يَتحدَّث النَّاس دَائمًا عَن الكَلَام وفَوائِده، والفَصَاحَة وأَثرها، وحُسن الحَديث ومُتعته، وجَزَالة الألفَاظ وتَأثيرها عَلى النّفوس.. ولَكن الكَثير مِنَّا لَا يَتحدَّث عَن الصَّمت وفَوائِده، لذَلك دَعونا في هَذه الكِتَابَة نُشعل الأسئِلَة، ونَنثر الاستفهَامَات، لنَصبّ طُوبَة في مَبْنَى الصَّمت الصَّغير..! إذَا كَان للكَلَام رِسَالة، وللفَصَاحَة فَائِدة، فإنَّ للصَّمت رَسائِل وفَوائِد، ومَن كَان في نَفسه شَك ممَّا أقول، فليُكمل قِرَاءة هَذه الكِتَابة؛ حتَّى يَعرف مَا أَقصد..! قَال رَسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تُنكح الأيِّم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البِكْر حتى تُستأذن).. قَالوا: "يَا رَسول الله وكَيف إذنهَا"؟ قَال: (أنْ تَسكت). مُتَّفقٌ عَليه.. وهُنَا يُشير المُصطفَى -عَليه الصّلاة والسّلام- إلَى قوّة الصّمت وفَائِدته..! ومِن قوّة الصَّمت أيضًا، أنَّ السّكوت أحيَانًا إجَابَة، خَاصَّة لمَن يَتمتّعون بقلّة الأَدَب، ورَفيعي المستوَى في السَّفَاهَة والوَقَاحَة، وإلَى ذَلك المَعنى انتبه شَاعر الفُقهَاء وفَقيه الشُّعرَاء "الشافعي"، حَيثُ قَال: يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ فأكرهُ أنْ أكونَ لَه مُجيبا يزيدُ سَفاهة فأزيدُ حلمًا كعودٍ زَادهُ الإحراقُ طيبا ومِن دَلائل قوّة الصّمت وتَأثيره، وأنَّه جَواب أقوَى مِن الجوَاب الخَارِج؛ والمطعّم بلُغَة الحرُوف، المَثَل القَائِل: "السّكوت عَلامة الرِّضَا"..! ومِن دَلائل قوّة الصّمت -أيضًا- أنَّ كُلّ الذين يُريدون أنْ يَتّخذوا قَرارًا؛ يَبحثون عَن بِيئة صَامتة لكي يُركِّزوا، فالصَّمت يُساعد عَلى التَّفكير، ويُسَاهم في صنَاعة أيّ قَرار خَطير..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي التَّأكيد عَلَى أنَّ للصَّمت قوّة أقوَى وأبلَغ مِن قوّة الكَلَام، وهَذا كُلّه مَجموع في كِتَاب صَدَر باللُّغة الإنجليزيّة اسمه: (The Power of Silence). تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :