صنعاء - خوض مرحلة التعليم الجامعي والتخرج حلم يراود كل طالب منذ اجتياز مرحلة الثانوية العامة، لكن عندما تطأ قدما هذا الطالب الجامعة يجد نفسه أمام العديد من المطبات ومنها بالخصوص أزمة التمويل الدراسي والسكن وغيرهما من العراقيل التي تحُول دون مواصلته لدراسته. وفي وقت تحرص فيه العديد من الدول على دعم المنح الموجهة لطلابها المبتعثين في الخارج ومضاعفة دعمها لهم تكابد دول أخرى أزماتها، إما لظروف اقتصادية صعبة وضوائق مالية تمر بها وإما لوقوعها في وضعيات أخرى مثل الحرب على غرار ما يعيشه اليمن الآن الذي ارتدت أزماته الداخلية على وضعية أبنائه الطلاب في أكثر من بلد بالخارج. وتتالت أزمة طلاب اليمن المبتعثين إلى الخارج في ظل عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، وباتوا يقضون وقتا طويلا في السفارات في محاولة للضغط على المسؤولين، بعدما بات طردهم أمرا واقعا وتبددت بالتالي فرص تحقيق مستقبلهم الدراسي. ويقول أحد الطلاب المبتعثين في ماليزيا “أنا طالب يمني مبتعث في ماليزيا باتت حياتي قصة من النضال والكفاح والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات المفتوحة وصارت السفارة هي جامعتي وشارعها هو مسكني للمطالبة بمستحقاتي المنقطعة منذ أكثر من 12 شهرا”. وعادت أزمة الطلاب اليمنيين المبتعثين إلى الخارج مرة جديدة، بعد تأخر المستحقات المالية الخاصة بهم، ما أدى إلى تفاقم معاناتهم المعيشية ومشاكلهم التعليمية في أكثر من بلدي عربي وأجنبي. ويقول الطالب ناصر الخولاني، المبتعث للدراسة في مصر، إن مشكلة الطلاب اليمنيين الموفدين للدراسة في الخارج تكاد تكون واحدة في مختلف الدول وتتكرر بشكل دائم. “مستحقّات الطلاب المالية لا تصل إليهم بشكل منتظم، ما يتسبب بمعاناتهم وأسرهم وفصلهم من الجامعات لعدم قدرتهم على دفع الرسوم”. ويؤكد الخولاني أن الجامعات المصرية “بدأت في إرسال إنذارات للطلاب اليمنيين بالفصل أو منعهم من دخول الامتحانات أو التدريب”، في وقت لم ترسل رسوم العام الدراسي من قبل وزارة التعليم العالي في اليمن. ويضيف “ترتفع الأسعار في الدول التي ندرس فيها، لكنّ ما نحصل عليه من الحكومة اليمنية ثابت ولا يراعي هذا الارتفاع، ومع ذلك لا يصل”. ويؤكد متابعون لوضعية هؤلاء وجود طلاب على وشك التخرج أو المناقشة، إلا أن عدم تسديد الرسوم المتوجبة عليهم يتسبب في منعهم من التخرج في الوقت المحدد، وقد يتأخر تخرجهم لعام إضافي أو أكثر من عام. ويقول رئيس اتحاد طلاب اليمن في باكستان شهاب عبدالله، إن مشكلة تأخر المستحقات والرسوم الدراسية للطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج مازالت تراوح مكانها منذ أكثر من عام ونصف، موجها لومه إلى وزارة التعليم العالي بعدم المصداقية والسعي إلى حل هذه المشكلة التي أثقلت كاهل الطالب اليمني في بلد الاغتراب. ويضيف رئيس الاتحاد أن “الطلاب يتفهمون الوضع الذي يمر به البلد وانهيار مؤسساته، لكن المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة يجب أن تتحملها وتعمل على إيلاء الطلاب الدارسين وقضاياهم اهتماما حقيقيا يخفف من حجم الصعوبات التي يعانون منها”. ويبيّن أن غالبية الطلاب الموفدين أصبحوا يداومون في السفارات للحصول على المستحقات أكثر من حضورهم المحاضرات الجامعية. وكانت رابطة موفدي الجامعات اليمنية في الخارج قد أطلقت مناشدة عاجلة إلى المسؤولين في الحكومة الشرعية باليمن بحل مشكلة تأخر صرف مستحقات الطلاب المنقطعة منذ فترة طويلة. 