حافظ البرغوثي «لا لغزة وسوريا»، ثم ظهر شعار «الموت لفلسطين»، مثل هذا الهتاف ظهر في مظاهرة ضد النظام الإيراني كتعبير مضاد لشعار الموت ل«إسرائيل» الذي يرفعه النظام الإيراني منذ عقود ولم يفعل شيئاً لفلسطين سوى أنه زج اسمها في أتون الفتن العربية الدائرة حالياً تحت مسمى «فيلق القدس» الذي يتزعمه قاسم سليماني وجاب به العراق وسوريا واليمن مدمراً وقاتلاً للأبرياء. لا دخل لفلسطين في الأجندة الإيرانية، فالدعم الإيراني لفلسطين مجرد شعار خادع يستخدم للتغطية على التمدد الإيراني في الجسد العربي، وكل ما قدمه النظام الإيراني لفلسطين هو أموال ضخها لحركتَي «حماس» و«الجهاد» ولبعض الفصائل في غزة لتعميق الانقسام الفلسطيني واستخدام الورقة الفلسطينية في صراعه الإقليمي للتوسع في المنطقة العربية. لقد كان النظام الإيراني يعرقل المصالحة الفلسطينية بقوة أمواله التي اشترى بها مواقف «حماس»، حتى إن الرئيس السوري بشار الأسد عندما خرجت «حماس» من حضنه قال في لحظة مصارحة مع أقطاب من الأحزاب العربية التي التقته في دمشق قبل سنوات: إن سوريا لم تكن في يوم من الأيام ضد المصالحة الفلسطينية، وكل ما في الأمر أنه عندما كان الفلسطينيون يتفقون كان المبعوث الإيراني جليلي يصل إلى دمشق ويطلب من حركة حماس التنصل من الاتفاق. والإيرانيون، خاصة المعارضة المؤطرة يعرفون عبثية شعار النظام الإيراني وخداعه، وهم بالتالي ليسوا من رفع الشعار الموت لفلسطين، وإنما كان الهدف إيصال رسالة تقول، إن الدعم المادي ل«حماس» وسوريا زاد الإيرانيين فقراً على فقر. عموماً هناك أفضال لفلسطين وبالتحديد للثورة الفلسطينية على الثورة الإيرانية وخاصة من قبل «أبو عمار»، رحمه الله، الذي احتضن قادة الثورة ودربهم وتبناهم في لبنان، ومنهم من صار من القادة والوزراء وسلحهم وأوصل إليهم السلاح في إيران لإسقاط نظام الشاه الحليف القوي ل«إسرائيل» آنذاك. وبنى «أبو عمار» قصوراً في الهواء عندما نجحت الثورة الإيرانية، لكنه اكتشف لاحقاً أن أهداف الشاه التوسعية لا تتعارض مع أهداف النظام الجديد من ناحية تصدير الثورة واستكمال التمدد في الوطن العربي، بعد أن كان الشاه احتل الجزر العربية الثلاث. فالإيرانيون اعتبروا منذ البدء أن الأموال التي يقدمونها لجماعات وحركات عربية هي نوع من الاستثمار في الأمن القومي الإيراني وخططه التوسعية. والسؤال، هو هل إذا سقط النظام الإيراني قريباً كما يتنبأ رود جولياني ممثل الرئيس ترامب في كلمته أمام المؤتمر السنوي ل«مجاهدي خلق» في باريس سيغير النظام اللاحق من سياسته تجاه العرب؟ أشك في حدوث أي تغيير لصالح المنطقة العربية، فالسياسة العدوانية لنظام الشاه تفاقمت بعد سقوطه ولم تعد إيران في ظل نظام الملالي تحتل جزراً عربية، بل احتلت العراق بدعم أمريكي بائن وتغلغلت في سوريا ولبنان واليمن وعيونها على الخليج العربي ما زالت. فالأطماع التوسعية الإيرانية ليست مذهبية الهدف كما يظهر للبعض بل تستخدم المذهبية كستار للأطماع التوسعية القومية الفارسية في العالم العربي، وإلا لماذا لا تتوسع إيران في أفغانستان أو أذربيجان أو باكستان أو تركيا مثلا؟ لماذا توسع الشاه في الخليج وليس في مناطق أخرى وتحالف مع أمريكا و«إسرائيل»؟ فلو سقط نظام الملالي لوجدنا أن هناك تحالفاً فورياً بين النظام الجديد و«إسرائيل» هدفه تقاسم النفوذ في البلاد العربية ولن نشهد انسحاباً إيرانياً من البلاد العربية أو الجزر الإماراتية المحتلة، فالأطماع قومية فارسية وانتقامية من العرب منذ سقوط الإمبراطورية الساسانية في عصر عمر بن الخطاب. ف«الإسرائيليون» جاهزون لأي تحالف مجدداً مع أي نظام جديد في إيران وهم يجاهرون بذلك، لأن الاصطفاف المحيط بالعالم العربي متحفز دوماً لخنق العالم العربي وتقطيعه سواء من جانب تركيا أو إيران أو «إسرائيل»، لأنه الثلاثي القديم الطامع في البلاد العربية واقتطع منها وما زال. فأي نظام تساهم واشنطن مع «إسرائيل» في إسقاطه يتحول إلى حليف لهما وغيرهما من الدول لكنه سيبقى على عدائه مع الدول العربية. ولنا في نظام الملالي خير دليل، حيث ساهم الفلسطينيون في دعم إسقاط الشاه لكن نظام الملالي انقلب على الفلسطينيين، وبدلاً من دعمهم دعموا انقلاب «حماس» وعرقلوا المصالحة، بينما نجد بعض المعارضة حالياً تهتف ضد فلسطين وهو أمر غريب، رغم أن الرئيس الفلسطيني له علاقات جيدة مع «مجاهدي خلق» والتقى رجوي في باريس وتعرض للنقد إثر ذلك؟.
مشاركة :