أكد رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي النائب عدنان عبدالصمد أن الحكومة غير جادة في إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، حيث بلغ عدد الكيانات الإدارية للدولة 110 كيانات، كما أن الجهات الحكومية الملحقة والمستقلة التي لها مجالس إدارات بلغت 32 مجلسا بمختلف مسمياتها، وهو ما يعكس تضخم الجهاز التنفيذي للدولة مع وجود جهات حكومية تتنازع في الاختصاصات.وقال عبدالصمد، في كلمة ألقاها لدى مناقشة المجلس الحساب الختامي للإدارة المالية للدولة وربط ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية، إن اللجنة اجتمعت خلال دور الانعقاد العادي الثاني 42 اجتماعا استغرقت 146 ساعة وأنجزت اللجنة خلالها 84 موضوعا، وقدمت لمجلسكم الموقر 39 تقريرا. وبلغت الملاحظات على تنفيذ الميزانيات والحسابات الختامية للجهات الحكومية أكثر من 2،300 ملاحظة ومخالفة مالية سجلها ديوان المحاسبة، وما يقارب 30 ألف مخالفة مالية و4،700 حالة امتناع سجلها جهاز المراقبين الماليين. حيث لا تجد اللجنة جدية من قبل الجهات الحكومية في تسوية هذه الملاحظات والمخالفات المالية المتكررة سنويا دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويبها بشكل جذري.وأضاف: لابد أن تتضافر الجهود وبشكل جدي من قبل الجهات الحكومية في تمكين الجهات الرقابية من أداء مهامها، خاصة أن هناك محاولات من ديوان الخدمة المدنية لتعطيل اختصاصات ديوان المحاسبة في الإحالة إلى المحاكمات التأديبية، الأمر الذي يخل بتحقيق الإصلاحات التي ننشدها جميعا، حيث ان تطبيق المحاكمات التأديبية يحقق مبدأ العقاب مما يخفض من عدد المخالفات التي ترصدها الجهات الرقابية. ومن باب التذكير والتنبيه، طالما كانت تلك الملاحظات محلا للمسائلات السياسية سابقا، وقد تكون مبرراً لها مستقبلا، خاصة أن تقارير اللجنة لا تستهدف اقتناص الأخطاء بقدر ما تستهدف بيان مواطن الخلل لإصلاحها.وقد بلغت المصروفات في ميزانية السنة المالية الجديدة 21.5 مليار دينار، وكما تعلمون أن المجلس أقر في شهر مايو الماضي الاعتمادات المالية لباب مصروفات النفقات الرأسمالية والمتضمنة «المشاريع الإنشائية والصيانة والمعدات والآلات» والبالغة نحو 3 مليارات دينار، وللسنة الثانية على التوالي يقر المجلس هذا الباب مبكرا وهو إنجاز يحسب لهذا المجلس، ويفترض أن تزول معه أحد الأسباب التي كانت تتحجج بها الحكومة سابقا لتبرير التأخر في إنجاز المشاريع.ورغم أن ميزانية السنة المالية الجديدة زادت بنسبة 10 أضعاف عما كانت عليه قبل 40 عاما، حيث كانت الميزانية آنذاك 1.4 مليار دينار، إلا أن القانون المنظم لقواعد تنفيذ للميزانية والصادر منذ سنة 1978 ما زال بنفس الآليات والأسس في تقدير بنود الميزانية، حيث أصبحت لا تواكب التغييرات التي طرأت على الميزانية مما يقتضي إعادة النظر في هذا القانون، مع ضرورة إعادة هيكلة وزارة المالية بما يتناسب مع نمو الميزانية. ويجب أن تأخذ الحكومة توصيات المجلس على محمل الجد، حيث انها تعتبر ملزمة لها، حيث تضمنت تقارير اللجنة في دور الانعقاد السابق 344 توصية ولم تجد اللجنة تجاوبا من قبل الجهات بالأخذ بها. ونطلب في الدورة القادمة عقد جلسة خاصة بمناقشة تلك التوصيات وما اتخذ من إجراءات عليها، خاصة وانها تعالج الكثير من الاختلالات التي تعاني منها المالية العامة للدولة.