يخرج المنتخب المغربي من مونديال روسيا من دوره الأول، بمشاعر متناقضة، ما بين الحسرة على أنه مر بمحاذاة تأهل كان يستحقه، بقوة ما أفرزته مبارياته الثلاث من أداء جماعي جميل وأخاذ، وما بين الفرح بأنه ليس ككل المنتخبات المنتهية أحلامها المونديالية، وهي تشنق بعبارات العتاب والتقديح ويسلخ جلدها بلا رأفة من طرف النقاد كما المناصرين، فما يجمع المغاربة اليوم فخر كبير بأن أسودهم تركوا ساحات المونديال، وقد أراقوا على أرضها الكثير من العرق، وأبداً لم يبيعوا فيها جلدهم بأبخس الأثمان، وما يتوحد فيه الأشقاء العرب، من أنه وسط عتمة الإخفاق العربي بهذا المونديال ينبعث ضوء نيزكي باسم المغرب. هناك ما نعاتب عليه «أسود الأطلس»، وهناك بالتأكيد ما نهنئهم عليهم، بل وما نرفع لهم من أجله القبعات تحية وإكباراً، نعتب على «أسود الأطلس»، أنهم فرطوا في نقاط مباراة إيران، وقد كانوا فيها الأميز والأجود والأكثر صناعة للفرص، وأبداً لم يتسموا بالواقعية التي تحتاجها مباريات من هذا العيار الثقيل، ونعاتبهم على أنهم عاملوا المنتخب البرتغالي باحترام مبالغ فيه، فتركوا فرصة الإجهاز عليه تضيع منهم، رغم ما تعرضوا له من ظلم التحكيم واستبداد «الفار»، ونهنئهم من صميم القلب على أنهم في المباريات الثلاث التي خاضوها في مونديال روسيا، ما اقتصدوا في بذل الجهد وما تأثروا، رغم ما تكالب عليهم من ظروف محبطة، وما تزحزحوا قيد أنملة عن قناعاتهم الكروية. صحيح أن هذا المنتخب المغربي يجد نفسه خارج المونديال، وليس في وعائه سوى نقطة، وحيدة تحصل عليها من مباراة بطولية خاضها أمام المنتخب الإسباني، إلا أن لا أحد من المنتخبات التي تودع تباعاً كأس العالم من دوره الأول، استحقت أكثر من المنتخب المغربي الإعجاب والإشادة المقرونة بالأسف، على أن هذا المنتخب لم تسعفه الظروف، من أجل أن يواصل السير في دروب المونديال، رغم ما قدمه من كرة قدم جميلة، ورغم الشجاعة الكبيرة التي أظهرها في مواجهته لكبار العالم دون أدنى مركب نقص. إن الانطباعات الجميلة التي يتركها «أسود الأطلس» اليوم، تقول إننا كنا على حق عندما وثقنا بهم وبقدرتهم على اللعب بكل اقتدار على المسرح المونديالي، وتبرز فعلاً أن العمل الاحترافي الذي أنجز على مدار ثلاث سنوات لإخراج منتخب المغرب من غيبوبته، قد أثمر بل وأصبح مرجعاً لكل العرب، كما أنها تطوق اتحاد الكرة المغربي بمسؤولية الاستثمار في هذا النجاح الكروي الذي يحجب الإخفاق الرقمي، الاستثمار في الإرث العاطفي والرياضي، بمواصلة العمل بكل نكران ذات.
مشاركة :