاء الوظائف فيه؛ بل إن إجمالي ناتج القطاع تدنى عما كان عليه قبل عشر سنوات، ولم يحقق توسعاً يزيد على 10% منذ بداية القرن.ومثل هذه المعطيات لا تدل على قطاع معافى. ومع ذلك تدعي ورقة بحث أعدها اثنان من خبراء الاقتصاد الأمريكيين أن أداء القطاع لا يقل عن ما هو متوقع وأن الناتج الصناعي الأمريكي ارتفع منذ عام 1997 بنفس نسب الارتفاع التي تحققت في الدول المتقدمة التي لا تشمل الصين طبعاً. ويؤكد البحث أن الولايات المتحدة خسرت أكثر من 20% من حصتها من السوق العالمي؛ بسبب المنافسة الصينية التي قلصت حصص دول صناعية لها حضور قوي في الأسواق العالمية منها ألمانيا.وهذا مؤشر على أن القطاع الصناعي الأمريكي صمد بما فيه الكفاية أمام منافسة الطغيان الصيني. فقد عزز انخفاض التكاليف والعمالة ووفرة التمويل والأراضي والطاقة وتدني قيمة العملة المحلية منذ عام 2000، من قدرات الصين التنافسية إلى الحد الذي لا تستطيع أي دولة من الدول مجاراته. واليوم على الرغم من غياب معظم هذه الميزات التنافسية، وتلاشي فرص الوصول إلى سوق فيه مليار مستهلك صيني، فقد منحت تلك العوامل الصين فرصة لتكون أكبر مركز صناعي عالمي.لكن ذلك لا يعني أن تستسلم بقية الدول. فبعد انتشار الأتمتة لم يعد قطاع الصناعة ذلك القطاع الذي يوفر أعلى نسبة من الوظائف في أي اقتصاد معاصر؛ ولكن حتى لو تم تنفيذ العمل في القطاع من قبل الروبوتات، فمن المهم أن يكون قطاعاً صناعياً معافى كي يتمكن من خلق وظائف من النوع المختلف.والسبب هو أن المنتجات الصناعية بطبيعتها عالية درجة التداول.وهذا يعني أن المنتج الصناعي المعد للتصدير يدر عائدات على المواطن الأمريكي تسهم في تنشط قطاعات التجزئة والإنشاءات والسياحة والضيافة وغيرها.من جانبها ارتفعت تكاليف الإنتاج في الصين. وهناك دول أخرى تسعى لتكرار تجربة الطفرة الصينية لأعوام الألفية الأولى على أراضيها. غير أن الولايات المتحدة يمكنها إحياء مجدها الصناعي المندثر. وهذا بدوره يتطلب عنصرين؛ هما: الروبوتات والمهارات. وإذا كان لا بد للولايات المتحدة من أن تتحول إلى قوة صناعية هائلة فسوف تستقطب كميات كبيرة من الروبوتات؛ وهي لا تزال متخلفة في تصميمها وتصنيعها.ومما يثير درجة أكبر من القلق أن غالبية تلك الروبوتات تصنع خارجها.وقد أكدت أبحاث أجريت عام 2013 على أن مخرج الولايات المتحدة الوحيد للهيمنة على الثورة الصناعية الجديدة هو في أن تتحول إلى مصدر رئيسي أو وحيد للآلات التي تتطلبها تلك الثورة.ورغم أن كسب معركة الروبوتات ليس في إنتاج أكبر عدد منها؛ لأن الأهم هو نوعية الروبوت، إلا أن تخلف الولايات المتحدة لا يقتصر على الروبوت وحده؛ بل يتعداه إلى صناعة الأدوات الصناعية التي يديرها الروبوت.ونقطة الضعف الأخرى التي يعانيها القطاع الصناعي الأمريكي هي العجز في المهارات والكفاءات البشرية، خاصة في المجالات الشديدة الاعتماد على العنصر البشري.وهذا ناتج عن تآكل النظام التعليمي وسياسات الهجرة التي تحرم القطاع من الكفاءات العالمية.من هنا يمكن القول إن الرئيس ترامب يركل الصناعة الأمريكية بقدمه من خلال التضييق على استقدام الكفاءات العالمية والعمالة الماهرة.وفي ظل سياسات عقيمة كهذه يفاقم افتعال النزاعات التجارية مع دول العالم وتشديد قوانين الهجرة من أزمة الاقتصاد الأمريكي الذي هو في أمس الحاجة لتنشيط النظام التعليمي واستقطاب الكفاءات العالمية ورفع نسبة الأتمتة؛ لكن ترامب يضعه على المسار المعاكس.*بلومبيرج

مشاركة :