شتان الفارق بين الدور الأول بجميع مبارياته وما يجري في الدور ثمن النهائي، ولو لم أتابع المونديال منذ بدايته لظننت أن ما مضى كان بطولة منفصلة عما يدور الآن، وإن المنتخبات الستة عشر التي بلغت هذا الدور كأنها غيرت جلدها فجأة، فالمستوى أقوى والأداء أشد والحلول الفنية متنوعة وعرض كل فريق فائز بضاعته على أحسن ما يكون رغبة في الحسم ومواصلة الطريق، وحتى الخاسرين كافحوا وحاولوا كل حسب طاقته واستطاعته وإمكانياته. ومع الصافرة الأولى لدور الستة عشر كان اللعب على أشده وتخطت فرنسا الأرجنتين، وعبرت أوروجواي البرتغال، وفي اليوم الثاني لهذا الدور كان الصراع أشد وطأة لكني لم ألحق بمباراتي (إسبانيا مع روسيا) و(كرواتيا ضد الدنمارك)، ومن هنا فضلت التوقف عند ظاهرة تستحق الاهتمام في ضربة بداية ثمن النهائي وارتبطت بكل تأكيد بخروج نجوم من الباب الضيق ومرور نجوم آخرين من الباب الكبير (ومنهم من بكى حزناً ومنهم من بكى فرحاً)، وكان المحزن أن يكون ضحايا هذا الدور الرأسان الكبيران للدوري الإسباني (ميسي ورونالدو) والاثنان لم تشفع خبرتهما لإنقاذ الأرجنتين والبرتغال من الخروج المبكر باعتبار الأول بطلاً سابقاً للعالم ووصيف مونديال (2014) بينما الثاني هو البطل الحالي لأوروبا، وما حدث لهما كان وداعاً حزيناً لكليهما وأغلب الظن لن يكتب لهما اللعب في المونديال مرة أخرى بعد أربع سنوات من الآن بحكم السن، في المقابل كان الوضع مختلفاً مع نجوم آخرين أكملوا المشوار (جريزمان وبول بوجبا ومبابي من فرنسا.. وكافاني وسواريز من الأوروجواي) وهؤلاء قدموا خدمات جليلة للمنتخبين الفائزين وذابت مهاراتهم الفردية في الأداء الجماعي وكان ذلك سبباً في ترجيح كفة بلادهم. وأرى أن المباراة الأولى كانت أكثر من رائعة وشهدت 7 أهداف، وجاءت وهربت ثم جاءت للمنتخب الفرنسي الأفضل فنياً وبدنياً ولعب بأسلوب السهل الممتنع أمام الأرجنتين وما كان له أن يحقق فوزه بأربعة أهداف مقابل ثلاثة إلا بالأداء الجماعي الذي اقترب من حد الكمال واعتمد فيه «ديشامب» على خطة (4-2-3-1) على عكس منتخب الأرجنتين الذي ظن أن المباراة انتهت بعد تعادله ثم تقدمه بهدفين لهدف وظهر بعدها وكأنه فريق فاقد للوعي رغم الجهد المبذول والاستماتة لتضييق الفارق أملاً في التعادل. ولم تكن مباراة فرنسا والأرجنتين وحدها التي كشفت عن تغيير وجه المونديال إلى الأفضل والأقوى وجاء لقاء أوروجواي والبرتغال غاية في المتعة والروعة وجاء العرض الأوروجواني على غير ما يشتهيه البرتغاليون وظهر كفاني ورفاقه وكأنهم فريق عملاق يصعب التعامل معه بفضل التنظيم الدفاعي الأقوى والأعلى من قدرات البرتغال الهجومية وأعتقد أنه (أي الأوروجواي) أبلى بلاءً حسناً وما كان إلا نموذجا رائعا للياقة الفنية والبدنية على حد سواء، بدليل أنه زار مرمى البرتغال مرتين دون خوف أو رهبة من أبطال أوروبا وأعتقد أن جمهور الساحرة المستديرة كان محظوظاً في يوم عامر بعشرة أهداف في مباراتين.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :