* حل في التشكيل الوزاري الجديد معالي الشيخ سليمان أبا الخيل وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والرجل سبقته سمعته العلمية بداية لتخصصه في ميداني الدعوة والاحتساب والفقه المقارن – والأخير تخصص نفيس ونادر بين التخصصات العلمية والشرعية، ومع أن سلفه من الوزراء أدوا واجبهم الوظيفي ورحلوا، تاركين له هذا المقعد الذي تتركز عليه الأنظار، وتتطلع إليه الهمم. وذلك للمنعطف الهام الذي تمر به المنطقة العربية والإسلامية وذلك لجهة انتشار مساحة التطرف والتشدد والغلو وتمددها في عقول الناشئة، الذين اختلطت عليهم المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي مع المفاهيم المغلوطة التي حورت تلك المفاهيم النقية لأغراض سياسية محضة، ولنعترف ونقرر بداية بأن الشباب السعودي كان - لسبب أو آخر- في مقدمة من توجهت إليهم دوائر هذه التيارات الإرهابية والمتطرفة، فانقادوا بسهولة إليها، واكتووا بنارها، ولم تسلم بلادنا من هذا الاكتواء الأليم، مع أن بلادنا ولله الحمد تطبق شرع الله مقروناً بتعاليم السنة النبوية واجتهادات الأئمة من التابعين والسلف الصالح، ولقد نبّهت في أكثر من مناسبة بأن مرجعيات كثير من شبابنا أضحت -منذ زمن- خارجية – ولو حاول أحدنا ذكر البعض من هذه المرجعيات ناقداً لها أو مختلفاً مع مقولاتها وأدبياتها يُواجَه بهجوم شديد إن لم يصل الأمر إلى التشكيك في عقيدته وتوجهه. * هذه توطئة يعلم معاليكم الكثيرعنها، وخصوصاً أنكم تقلدتم منصب مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأبليتم بلاءً حسناً في هذا المنصب الهام ولكم من الله الأجر والثواب، ولعل الحديث عن منابر المساجد أضحى أمراً له أهميته وأولويته القصوى، فكثير من المصلين يتطلعون لقيام أئمة المساجد بتحذير الشباب من الانسياق وراء ما يُعرف بأدبيات تيارات الإسلام السياسي، والتي وصمت المجتمعات بالجاهلية، وترتب على هذه المقولة أن استحلت دماء الأبرياء ممن يقرون بالوحدانية والولاء لله ورسوله، ومن رداء هذه التيارات وتأسيساً على تلك الأدبيات خرجت علينا جماعات تزعم أنها وريثة الخلافة الراشدة، وذلك بهتان وإثم عظيم، واستحلت هي الأخرى ظلماً وعدواناً جز الرؤوس في مشهد دموي مقزز، وسبي النساء، وتهجير كل من يخالفها في رأي ومعتقد. وبايعها البعض كفاحاً، والآخر من وراء حجاب وستر. * يرى البعض أن غياب التحذير والتوضيح من أئمة المساجد لشباب الأمة من ذلك وسواه يعود بعضه للغفلة، والبعض الآخر لغياب الفقه والثقافة العلمية المتمكنة، كما أن البعض يخشى من الأتباع أو المريدين فيلتزم الصمت ويؤثر السلامة وآخرون يتوطن للأسف الشديد عقولهم فكر خطير وهو أنه ليس هناك ما يعرف بمبدأ الولاء للوطن وولاة أمره، وأن الولاء يفترض أن يكون -حسب رأيهم- للأفكار، حتى وإن كانت تلك الأفكار تصطدم مع مسلمات شرعنا الحنيف وعقيدتنا السمحة بوسطيتها واعتدالها وتحريمها لقتل النفس بغير حق أياً كانت ولأي دين تنتمي، فكيف إذا كانت هذه النفس مؤمنة بالفطرة ومجبولة على التوحيد. ولا يختلف أحد على أهمية منبر المسجد ودروسه، التي يقوم بها أحياناً للأسف بعض القادمين من بلاد أخرى، ويقولون في مساجدنا ما لا يستطيعون التفوّه به في بلادهم، وذلك مردّه -عند الفحص والتدقيق- لطبيعتنا الطيبة أحياناً، أو سذاجتنا في أحايين أخرى. * إن لذلك كله وسواه تأثيراً وجاذبية على هذا الشباب، الذي أضحى يتفلَّت من بين أيدينا، لنراه بأعيننا وقد أصبح وقوداً لمعركة هو لم يعلم مبتدأها، فكان ضحية لآخرتها وأوهموه بأنه المنظِّر، ووضعوا بين يديه الأقلام والمحابر والأختام.
مشاركة :