بعد شهر و63 مباراة، تصل كأس العالم في كرة القدم إلى محطتها الأهم، المباراة النهائية اليوم الأحد على ملعب لوجنيكي في موسكو، بين كرواتيا وقائدها لوكا مودريتش الباحثين عن لقب أول في تاريخ البلاد، وفرنسا ونجمها كيليان مبابي الباحثين عن لقب ثان في 20 عاماً.طرفان لمباراة نهائية للمونديال الروسي لم يتوقعهما كثر قبل انطلاق النهائيات في 14 يونيو/ حزيران الماضي، إلا أن البطولة التي لم تخل من المفاجآت، أفضت في نهاية المطاف إلى إعادة لنصف نهائي مونديال 1998 على الأرض الفرنسية، حينما حرم المنتخب المضيف ضيفه الذي كان يشارك للمرة الأولى كدولة مستقلة، من مواصلة الحلم وبلوغ النهائي (1-2).من بين المرشحين الكبار لبلوغ النهائي، كانت فرنسا الوحيدة التي صمدت، حاملة اللقب ألمانيا خرجت من الدور الأول، أرجنتين ليونيل ميسي من ثمن النهائي على يد الديوك الفرنسيين، إسبانيا من الدور نفسه على يد روسيا المضيفة، وبرتغال كريستيانو رونالدو في الدور نفسه أمام الأوروجواي، وبرازيل نيمار على يد الجيل الذهبي البلجيكي.فرنسا بتشكيلة شابة (ثاني أصغر معدل أعمار في مونديال 2018)، متحمسة، صلبة دفاعياً، مبتكرة هجومياً، حاسمة في الضربات الثابتة، وبعزيمة منح مشجعوها لقباً ثانياً مع إحيائهم الذكرى العشرين للقب الأول، وخبرة نهائي المونديال الثالث بعد 1998 و2006 (خسرت أمام إيطاليا).في المقابل، جيل كرواتي خبير بات الأفضل في تاريخ بلاده بعدما وصل إلى النهائي للمرة الأولى، متفوقاً على جيل 1998. يعول على مواهب فذة مثل مودريتش وإيفان راكيتيتش وماريو ماندزوكيتش، وعزيمة لا تلين مكنته من خوض شوطين إضافيين في المباريات الثلاث في الأدوار الإقصائية، ولم يتعب بعد من الركض خلف المجد وتحقيق حلم مواطنيه.ستكون فرنسا أمام فرصة الانضمام إلى نادي «أصحاب النجمتين»، مع الأرجنتين (1978 و1986) والأوروجواي (1930 و1950)، بينما ستكون كرواتيا أمام فرصة أن تصبح ثاني متوج جديد باللقب في النسخات الثلاث الأخيرة بعد إسبانيا 2010.ديدييه ديشان هو رجل المرحلة لفرنسا، القائد الذي رفع الكأس عام 1998 في ملعب استاد دو فرانس، يسعى لأن يصبح الثالث فقط في التاريخ يقوم بذلك كلاعب ومدرب، في حال تتويجه، سينضم إلى البرازيلي ماريو زاجالو (1958 و1962 كلاعب، و1970 كمدرب) والألماني فرانتس بكنبارو (1974 كلاعب و1990 كمدرب)، يريد ديشان أن يثبت مكانته كمدرب ناجح، وتعويض خيبة خسارة نهائي كأس أوروبا 2016 على أرضه أمام البرتغال. تبدل المنتخب الفرنسي بشكل كبير، من 1998 إلى 2018، ومن الدور الأول إلى المباراة النهائية، بدأ بشكل ممل، بحذر مبالغ به، وارتكاز على الدفاع. بدءاً من ثمن النهائي، حرر أسلوب لعبه، وأظهر مبابي موهبته على أرض الملعب، والأهم، سرعته الخارقة التي باتت تؤرق المدافعين.أربعة أهداف في مرمى الأرجنتين، هدفان في الأوروجواي، وهدف في بلجيكا، أوصلت فرنسا إلى النهائي، لم يغفل المنتخب «العلامة المسجلة» لديشان، أي الدفاع الصلب المرتكز على رافايل فاران وصامويل أومتيتي، إلا أن تحركات مبابي وانطوان جريزمان وأوليفييه جيرو (رغم عقمه التهديفي) جعلت من الفرنسيين فريقاً قادراً على تشكيل الخطر متى أراد.ليست فرنسا وحدها من تحلم، كرواتيا ترقبت طويلاً ما وصلت إليه، وهي مصممة بقيادة مدربها زلاتكو داليتش، على الذهاب أبعد، على رغم الانهاك. منتخبها خاض عملياً «سبع» مباريات وصولاً إلى النهائي، إذ إن مجموع مدة الأشواط الإضافية الستة التي خاضها في آخر ثلاث مباريات، يصل إلى 90 دقيقة، أي مباراة كاملة. عنصر تعب آخر هو أن كرواتيا خاضت نصف النهائي الأربعاء، بينما كانت مباراة فرنسا في الدور نفسه الثلاثاء.إلى جانب لاعب ريال مدريد الإسباني مودريتش في خط الوسط، تعول كرواتيا على لاعب «الغريم» برشلونة راكيتيتش الذي سيخوض اليوم الأحد المباراة الحادية والسبعين له هذا الموسم (مع النادي والمنتخب)، أي أكثر من أي لاعب آخر مشارك في النهائيات العالمية. لدى كرواتيا الكثير لتراهن عليه: مواهب، عزيمة، وأصغر منتخب من حيث التعداد السكاني لبلاده (نحو 4,1 مليون نسمة) يصل إلى نهائي كأس العالم منذ الأوروجواي قبل 68 عاماً.ويقال أن الفائز من نهائي اليوم، سيحدد لاحقاً الفائز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم.ومع خروج كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي من دور ال 16، وهما اللذان احتكرا الجائزة في السنوات الأخيرة أصبح كل شيء ممكناً، ويتقدم المرشحان لوكا مودريتش الفائز مع ناديه ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا، والمساهم الأكبر بوصول كرواتيا إلى هذه المرحلة.على الجانب الآخر، يتقدم المرشحين انطوان جريزمان فهو قاد أتليتكو مدريد للفوز بلقب «يوربا ليج»، ورغم عدم أهدافه مع فرنسا (ثلاثة أهداف فقط)، إلا أنه لعب دوراً مهماً في ترجيح كفة «الديوك»، مثله مثل زميله مبابي نجم باريس سان جيرمان الشاب.
مشاركة :