كنتُ أتسائل هل المملكة العربية السعودية مدينة محمد بن سلمان الفاضلة ، المثالية ، التي ستكون نموذجاً صغيراً لفلسفته ومبادئه وتأملاته ؟وهل سيكون هناك مستقبلاً فلسفة جديدة سعودية تنافس فلاسفة اليونان وفلاسفة الغرب ؟لطالما قرأت عن مدينة ” أخناتون ” الفاضلة الملك الذي قرر الخروج من جموده التقليدي واتخاذ منحاه التجديدي و أنشأ مدينته الفاضلة التي فجر فيها ثورة إجتماعية فنية سياسية فكرية لغوية … تحولت إلى نهضة حضارية إصلاحية تشمل كل نواحي الحياة ( دينية ودنيوية ) والتي مازالت أثارها قائمة إلى اليوم .وقرأت عن مدينة الفارابي الفاضلة وعن أنواع المدن الأربع التي تقابلها وتختلف عنها في مقوماتها و أولها ( المدينة الجاهلة ) وهي التي لايعرف أهلها السعادة وإن أرشدوا إليها لم يقيموها !وقياساً عليهم فإن في ” عقل ” كل فيلسوف ” مدينة فاضلة ” تحتضن رؤيته وفلسفته وتأملاته ، يحولها من خيال إلى واقع .و لأن الفكر الفلسفي يضع الحجر الأول في بناء الحضارة الجديدة كما يقول د.مصطفى الشنارفإنّ كل أمة غارقة في جمودها تحتاج إلى فيلسوف قوي يأتي ويحطم أصنام المعتقدات ويعالج المجتمع المنغلق ( بالصدمه ) ليضع هذا الحجر الأول .في حين أن هناك من يسعى جاهداً إلى إقناعنا بأننا نعيش لكي نموت فقط وأن حياتنا ” محطة عبور ” لا تستحق أن ننجز من أجلها أي شيءو إقناعنا بأن نعيش السنين بلا حضارة ولا تراث و إهمال كل ماقد يربطنا بواقعنا ، فلم يعد يشهد على حياة أشخاص سبقونا سوى ماحفظته العوامل البيئيه وعبثت ببعضه الآخر ، وأصبحنا نعيش مرحلة جمود فكري في ظل اراء معينة تسيطر على واقعنا وتقنعنا أنها صحيحة بإسلوب ” سفسطائي ” يسعون من خلاله إلى تعليم الناس الفضيلة حسب مايتصورونها .و لأن الفساد هوَ الصنم الأول حسب التصور الفلسفيفإنّ أول خطوة إتخذها الفيلسوف الصيني كونفشيوس عندما أصبح رئيساً للوزراء هي إعلانه الحرب على الفساد فقام بإعدام الكثير من الوزراء حتى يتوخى كل فرد في الدولة الأمانة في العمل ، كونفشيوس الذي تحول مذهبه الفلسفي إلى دين مقدس لدى غالبية الصينيينأجاب على استفهام أفلاطون البلاغي الذي طرحه بغرض الإقرار بجدارتهم ( متى ولينا الفلاسفة الحكم ولم يفلحوا ؟ ).سعوديتنا الجديدة قررت البدء في سباق ليس له نهاية وقررت أن تُعيد ترتيب منظومة القيَم وتغيير طريقة التفكير وخلخلة الجمود الثقافي والذهني الذي عانت منه لأعوام طويلةفما أن تصل إلى العالم الأول الا وقد حققت حضارة جبارة وتقدم هائل من جميع الجوانب : الوسائل والقدرات العلمية والتقنية والذكاء الاصطناعي وفي المجال الفكري والأخلاقي والثقافي والفني أيضاً .ولأن الفسلفة نشأت على إحترام القوانين مهما كان حجم الإختلاف معهافقد رفض سقراط عرض طلبته عليه بالهروب عندما قرر الأثينيون إعدامهفاحترام القانون في نظر سقراط كان علامة على المدنية والتحضر .و هذا مايجب تعميقه في نفوس الجميع ؛المبادئ الفلسفية التي ستخلق لنا مجتمعاً فاضلاً متماشياً مع كل ما نأمل الحصول عليه بحلول عامنا الموعود 2030 .
مشاركة :