بينما دعت منظمة هيومان رايتس ووتش أمس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأن يأمر بوقف تنفيذ حكم الإعدام في حق أحد الخصوم السياسيين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومساعدة سابقة لخصم آخر له، ردت وزارة حقوق الإنسان العراقية المنظمة إلى «الاطلاع على طرق التقاضي في العراق». وأوردت المنظمة الحقوقية التي مقرها نيويورك حالتي رشا الحسيني، سكرتيرة نائب الرئيس السابق طارق الهاشمي، التي حكمت عليها محكمة الجنايات المركزية ببغداد بالإعدام في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على تهم تتعلق بالإرهاب، وحالة أحمد العلواني، النائب البرلماني السابق، الذي حكمت عليه المحكمة ذاتها في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بالإعدام بتهمة القتل. وفي حالة رشا الحسيني، قالت المنظمة «يبدو أن الحكم استند حصريا إلى اعتراف الحسيني، التي يزعم محاميها أن قوات الأمن عرضتها لتعذيب نفسي وبدني». وكانت قوات الأمن قد اعتقلت رشا الحسيني و12 آخرين من أعضاء طاقم الهاشمي في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2011، وفي مارس (آذار) 2012 نشرت هيومان رايتس ووتش تقريرا عن أدلة تفيد بتعرض الكثيرين منهم للتعذيب. وقد توفي أحدهم، وهو الحارس الشخصي عامر سربوت زيدان البطاوي، بعد اعتقاله بنحو 3 أشهر، وظهرت على جثته آثار للتعذيب، بما في ذلك في عدة أماكن حساسة. وأنكرت الحكومة مزاعم التعذيب ولم تحقق فيها، حسب المنظمة. وقالت عائلة رشا الحسيني للمنظمة إنهم قدموا شكاوى إلى مكتب الرئيس ورئيس الوزراء العراقي بشأن «أوجه خلل في قضيتها، بما فيها مزاعم بأن قوات الأمن في إدارة المخابرات بحي البلدية في بغداد عذبتها بالصدمات الكهربائية واعتدت عليها بالضرب وعلقتها من السقف وهددت باغتصابها هي وشقيقاتها وأمها، لحملها على الاعتراف». وأضافت المنظمة أنه «بدلا من التحقيق في تلك المزاعم، قال المكتبان (الرئيس ورئيس الوزراء) للعائلة إن النظام القانوني سيتولى القضية، على حد قول أفراد العائلة». يذكر أن رشا الحسيني محتجزة الآن في سجن بالكاظمية وتنتظر الترحيل إلى عنبر الإعدام. وقال أفراد العائلة إنهم «لم يتمكنوا من زيارة رشا الحسيني في مقر الاحتجاز إلا بعد دفع 500 دولار أميركي لرجال الأمن في كل زيارة». وقال المحامون المترافعون عنها للمنظمة إنها «أخبرتهم بأن رجال الأمن وعدوها بالإفراج عنها إذا اختلقت معلومات عن أنشطة إرهابية مزعومة لنائب الرئيس السابق». وبالنسبة للعلواني، أصدر الاتحاد البرلماني الدولي، وهو المنظمة الدولية المعنية بالبرلمانات، تقريرا في 25 نوفمبر الماضي يدعو السلطات العراقية لتقديم معلومات عن قضيته وعن مكانه الحالي، الذي لم تكشف عنه الحكومة. وأبدى التقرير التشكك في مدى اتفاق محاكمته مع الشروط الأساسية لسلامة الإجراءات وضمانات المحاكمة العادلة، بالنظر إلى غياب أي معلومات متاحة عن المحاكمة. وقال أحد محامي العلواني لهيومان رايتس ووتش: إن «قوات الأمن لم تسمح له برؤية العلواني قبل استجوابها له، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى عن احتجازه أو استجوابه أو