راضي جودة يكتب: تجار القاهرة في عصر محمد علي

  • 7/6/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعد هذا الكتاب من الإصدارات المهمة للهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في 297 صفحة من القطع المتوسط.حاول الدكتور رزق نوري في هذه الدراسة الوقوف على مدى تأثير المتغيرات الجديدة اقتصاديًّا وسياسيًّا على طبقة التجار ونشاطهم في مدينة القاهرة، ومحاولة فَهْم مدى تأثير النظم المستحدثة كالاحتكار في التجارة داخليًّا أو خارجيًّا عليهم، وهل بالضرورة أدت إجراءات محمد علي التجارية إلى تراجع وتقلص دور التجار، وخاصة مع حلول الدولة في تسيير الحركة التجارية بدلًا منهم.وفي هذا الإطار أيضًا وضعت الدراسة فَهْم سياسة التجار في المدينة لمواجهة الضغوط المتزايدة من الدولة للسيطرة على الموارد المالية في العاصمة وذلك بفرض مزيد من الضرائب أو الدخول في مجال الاستثمار التجاري، وقد كان لهذا تأثيره على التجار، كذلك تهتم الدراسة بتتبع شبكة المؤسسات التجارية في المدينة. كما أجابت هذه الدراسة عن العديد من الإشكاليات ومنها: ما الدور الذي لعبته الدولة المركزية في الإشراف والتنظيم والمتابعة للنشاط التجاري في القاهرة؟ وما العلاقة بين رجال السلطة والتجار؟ وما الدور الذي لعبه التجار في تلك المرحلة؟ وما أنواع السلع التجارية فيها؟ وأين تتركز الأسواق؟ وما الأصول العرقية للتجار؟ وهل ثمة ما يميز حياتهم الاجتماعية عن الطبقات الأخرى؟وعن تحديد مصطلح تجار القاهرة، فيذكر د. نوري أنه لا يقصد هنا بتجار القاهرة أولئك الذين ولِدوا بالمدينة أو عاشوا لفتراتٍ طويلة بالمدينة أي "الانتماء المكاني"، ولكن يقصد الانتماء الاقتصادي للمكان، بمعنى أننا لا نبحث عن هذا التاجر أو ذلك من حيث هل هو من مواليد القاهرة أم مقيم بها دائمًا أو لا، ولكننا نقصد الطائفة/الطبقة التجارية التي مارست عملًا تجاريًّا بالمدينة سواء أكان بصورة موسمية أم أسبوعية أم يومية - بغض النظر عن أصولهم العرقية إذا كانوا من خارج مصر أم كانوا من داخل البلاد - وكانت القطاع الرئيس الذي شكَّل تجار المدينة، وهذه الفئة هي التي أخضعتها الدراسة للبحث والتحليل. وقد قُسمت الدراسة إلى خمسة فصول يسبقهم تمهيد ويعقبهم خاتمة، وتناول التمهيد أوضاع تجار القاهرة في فترات الإضطراب السياسي والاقتصادي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأثناء الاحتلال الفرنسي، وما آلت إليه أوضاعهم خلال الفترة التي سبقت وصول محمد علي لحكم البلاد بين عامي 1801 إلى 1805م، من خلال التركيز على علاقتهم بالسلطة الحاكمة. الفصل الأول وعنوانه "مدينة القاهرة والمشروع الاقتصادي لمحمد علي"، فقد تناولت فيه الدراسة موقع القاهرة جغرافيًّا، والتطورات الإدارية والعمرانية التي طرأت عليها في تلك المرحلة، والقاء الضوء على المشروع الاقتصادي لمحمد على زراعيًّا وصناعيًّا وتجاريًّا، وشبكة الانتشار التجاري، وتحليل معوقات المشروع التجاري المتمثلة في: الوضع التجاري الدولي، والعملة، وركود الإنتاج الزراعي والصناعي، وارتباك الإدارة الحكومية وفسادها. الفصل الثاني وعنوانه "المؤسسات والأنشطة التجارية بالقاهرة"، وحاول فيه المؤلف رَسْم صورة للمؤسسات التجارية التي عمل من خلالها التجار، وهي: الوكالات والحوانيت والأسواق العامة، وهى ما يمكن تسميتها بالمؤسسات التجارية الأهلية، أما المؤسسات الحكومية فكانت مخازن الغلال والشون وديوان مبيع الأقمشة، وهى المؤسسات التي كان يتعامل معها عددٌ كبيرٌ من التجار، مع توضيح التوزيع المكاني للمؤسسات التجارية، وتناول الفصل السلع والأنشطة التجارية التي كان يتعامل فيها تجار المدينة. الفصل الثالث – وعنوانه " الأصول العرقية وحدود النشاط التجاري لتجار القاهرة" وناقش فيه المؤلف تأثيرات الأصول العرقية للتجار على نشاطهم وأنواع السلع التي عملوا بها، مع عرض ترجمة شخصية لبعض التجار القاهريين ومنهم محمد النيلي الدخاحني، ومحمود عزام الحطاب، وعرض لحدود النشاط التجار لتجار القاهرة والذى امتد إلى خارج القاهرة في الأقاليم والموانئ، وكذلك بعض التجار الذين امتد نشاطهم الى خارج مصر في المغرب والشام والآستانة. الفصل الرابع وعنوانه "المركز المالي ومصادر تمويل التجار وعلاقتهم بالسلطة" وفيه تناولت الدراسة؛تركات التجار وثرواتهم، ثم تناولت التعاملات المالية بين التجار (قراءة في الدعاوى والتركات)، ومصادر التمويل التجاري، والتي انقسمت إلى: المضاربات والشركات والقروض. وعلاقة تجار القاهرة بالسلطة المركزية، التي تمثلت في سعي الحكومة لتفعيل الرقابة على التجار والأسواق ومتابعة الأسعار، وجهود الدولة في مقاومة الغش التجاري، وتقنين العقوبات لتطبيقها على المخالفين. الفصل الخامس وعنوانه "التجار في مجتمع القاهرة" وقد تناولت فيه الدراسة بيوت التجار معماريا ومن حيث الأثاث الموجود بها، وما ضمه التجار في بيوتهم من رقيق وعبيد وخدم، بالإضافة إلى المصاهرات بين التجار واحتفالات الزواج، ومشاركة التجار في الاحتفالات العامة سواء كانت الدينية أم الرسمية مثل مشاركتهم في الاحتفال بانتصارات الوالي في الحروب التي خاضها، أوقاف التجار على أبنائهم وعلى الفقراء والمساجد وعلى الكتاتيب، كما تناولت الحالة العلمية والتعليمية للتجار بالمدينة وتشجيعهم لأولادهم للالتحاق بالكتاتيب والأزهر، وفي النهاية تناول الفصل دور التجار في التنمية الحضرية بالمدينةيبقى أن نذكر أن هذا الكتاب في الأصل رسالة دكتوراه أجيزت من قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة بتقدير مرتبة الشرف الأولى، ونالت العديد من الجوائز بالجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ومن كلية الآداب جامعة القاهرة.

مشاركة :