وما زالت آثار انخفاض أسعار النفط للسنة الخامسة على التوالي تتسبب بعجز متراكم في الميزانية العامة للدولة بما يقارب الـ 20 مليار دينار بشكل فعلي، إضافة إلى استمرار العجز في الميزانية الجديدة. رغم تضمن بيان وزير المالية أن من عدد المتوقع تخرجهم وتعيينهم في الجهات الحكومية نحو 21 ألف خريج وخريجة من الكويتيين بالإضافة إلى نحو 14 ألف مواطن لا يعملون، إلا أنه لا توجد إصلاحات حقيقية في تنظيم سوق العمل. حيث تضمن الحساب الختامي وجود 5 آلاف وظيفة شاغرة في الوزارات والإدارات الحكومية فقط،هذا بخلاف الجهات الملحقة والمستقلة، وما زالت اللجنة ترصد جهات تعاني من التسرب الوظيفي وجهات أخرى عليها إقبال شديد بسبب المزايا المالية المقرة لها مما يتطلب إقرار البديل الإستراتيجي لإلغاء الفوارق بين الجهات، مع ضرورة إلغاء الصلاحيات الممنوحة لبعض الجهات المستثناة من قانون الخدمة المدنية ما أدى إلى تجاوز ضوابط وشروط التوظيف.ويلاحظ أن تقديرات الوظائف في الميزانية لغير الكويتيين ارتفعت إلى 91 ألف وظيفة عما هو موجود في الحساب الختامي والبالغ 86 ألف وظيفة بما يقارب 5 آلاف وظيفة. كما لوحظ أن الوظائف الملغاة في الحساب الختامي بلغت أكثر من 6 آلاف وظيفة جميعها تخص توظيف الكويتيين، مما يعكس عدم وجود جدية في تطبيق سياسية الإحلال في الوظائف الحكومية، والجدير بالذكر أن كثيرا من الجهات الحكومية تلتف على هذه السياسة من خلال عقود الخدمات التي يتم فيها توفير عمالة غير وطنية لوظائف يمكن إحلالها بالكويتيين، مما يتطلب وقفة جادة للحد من هذه الممارسات.لقد ارتفع رصيد حساب العهد من 3.8 مليار دينار إلى 5.8 مليار دينار في الحساب الختامي الجديد مع التنويه إلى أن اللجنة لم تتسلم خطة وزارة المالية في كيفية تسوية هذا الحساب رغم تعهدها بتقديمها خلال شهرين. وتشير اللجنة إلى أن لديوان المحاسبة تقريرا خاصا بهذا الشأن انتهى فيه ما نصه «استغلال حساب العهد للصرف بالتجاوز على اعتمادات الميزانية من قبل الجهات الحكومية إنما هو مدعاة للتلاعب والضرر بالمال العام». وبين ديوان المحاسبة أن الممارسات على حساب العهد قد أعطت مدلولات خاطئة عن الحساب الختامي وأفقدته مصداقيته، حيث يفترض أن يكون عجز الميزانية في الحساب الختامي 6.8 مليار دينار بدلا من 5.9 مليار دينار كما هو حاليا.ولما تم ذكره سابقا، فقد تم رفض اللجنة للحساب الختامي كرسالة للحكومة لتقوم بالإجراءات اللازمة وفق الضوابط الرقابية لتصحيح المسار المالي والمحاسبي والإداري في الجهات الحكومية والميزانية العامة للدولة. مع التنويه أن الميزانية الحالية قد تضمنت مبلغ 319 مليون دينار لتسوية جزء من حساب العهد. وللسنة الثانية على التوالي لم تتسلم اللجنة الحساب الختامي للميزانية الاستثنائية المخصصة لوزارة الدفاع والبالغة 3 مليارات دينار، وهو ما يتعارض مع القانون، ويجب الإسراع في إعداده وتسليمه إحكاما للرقابة عليها.كما تضمن الجهاز الحكومي 62 درجة للوزراء ومن في حكمهم في ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية فقط، إضافة إلى أن معايير الاختيار للقياديين بشكل عام تتسم للأسف بالولاء السياسي والمحسوبية أكثر من الكفاءة والتخصص والمهنية، مما يفاقم من استمرار الملاحظات في الجهات الحكومية وعدم ربط مكافآت القياديين بقدرتهم على تسويتها رغم توصيات اللجنة المتكررة في هذا الجانب.
مشاركة :