أيها المهاجر: ما معنى أن تحب وطنك

  • 7/9/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حب الوطن ليس ترديد نشيده الوطني فقط، وليست محبة الوطن هي تلك التي يكون مقدار الحب فيها بمقدار ما تأخذ. ولا يمكن أن ترهن حبك للوطن تبعاً لمستوى رضاك أو غضبك من مسؤول أو إدارة لم تنصفك. كما أن حب الوطن ليس مهنة تتكسّب بها هنا وهناك وليس مطيّة للمصلحة وإشباع الأنا التي لا تشبع. حب الوطن قيمة كبرى لا تقبل المساومة، حتى وإن غضبت أو أوذيت، فحق الوطن لا يُنال وحياضه تحمى بالدماء، وهكذا بُنيت وصِينت الأوطان. تأمل فيما قال رسول الحق ومرشد الخلق - صلى الله عليه وسلّم - عن وطنه «مكة» حينما غادرها مضطراً: «واللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ الله، وَأَحَبُّ أَرْضِ الله إلى الله، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ؛ ما خَرَجْتُ». قال المصطفي الصادق هذا الكلام مؤكداً أن وطنه مكة «خير أرض الله» مع كل ما فيها من الكفار والمشركين الذين آذوه وطردوه ومع وجود الأصنام منصوبة في حرم بيت الله الحرام. ما أتفه من يغادر وطنه لأي سبب! ثم يضع نفسه خادماً ذليلاً تحت أقدام خصوم وطنه. يستوي في ذلك من يدّعي أنه غادر انتصاراً للحريّة والتنوير، أو من يدعي هجرته لنصرة الحق، وهو في حقيقته مغادر برسم أوامر رموز الحزب أو المذهب. لعلكم رأيتموهم على الشبكات والقنوات يقلبهم الخصوم ذات اليمين وذات الشمال ليغترفوا من «سلال المهملات» موضوعات لا تخدم أحداً إلا وضع هدف لهذا الوضيع أو تلك النائحة. وحين ينتهي منهم سادتهم ينفلتون على الشبكات الاجتماعيّة ليكتبوا ويصوروا حياتهم ونشاطاتهم في مدن الضياع بكل قبح وسوء لقاء حفنة دراهم مغموسة بالذل أو المهانة انتظاراً لوثيقة «إقامة» تافهة يدفع ثمنها هؤلاء التائهون من دينهم وقيمهم وطهر وطنهم. يا أيها المخدوع، ويا أيتها المغشوشة: حين زخرفوا لكما الحياة في هذه العاصمة أو تلك، وحين قررتما مغادرة الوطن لأي سبب، لماذا تدفعان الثمن من الشيء الثمين الوحيد الباقي في حياتكما؟. كيف يكون الدين والوطن ثمناً لورقة إقامة؟ أو استجداء إعانة زهيدة من مكتب الضمان الاجتماعي في دولة هي في الماضي قاتلة لأبناء جنسك، مستعمرة لأوطانهم، وهي في الحاضر تتربص بوطنك الدوائر. ثم كيف تستطعم مالاً ثمنه الخيانة ومصدر معظمه ضرائب تجارة الخمور والدعارة والقمار. وأعجب العجب أن تجد من هاجرت، أو هاجر بدعوى نصرة الحريّة، ثم يرتد على وطنه عبر الشبكات الاجتماعيّة؛ لينشر كلاماً ومقاطع هي دليل التيه الذي يعيشه، وهي برهان على أن الحريّة التي ينشدها هي فقط في أن يمتلك الوسيلة لشتم دينه ووطنه ورموز مجتمعه. أي حريّة تقدم أو تقدمين نموذجها حين ينطلق اللسان والقلم بكل ما في قاموس البذاءة مستهدفاً قيم المجتمع ورموز الوطن الذي منحك اسمه وهويته. ممارسة الحريّة والتنوير لا تأتي من البذاءة والاستنقاص للأخرين الذين ارتضوا وتوافقوا على تنظيم حياتهم وشؤونهم بالطريقة التي رأوها تناسبهم. ويأتيك نفر يرون أنّهم وحدهم يملكون الحقيقة وباسمها يقاتلون لممارسة الوصاية باسم الدين والمذهب، تراهم يتنقلون من عاصمة فساد إلى عاصمة مؤامرة؛ ليقدموا الدروس في الطهارة الدينيّة والواجب الشرعي ألا ساء ما يصنعون. مسارات قال ومضى: لم تترك لي كلمة الحق صاحباً مزيّفاً.

مشاركة :