علمتني الحياة أن الأمل فيها لا يخرج إلا مع المعاناة، وانني كلما دخلت في أزمة أجد نفسي في مواجهة تطورات لم تكن تخطر لي على البال، وهذا لم يكن ليحدث لولا إيماني باللَّه سبحانه وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.. وكم من واقعة مؤلمة واجهتني وكان سلاحي الوحيد فيها أنني سلَّمت أمري إلى اللَّه، أتوكل عليه وأكمل مشواري في هذه الدنيا.أكتب هذه الكلمات ليس من باب الاستعراض ولا المباهاة، بل من تجارب قاسية وعواصف شديدة كانت بالنسبة لي أملاً جديداً ونافذة جديدة أطل بها على هذا العالم لأكتشف ما كان غائباً عني.. آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أن أتصارح كي يرتاح ضميري وأنام قرير العين والنفس، وهذا أوجد لي مشاكل مع أصحاب الشأن، لكن عندما يكتشفون صدمتي تراهم يغيرون اتجاههم ونظرتهم نحوي..طرق بابي وكنت مستجيباً له مرحباً به هذا الموضوع الدخول في «مجموعة المعاقين بصرياً»، عبارة عن أشخاص بالمئات لديهم إعاقة بالبصر، ومن حالات مختلفة يتبادلون الرأي ويتشاورون في ما يعانونه وما يشتكون منه، فما يجمعهم هو قصر البصر أو انعدامه أو انحرافه.. سواء كان نتيجة خطأ طبي (وما أكثرهم) أو نتيجة خلقية أو إصابة.ومن الاسبوع الأول بدأت المراسلات بيننا، وباعتبار مهنتي، تحولت إلى ما يشبه المرجع لديهم، يسألون ويستفسرون إلى أن وجهت إليهم سؤالاً واحداً: ماذا تشكون من وراء الاصابة، أي ما هي شكاواكم من حيث الأعراض الصحية؟.. الحقيقة التي فاجأتني أنني لم أعثر على اجابة واحدة تجيب عن السؤال!.. وهذا ما فتح الباب لي على ثغرات كبيرة، ربما تكون ناتجة عن غياب معلومات أو عدم معرفة أو صعوبة التشخيص، وأياً كانت الأسباب فقد قادتني هذه المجموعة إلى التعرّف على مكتب محاماة، حيث تعرفت على أستاذة فاضلة تعاني مثلنا وابنها زميل لي منذ الدراسة الجامعية والآن بماجستير القانون، وهكذا تجمعت عناصر ذات فاعلية في هذه المجموعة بحيث يتواجد المحامي المقتدر الذي يتلمس ويعيش أحاسيس ومشاعر المعاقين بصرياً وغيرها والمهني القادر على تشخيص ووصف الاعاقة وانعكاسها على الصحة والحركة وجسم الانسان واعراضه المصاحبة.هناك وكما هو متبع في تصنيف الاعاقة البصرية ثلاث فئات، بسيطة ومتوسطة وشديدة، ولكل حالة لها مستلزماتها، سواء بالعلاج أو بما يترتب على الهيئة العامة لذوي الاعاقة تقديمه أو فعله وكيفية تسجيله إلى ما هنالك من إجراءات، وان كنت على دراية بتلك التصنيفات نظراً لمعرفتي بها من خلال أسرتي ومتابعتي الحثيثة لها، وما تعرضت إليه عندما ذهبت لتبليغ الهيئة والمسؤولين بوفاة والدتي وبعدها شقيقتي المسجلين عندهم وجوابهم على طلبي الذي أثار عندي الشكوك بالتلاعب في الملفات. المهم ان الدخول في هذا المنحى سيجعلني في قلب الحدث، أي الاعاقة البصرية، وهو ما سيوفر لي معلومات ومتابعة لم تكن متاحة من قبل، لعلني أساهم في تحسين أوضاعهم وايصال مطالبهم وصوتهم إلى المسؤولين. د. إبراهيم بهبهانيebraheem26.com@babhani26
مشاركة :