جريمة الغزو.. هل استوعبنا الدرس؟!

  • 8/2/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

كلما جاءت ذكرى الغزو العراقي البربري تأخذ ذاكرتنا في العودة إلى المشاهد المأساوية التي عاشتها الكويت، أرضاً وشعباً، ابتداء من الثاني من الشهر الثامن 1990، وهي لحظة انطلاق جريمة العصر نحو الكويت وما صاحب ذلك من بطش وتعذيب وإرهاب وتشريد ومحاولات يائسة لتغيير الديموغرافية، وكلها لم تجد نفعاً ولا نتجية لدى أولئك الأشرار الذين أرادوا بنا كيداً فكانوا هم الأخسرين، بإرادة إلهية قصمت ظهر المعتدي وردت كيده إلى نحره، وبعزيمة كويتية وموقف عربي ودولي لم يكن ليتحقق لأي قضية من قضايا هذا العالم. ذكرى الغزو ليست جرساً نسمع صداه فترة من الوقت ثم يمضي هذا الصوت ويعود الهدوء من جديد، لكنها ذكرى لا تزال الأفئدة تجتر مرارتها، ولا تزال العقول تتذكر تلك المشاهد المفزعة التي عاشتها الكويت وأهلها طوال الأشهر السبعة كانت لنا سبعة قرون لما كانت عليه تلك الأشهر من غصة بالنفس وألم فاق كل احتمالات النفس البشرية وقدرتها على التحدي والمواجهة، وهي قدرة ذات حدود في احتمالها وفي تداعياتها على النفس. يقول سيدنا علي، كرم الله وجهه: اللهم أعني على أصدقائي أما أعدائي فأنا الكفيل فيهم. والغزو جاء من جار وأخ وصديق، وهنا تأتي المأساة وحرقة الألم الذي سيطر على النفوس وأدمى القلوب وأبكى العيون، التي ما بكت في تلك الأشهر إلا على وطن دنست أراضيه أقدام طغاة العصر وصعاليك الزمان، الذين لم يرحموا طفلاً ولا عجوزاً، ولم يراعوا حرمة لبيت ولا لأعراض الناس التي انتهكوها، وسرقوا كل ما في الحياة من أمل وابتسامة على وجه طفل وإشراقة للحياة. كان الغزو والاحتلال على أهل الكويت بكل طوائفهم وانتماءاتهم ومذاهبهم، وكانت الوقفة الكويتية الصامدة أكبر وأقوى من كل عتاد جاء به الغزاة، كانت المقاومة الكويتية الباسلة التي أرهبت الغزاة، وكانت لحظة العصيان المدني رغم كل التهديدات والتعذيب والوعيد. كانت انتفاضة كويتية في وجه الاحتلال ووقفة عفوية للقيادة الكويتية التي أراد الغزاة إطفاء نورها لكنهم فشلوا في تحقيق ما كانوا يتطلعون إليه ويسعون إلى تحقيقه. إن حاجتنا اليوم وفي ظروفنا هذه استيعاب تجربة الغزو والاحتلال، وقد كانت تجربة ناجحة وشامخة بكل المقاييس، حين توحدت فئات المجتمع وتناست كل الفوارق ولم يكن لدينا سوى وطن تحت الاحتلال وعلينا تحريره وتطهير أرضه، وهذا ما كانت كل الجهود نحوه، سواء بالداخل أو الخارج، حيث الذين شردهم الاحتلال من رؤية تراب الكويت. إن ذكرى الغزو والتحرير نقف فيها لنستذكر دماء الشهداء الأبرار الذين استرخصوا الروح في سبيل الكويت، ونستذكر بالعرفان دور الدول التي وقفت معنا أمام الغدر والاحتلال والخيانة وفتحت شعوبها القلوب لاستضافة أهل الكويت، هي ذكرى مؤلمة وعلينا استيعاب تجاربها في حياتنا فهل نستوعب الدرس والتجربة؟ يوسف الشهاب

مشاركة :