سلطت هيئة الإذاعة الألمانية، دويتشه فيله، الضوء على المستقبل السياسي للمستشارة أنجيلا ميركل، ووصفته بأنه قد صار في خطر. وقالت دويتشه فيله في تقرير ترجمته عاجل، السبت: إن الأزمة الحادة التي تعيشها ميركل داخل ائتلافها الحزبي "المسيحي الديمقراطي"، فضلًا عن ائتلافها الحاكم مع الاشتراكيين الديمقراطيين، ربما تعصف بسلطتها في غضون شهور قليلة. وتبقى أزمة ميركل الكبيرة في الوقت الراهن في الخلاف الكبير بينها وبين وزير داخليتها وشريكها في الائتلافين الحزبي والحكومي، هورست زيهوفر، بشأن سياسة الباب المفتوح التي تتبعها المستشارة في ملف اللاجئين. ويرفض زيهوفر الاستمرار في تطبيق سياسة استقبال اللاجئين دون قيد أو شرط، كما يرفض أيضًا استقبال أي نازح شرق أوسطي تم تسجيل اسمه في بلد آخر غير ألمانيا كلاجئ يستحق منحه إقامة، فيما تريد ميركل مواصلة سياستها المنفتحة على اللاجئين دون تعديلات جوهرية، وترفض كذلك إغلاق حدود ألمانيا أمام أي فارّ من ويلات الحروب. يرى زيهوفر أن سياسة ميركل جلبت لبلاده الإرهاب ومشاكل اقتصادية واجتماعية لا أول ولا آخر لها، بيد أن المستشارة تعتقد أنها تجنب برلين وأوروبا من خلفها كراهية متنامية من جانب شعوب تئنّ من حروب أهلية وسط عجز كبير يعانيه المجتمع الدولي الذي فشل في إنقاذها. على هذا النحو صار الخلف بين ميركل وزيهوفر علنيًا، بل إن الأخير أعدّ مسودة مكونة من 62 بندًا لسياسة ألمانية جديدة تتعلق بحقوق اللاجئين، تضرب سياسة ميركل في مقتل، تلك السياسة التي كلفت ألمانيا استقبال أكثر من مليون وربع المليون لاجئ منذ العام 2015. وتقوم المسودة في مجملها على ركيزة أساسية تتعلق بإغلاق الحدود. وزاد من تعقد موقف ميركل السياسي أنّ الضربة جاءت من شريكها السياسي المقرب زيهوفر، ما يدعم التيار الداخلي المعارض لها ليس في الحكومة وحسب، ولكن أيضًا داخل تحالفها الحزبي. وفشلت ميركل وتحالفها المسيحي في تحقيق أغلبية مريحة في الانتخابات التشريعية التي جرت سبتمبر 2017، ما أعاقها عن تشكيل الحكومة منفردة، قبل أن تدخل في تحالف مر- بالنسبة إليها- مع الاشتراكيين الديمقراطيين، كلفها تنازلات عديدة مؤلمة، كخسارة وزارة المالية مثلًا. وانعكست فاتورة التنازلات الصعبة التي سددتها ميركل بصورة سلبية على مستوى تحالفها المسيحي وحزبها المسيحي الديمقراطي؛ حيث ظهر تيار داخلي متمرد معارض في الكيانين، تجرأ- ربما للمرة الأولى- في انتقاد المستشارة وسياستها، وهو ما يقوده زيهوفر في الوقت الراهن بصلابة شديدة. ولم تجد ميركل أمام ثورة الغضب الداخلية تجاهها، إلا إعادة تشكيل الحلقة الضيقة المحيطة بها من المعاونين على أمل أن تنجح في مهمتها الخاصة باستعادة ثقة الحزب والتحالف اللذين تقودهما. إلا أنَّ إصرار زيهوفر على إسقاط سياستها بالضربة القضية قد يكلفها في حال نجاحه أن تصبح خارج دائرة السلطة والحكم. فيما يتبقى لميركل حل أخير لدعمها داخليًا، متمثلًا في اتفاقات خارجية تعقدها من النمسا وإيطاليا ودول الجوار السوري، مثل لبنان والأردن، كي تساعدها تلك الدول على استيعاب تدفق اللاجئين على أمل أن يتحسن موقفها أمام شركائها في الحكم والحياة الحزبية في برلين.
مشاركة :