5 آلاف عدد الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج موزعين على 43 بلدا حول العالم وتشير المصادر إلى أن الطلاب اليمنيين لم يستلموا مستحقات الربع الأول 2018 الذي يفترض تسليمه في يناير الماضي، ولم يستلموا مستحقات الربع الثاني الذي يفترض تسليمه في أبريل 2018. واستنادا إلى ذات المصادر فإن أزمة الطلاب لم تعد مقتصرة على تأخر المستحقات، وإنما تجاوزت ذلك إلى إخراج أسماء طلاب من كشوفات المستحقات بالخطأ وهي أزمة مازالت مستمرة، حيث لم يحصل طلاب كثيرون على مستحقاتهم للربع الرابع على التوالي. وتقول الرابطة إن البعض من الخريجين الذين تابعوا دراستهم وحصلوا على الدرجات العلمية لم تصرف لهم تذاكر السفر حتى اليوم باستثناء عدد من خريجي مصر. أما بقية الدول فمازالت تعاني من المشكلة نفسها. وصعّد الطلاب المبتعثون في الخارج في أواخر عام 2017 وبداية العام 2018 من مطالبتهم للحصول على تمويل دراستهم واتخذت أشكالا احتجاجية في العديد من سفارات الدول الموجودين فيها بالخارج. وكانت الهيئة التأسيسية لاتحاد طلاب اليمن في الخارج نظمت وقفات احتجاجية في كل من ماليزيا وروسيا وألمانيا والسودان والصين والهند والأردن والمغرب وباكستان وتركيا ولبنان للمطالبة بسرعة صرف مستحقات لجميع الطلاب في كل الدول ومن كافة جهات الابتعاث. وطالب الطلاب بالتحقيق في التلاعب الحاصل في منح التبادل الثقافي من قبل السفارات في عدد من الدول وتوزيع المنح للمقربين بعيدا عن أي معايير شفافة وواضحة. وشدد الطلاب على ضرورة إيجاد آلية لصرف المستحقات بشكل مستمر يضمن صرفها في موعدها المحدد حماية لمستقبل اليمن واستقراره ومن أجل أن يتفرغ الطلاب لدراستهم وما ابتعثوا من أجله بدلا من الاعتصامات والاحتجاجات التي تؤثر على سير العملية التعليمية ومستواهم الدراسي عموما.وقال نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد الوصابي خلال لقاء بممثل الهيئة التأسيسية للاتحاد العام لطلاب اليمن في الخارج في العاصمة الماليزية كوالالمبور، إن “الوزارة وضعت خطة تهدف إلى انتظام المستحقات المالية للطلاب مع نهاية العام الدراسي 2018 ووضع معايير للبدء باستيعاب الطلاب ضمن كشوفات المساعدة المالية”. وفي داخل اليمن توجه السبت مئات الآلاف من طلاب الثانوية العامة إلى مراكز الاختبارات للعام الرابع على التوالي في ظل الحرب. وأعلنت وزارة التربية والتعليم في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا في صنعاء عن جدول امتحانات الثانوية العامة بدءا من السبت ولمدة 18 يوما. وقالت وسائل إعلام تابعة للحوثيين إن 198 ألفا و136 طالبا وطالبة سيخوضون بدءا من السبت اختبارات الشهادة العامة للمرحلة الثانوية بقسميها العلمي والأدبي. فيما انطلقت الأحد اختبارات الشهادة الأساسية التي يتقدم لها 271 ألفا و62 طالبا وطالبة في مناطق سيطرتهم.
مشاركة :