جميعنا نرغب أن نرى أبناءنا ناجحين ومتميزين في حياتهم بوجهٍ عام، بل ونتمنى أن يكونوا قادرين على تحقيق أهدافهم؛ فلطالما حلمنا بأن نراهم في قمم السمو وكرم الحياة، لكن هل وصولهم إلى القمم سهل دون سعيٍ وجدّ نحو الهدف.. ألا يتطلب ذلك دفعات نفسية ومعنوية وإجرائية من الأهل للأبناء؟!. «الأبوة» معنى شامل وواسع، وهو أسلوب حياة يخلو من الكمال والمثالية، لكن تبقى فيه درجة تأثير الوالدين في تربية أبنائهم وتكوين شخصياتهم وتطويرها يلعب الكثير الكثير، والتي تنعكس على اتجاهاتهم واستعداداتهم وتفكيرهم ورفاهيتهم حتى سعادتهم. وعندما يقفي كل عامٍ دراسي بنتائجه، طبيعيٌّ أن يعود بعض أبنائنا فيه بإشعارات الإخفاق، وحتماً حينها أن يكونوا مُثبَطِين لوالديهم قبل أنفسهم، ومنه يعلم الكثير من أرباب التربية والمختصين ما قد يوصله الإخفاق في نفسيّة الطالب ومستقبله من الحزن والإحباط، ويمتد نحو الوالدين والمجتمع وأكثر!. في نفس المنعطف تماماً؛ يأتي مباشرةً هنا دور الوالدين؛ بأن يكون رد فعلهم تربوياً رصينًا يقابل نتيجة «ابنهم» غير المرضية بإحداث تأثير إيجابي يمنع تكراره، ويأتي الدور التربوي الناجع وزرع الثقة مجدداً، دون عقاب مباشر من النّهر والاستهزاء الذي يضاعف من المشكلة، ويتسبب بعقد نفسية لا يحمد عقباها!. هنا ندرك قيمة وعي «الأسر» بتكثيف التوعية والتوجيه وقبلهما التحفيز بأن الفشل هو أولى خطوات النجاح، ثم العمل تدرجّاً بالواجبات والمهام الجديدة بعادات جديدة خلاّقة عن مستوى وعاداته السابقة، والبحث عن البدائل المناسبة التي تتماهى مع اتجاهات الابن واستعداداته مع تحديد أوقات وأنشطة ترفيهية محفزة وفق جدول زمني منظم، مع الوضع في الاعتبار وفي نفس الوقت إشعار الابن برقيّ؛ بأن تقصيره وإهماله كان تغيراً غير متوقع منه!. ومع محصلةٍ بدهية، وبقليلٍ من الكياسة والأساليب التربوية الفعالة الواجب على الآباء والأمهات انته جها في مثل حالات الإخفاق، أن تكف ألسنتهم عن المقارنة بين «الأبناء»، وتحديداً مع الأخ الناجح وأخيه المخفق ليس فقط عند حدود الكلمات والأقوال، بل وعلى مستوى الأفعال، فالتمييز بينهما إخفاقٌ تربويٌ يزيد من الطين بلة؛ فالإخفاق وحده كفيل بأن يبقى درساً مؤلماً، لا توازي رسالته رسالة في عمقها النفسي، فما تريده أيها الأب وأيتها الأم من إيصاله قد تكفل الإخفاق به، برسالة عميقة منك ليس إلا. المحصلة الأخيرة من نجاحات الفشل، أن للأساليب والوسائل التربوية سحراً عجيباً ليس في قلب الأمور رأساً على عقب، بل في تصحيح الخطأ وتعديل الصورة في إنسانيةٍ وذوقٍ ورقيٍ مبهج من «الأسرة» جميعها وبتعاونٍ عميق من «الوالدين» كذلك؛ والأهم المردود الفعّال في انتشاله من حفرة الإخفاق وتجاوزها إلى مستقبلٍ بديع بكل ثقةٍ وبدائل أفضل؛ ليبقى أن إخفاق أبنائنا لا يعني فشلهم!.
مشاركة :