هل استوعبت الشركة الدرس؟ ماذا عن سوق المال؟

  • 12/10/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

إحدى شركات الاتصالات الناجحة للأمانة خلال مسيرتها الممتدة لعشرة أعوام في السوق السعودي، إلا أن ذلك لا يغير من حقيقة أنها تعيش هذه الأيام أزمة كبيرة خلفتها (الأخطاء) المحاسبية في قوائمها المالية وبصورة غير مسبوقة محلياً. القضية طرحت علامات استفهام محلية وإقليمية وحتى على مستوى الأعمال دولياً ليس فقط بسبب الصدمة التي خلفتها تقليص أرباحها بعد إعادة تقييم حساباتها، والاختلاف الكبير والممتد لسنوات وتأثير ذلك على المساهمين في الفترة التي أعقبت ذلك، بل أيضاً لعدم كشف الخطأ من هيئة سوق المال ووزارة التجارة ومكاتب التدقيق المعتمدة وغيرها من الجهات الرقابية. فإذا ما سلمنا بأن ما حدث اشتمل على خطأين جوهريين فإن هذين الخطأين مرا بطريقة مشابهة، وفي نفس التوقيت والظروف وكلاهما أخطأ في نطاق تضخيم أرباح الشركة، وأعني بذلك احتساب أرباح غير محققة من اتفاقيات مع أطراف خارجية في برنامج الولاء مع الموزعين، وبالمثل احتساب أرباح من عملية بيع ملغاة مع شركة (.....). الخطآن ليسا بأقل مما وصفته إحدى القنوات الأجنبية بأنها فضيحة، لكن السبب ليس في خطأ محاسب يعاني من ضغط العمل أو مراجع داخلي تربطه علاقة ثقة مع ذلك المحاسب أو مديره المالي، لكن الأمر مر مرور الكرام في شركة مساهمة وخرج من قسم الحسابات ليعتمد من الإدارة المالية ثم مر بالمراجع الداخلي واعتمد من الرئيس التنفيذي السابق. الرئيس التنفيذي بدوره مررها إلى أعضاء مجلس الإدارة والذين ناقشوا الأرقام قبل أن يعتمدوها، فيما كان المراجع الخارجي ذو الخبرة الدولية قام بتدقيق القوائم بما أتاحت له الأنظمة من إجراءات وصلاحيات، وطلب عدة إثباتات لمجموعة من العمليات المهمة أو المؤثرة على الصورة النهائية للقوائم المالية على أقل تقدير ثم قام بمصادقتها، وأخيرا مرت إلى هيئة سوق المال والتي اعتمدتها أيضاً وضمنتها ضمن إعلانات الشركات المدرجة. (أحد هذين الخطأين ربما يعود إلى عدم وجود معيار محاسبي صادر عن هيئة المحاسبين القانونيين، كما يشير بعض الخبراء في ربط قيمة النقاط في برامج الولاء بسعر البيع مباشرة، ليكون تكلفة مباشرة تقلل من دخل الخدمة المحتسب لكن ذلك لا يُعفي الجهات المعنية أبداً حتى مع وجود هذا الخلل الذي تم اعتماد تعديله في المعايير المحاسبية الدولية، لأن عدم وجود أسلوب واضح في المعايير لا يعني إطلاقاً ان الشركة مُعفاة من إثبات الفرق في قوائمها ولو بأي صورة كانت أو وضع مخصص مقنع لها على أقل تقدير). وبمعنى آخر أن كافة تلك الجهات والمناصب معنية بالخطأ وحتى بالرجوع إلى الأنظمة واللوائح السعودية، وكذلك النظام الأساسي للشركة ولوائحها التنفيذية والأعراف المحاسبية والإدارية، فإن كل تلك الجهات مسؤولة بشكل أو بآخر عمّا حدث ومن حق المساهمين والرأي العام أن يرى تحقيقاً شفافاً ومستقلاً يشمل كافة الجهات ذات العلاقة بالقضية. ولعل نظام الشركة والمسؤولية القانونية والأخلاقية تفترض أن كافة المساهمين في الشركة بصورة كاملة، والمساهمين في السوق السعودي بصورة جزئية اتخذوا قرارات استثمارية بناءً على إفصاحات الشركة والتي تشرف عليها سوق المال، وتضرروا بدرجات متفاوتة من الأرقام غير الصحيحة التي تم إعلانها ثم تم التعديل عليها لاحقاً لتمس الأرباح ومكررات الربحية والقيمة العادلة لسهم الشركة، ومجمل قراراتهم الفردية. هذه المسؤولية الكبيرة وخطورتها فيما يبدو لي سيطرت على تبعات الإعلان، فهيئة سوق المال أوقفت تداول سهم الشركة وهو ما يمكن قراءته بأنه حصر للقضية داخل الشركة، لكنها لم تنظر إلى حقيقة أن الشركة اتبعت معايير محاسبية محلية غير واضحة مع برامج الولاء بالرغم من انتشاره دولياً ومحلياً في البنوك وشركات الطيران والاتصالات وغيرها، وكذلك لم تعترف الهيئة بمسؤوليتها كراعٍ ومراقب للشركات ومسئولية شركة المراجعة الخارجية المعتمدة وغيرها. احدى شركات الاتصالات الإماراتية المساهم الأكبر في التأسيس أو الشركة الأم طالبت في بيان بإخضاع مجلس الإدارة وكبار الإداريين لتحقيق مستقل واحترافي، وأعلنت عن رفضها إعطاء شهادة إبراء ذمة لأي منهم قبل ذلك لتحصر العلاقة في مجلس الإدارة وكبار التنفيذيين. مجلس الإدارة بدوره قام بذات الطريقة بإصدار قرار بعزل الرئيس التنفيذي السابق وبلفظ قاسٍ ربما تجاوز شرط استخدامه، باعتباره عقوبة قاسية تتطلب تحقيقاً مستقلاً وإيقاعاً للمسؤولية قبل اتخاذه حفاظاً على سمعته، فهو ليس مجرد إعفاء وتمثل في (كف اليد) لتكون الأمور في دائرة مسؤوليته الفردية مع عقوبة مخففة. أخيراً نحن أمام قضية جديدة بين شركتين، مع هذا فإن الشركة على لسان نائب الرئيس التنفيذي والرئيس المكلف، الذي أشار إلى وجود مخصص خسائر يغطي نصف قيمتها من باب الاحتياط واتباعاً لسياسة الشركة، وهو ما يوحي بأن الشركه استوعبت الدرس. لكن المهم الآن هل توجد شركات أخرى تعاني من نفس المشكلة، وهل ستنتهي قضايا بهذا الحجم بإدانة محاسب وكف يده عن العمل..؟ أم أن الجهات المعنية ستستوعب الدرس أيضاً؟ وهل ستشمل المحاسبة كافة الجهات التي لم تعترف بمسؤولياتها؟. عضو مجلس إدارة آفاق الإعلامية – كاتب ومستشار إعلامي

مشاركة :