محاكمته». واتهم العلواني بالقتل بعد مداهمة قوات الأمن لمنزله في الرمادي في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2013، وإطلاق النار عليه وعلى عائلته. وحسب المنظمة، زعمت القوات أن العلواني أسقط حقه في الحصانة البرلمانية حين بادلها النيران فقتل اثنين من الجنود. وأنكر العلواني التهمة. وقال بعض الأقارب للمنظمة إن «قوات الأمن طلبت رشى للسماح لهم بزيارة العلواني في سجن مطار المثنى بجوار جهاز مكافحة الإرهاب، حيث يتم احتجازه. وقد شاهدوا أثناء الزيارة آثار تعذيب على جسده»، بحسب قولهم. وكانت قوات الأمن قتلت شقيق العلواني و5 من حراسه أثناء مداهمة منزله ولم يتم تحقيق في وقائع القتل ولا في مزاعم تعذيب القوات للعلواني، كما قال أقاربه. وأشارت المنظمة في تقريرها إلى وعود رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي بإجراء إصلاحات تهدف لكبح جماح انتهاكات قوات الأمن، وبإشراك السنة في النضال ضد تنظيم داعش. وقالت المنظمة إن «على الحكومة العراقية أن تأمر بوقف تنفيذ الإعدام في قضيتي رشا الحسيني والعلواني لحين اكتمال التحقيق في مزاعم تعرضهما للانتهاكات أثناء الاستجواب». وقال جو ستورك: «لقد وعد رئيس الوزراء العبادي بإصلاحات، وهذا تحرك إيجابي، لكنه يحتاج للتصدي للانتهاكات واسعة النطاق وأوجه الخلل في النظام القضائي الذي يخفق على نحو روتيني في الاستجابة لمزاعم التعذيب ومخالفات معايير المحاكمة العادلة». بدورها، أكدت وزارة حقوق الإنسان في العراق، أن أحكام الإعدام في العراق لا تنفذ إلا بعد مرور نحو 4 سنوات لوجود مراحل طويلة ومعقدة من بينها التمييز الوجوبي فضلا عن وجود 7 أسباب لإعادة النظر بالمحاكمة مهما كان نوع القضية». وردا على تقرير هيومان رايتس ووتش، قال الناطق الرسمي باسم الوزارة، كامل أمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القضاء في العراق سلطة مستقلة ولا سلطة عليه من قبل الجهاز التنفيذي، لكننا مطمئنون لسلامة الإجراءات القضائية حيث من الصعوبة اتهام القضاء بأنه مسيس لا سيما أن هناك مراحل تقاض معقدة وطويلة خاصة فيما يتعلق بأحكام الإعدام إذ إن أي حكم يصدر هو حكم ابتدائي ويخضع للتمييز الوجوبي بشكل تلقائي حتى لو لم يطلب محامو المتهم ذلك». وأضاف أمين أنه «في الوقت الذي يصدر فيه الحكم على المتهم من محكمة الموضوع المكونة من 3 قضاة فإن هيئة التمييز تتكون من 16 قاضيا وتتولى مراجعة القضية بالكامل ومن ثم تذهب إلى هيئة قضائية أخرى تتكون من 12 إلى 24 قاضيا من الدرجة الأولى لمراجعة الحكم»، مشيرا إلى أنه «يحق للمتهم وبالنظر لوجود 7 أسباب لإعادة النظر بالحكم فإن أي قضية يمكن أن يعاد النظر بها وتعاد المحاكمة من جديد، وبالتالي فإنه يصعب تماما اتهام كل هؤلاء القضاة والهيئات القضائية بكونهم مسيسون»، مؤكدا أن «هذه المراحل يشمل بها حتى عتاة المجرمين الذين طالما استفاد بعضهم من طول فترة التقاضي من الهروب من السجون عندما حصلت الحالات المعروفة». وختم أمين بالقول: «أدعو منظمة هيومان رايتس ووتش وغيرها من المنظمات المعنية بهذا الأمر أن تزور العراق وتطلع على كل طرق التقاضي لكي تكون أحكامها منصفة وموضوعية».
مشاركة :