* مع معرفة البواعث والاهتمامات التي دفعت المؤسسات الغربية للعناية بالمخطوطات العربية إلاّ أنه يجب علينا الاعتراف والإقرار بأن هذه المؤسسات رغم تلك الخلفيات أولت تلك المخطوطات اهتمامًا بالغًا، وصنعت لها الفهارس العلمية التي تسهل على الراغبين وطلاب العلم عملية البحث عن مظان هذا التراث العلمي الذي أفادت كثيرًا منه الحضارة الغربية، ونورد على سبيل المثال أسماء بعض هذه الفهارس، مثل فهرست الكتب العربية بالمتحف البريطاني في ثلاثة أجزاء، وفهرست مكتبة الجمعية الشرقية الألمانية ليسبزج Licipzig، وفهرس المخطوطات الشرقية الخاصة بالمستشرق براون Browne، وتعتبر دار "بريل" Brill، من أكثر المؤسسات الغربية اهتمامًا بالتراث العربي والمخطوط، خاصة ومن أشهر الفهارس التي أصدرتها فهرست المخطوطات العربية من مكتبة المدينة الخاصة من عمل المستشرق "لاندبرج" ويقصد بها مكتبة أمين بن حسن الحلواني المدني، والتي ابتاعتها منه "بريل"سنة (1301 هـ - 1883 م) . ولقد حملني إلى كتابة هذه التوطئة ما نقلته صحيفة "مكة" عدد 21 ذو الحجة 1435هـ، وبعنوان مثير "مكتبة الملك عبدالعزيز في طريقها إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة" والسبب هو أن المكتبة أغلقت أبوابها أخيرًا لصالح مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف، وقد ضُم إلى المكتبة بعد التوسعة الكبرى للمسجد النبوي الشريف عدد من المكتبات التاريخية التي تحوي تراثًَا علميًّا مخطوطًا هامًّا، مثل المكتبة المحمودية التي انشئت سنة 1327هـ/1821م ومكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت التي أنشئت سنة 1270هـ/1853م، ويبلغ عدد المخطوطات الموجودة بها حوالى خمسة آلاف مخطوطة، وقد أوقف عليها صاحبها العديد من المخطوطات في كل من تركيا والمدينة المنورة، وكان يفترض أن تقوم الجهات المسؤولة بشراء دور توقفها على المكتبة بدلاً من الدُّور التي هدمت والموقوفة على المكتبة أصلاً، وفي مقدمة ذلك بناء خاص للمكتبة بدلاً من البناء الذي تمت إزالته لصالح التوسعة الكبرى لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. * وقد ذكر الباحث حماد التونسي في رسالته العلمية التي أنجزها بإشراف الباحث والمتخصص في علم المكتبات والأستاذ الأكاديمي المعروف البروفيسور عباس طاشكندي بأن صك الوقفية الخاص بهذه المكتبة قد ترجم إلى العربية، وكان محفوظًا عند السيد حبيب محمود أحمد -رحمه الله- بحكم منصبه رئيسًا لمجلس الأوقاف الفرعي -آنذاك-. * كما ضُم لمكتبة الملك عبدالعزيز مكتبة المدينة العامة والتي أسست عام 1380هـ/ 1960م، وكان لرجل الفضل والعلم الرائد الشيخ جعفر بن إبراهيم فقيه -رحمه الله- 1320-1411هـ دور هام في تأسيسها، وقبل عدة سنوات استمعت إلى أحد المسؤولين يتحدث عن وجود مخططات لإنشاء مبنى جديد للمكتبة الأم "مكتبة الملك عبدالعزيز" -رحمه الله رحمة الأبرار- ولكن تصريح رئيس المجلس العلمي لمكتبة الملك عبدالعزيز ورئيس النادي الأدبي بالمدينة المنورة الزميل الأستاذ الدكتور عبدالله عسيلان بأن نقل الكتب والمخطوطات بالمكتبة إلى مكتبة الجامعة الإسلامية سوف يكون مؤقتًا يطرح سؤالاً هامًّا: لماذا لم يقدم المجلس العلمي، والذي يضم كفاءات علمية معروفة تصوُّرًا استشرافيًّا لوضع المكتبة من قبل؟ وخصوصًا أن دولتنا السَّنيَّة تنفق الكثير على كل المشروعات المتصلة بالحرمين الشريفين، وتأتي المكتبات في أولويات الاهتمام لأنها تمثل ملمحًا وسمة حضاريين هامّين لهذه المدينة الطاهرة، التي تعتبر عاصمة الإسلام الأولى، ومن يرجع إلى كتب الرحالة -عربًا وغربيين- يجد اهتمامًا خاصًّا بالمكتبات العلمية الموقوفة، والتي كانت تقوم بجوار مسجد النبي ومثواه الطاهر -عليه صلاة الله وسلامه- بل إن المجلس مسؤول مسؤولية كاملة عن الحالة التي وصلت إليها المكتبة قبل إغلاقها، كما نقلت الصحيفة نفسها عن الباحثة في تاريخ المدينة إنشراح بخاري، وإذا كان المجلس العلمي لم يتمكن من أداء مسؤولياته لأسباب ودواعٍ معينة، فكان من المفروض على رئيس المجلس أن يذكر ذلك حتى تتضح معالم الصورة عن هذا الصرح الحضاري. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (70) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :