66 عاما … تمر هذه الايام على ثورة 23يوليو 1952 و بحجم تأثيرها ، لا اقول انها ثورة مصرية فقط ، لكنها ثورة انسانية كبرى استطاعت ان تغير الكثير من مظاهر الحياة فى مصر والعالم العربى وافريقيا واسيا وامريكا اللاتينية ولان الثورة كانت جمال عبد الناصر وعبد الناصر كان الثورة لا اجد اكثر من هذه القصة التى كتبتها منذ سنوات عن عشق جيلى والاجيال السابقة واللاحقة عليه للزعيم الذى مازال يعيش بيننا حتى الآن !! وهذه قصتى التى امتزج فيها الوعى مع اللاوعى والخيال مع الواقع والطفولة مع الكهولة والشيخوخة !! قصة قصيرة لو كان أبوك الزعيم – لو كان أبوك جمال عبدالناصر أسبق القطار ده ! أقولها إلي أحد أصحابي. فيجري وراء القطار ويبكي صاحبي بعد أن هزمه القطار. فأرد عليه بثقة مبالغ فيها: – القطار مالوش ذنب أنت إللي أبوك مش جمال عبدالناصر …!! *** “فرع النيل” عندنا نسميه البحر.. أجلس علي شاطيء البحر في بلدنا تحت الجميزة القبلية وحولي بعض العيال ثم أقطع الكلام بتحد مبالغ فيه وسؤال مباغت: – مين فيكم أبوه زي جمال عبدالناصر؟ يرد الكل في نفس واحد:- – أنا أرد : – إللي أبوه زي جمال عبدالناصر يعدي البحر قبل م أفتح عيني. ينط الجميع بجلابيبهم في البحر في لحظة واحدة ويبدأون التضبيش. يصرخ عمي الحاج محمد في الرجالة إللي حواليه : – الحقوا العيال ح يغرقوا. يشخط الرجالة في نفس واحد في العيال: – – اخرجوا لحسن الفلكة ح تتغذي بيكم النهاردة ويتمتم عمي الحاج محمد بحنية مفاجئة لي: – – البحر غويط وزايد اليومين دول والعيال مبتعرفش تعوميابنى. يخرج الجميع إلا الواد صبحي الذي يحاول الابتعاد عن الشاطيء إلي منتصف البحر. فيشخط فيه عمي الحاج :– – اخرج وإلا ح انزل أغرقك عندك وأدفس رأسك في الطين. يعود صبحي إلي الشاطيء ويخرج منكسرا ومدلدلا رأسه إلي الأرض وهدومه مبلولة تتساقط منها المياه وحبات الطين … أضحك وأقول للعيال :– – خفتم من عمي الحاج ولا معرفتوش تعدوا البحر. أصل مفيش حد فيكم أبوه جمال عبدالناصر !! *** وفي اليوم التالي تجمع العيال عند الجميزة البحرية أمام الجامع وعندما جئت من الدار وجدتهم يتهامسون وعندما رأوني قالوا في نفس واحد :- – لو أبوك جمال عبدالناصر أسبق الطيارة . قلت بثقة شديدة: – وإيه يعني طيارة… أنا أسبق 100 طيارة. بس لما تيجي ! ردوا في نفس واحد : – لما نشوف. وبعد عدة أيام ونحن نجلس أمام دكان الحاجة فكيهة البقالة ظهرت طائرة من أول البلد فصرخ الجميع في وجهي بتحد :– – استعد ياعم .. وورينا بقي . انتطرت حتي اقتربت منا الطائرة أخذت ذيلي في أسناني وبدأت الجري .. أجري ولا أنظر خلفي .. لكن أصواتهم تطاردني وتلاحقني … – أوعي تسبقك الطيارة .. –ومع أصواتهم اختلطت ضحكات بعض النسوة وإحداهن تقول : – شوفي الواد المجنون… قال بيسابق الطيارة !! أجري وأجري…. وفجأة عاندني الطيار ابن الإيه وترك الجسر وإتجه للغيطان ونزلت وراءه لاخترق غيط البرسيم لكن ابن الإيه الطيار زود السرعة حبتين وأنا أزيد من سرعتي ، لكن ابن العفريته شعر أنني ح أسبقه فبدأ يتجه لعبور البحر وأنا وراءه وأغمضت عيني وقلت في سري : – – مش ح أخليك تسبقني يابن المركوب وح أنزل وراك .. وفجأة اتكعبلت في حجر كبير علي حافة البحر ووقعت علي الأرض الممتلئة بالحصي والدبش ليمتلأ جسدي بالجروح والخدوش ، ويزداد الأمر سوء بعد أن انزلق جسدي غصب عني في بعض زراعات البوص ليسكن الشوك والبوص المدبب في جسدي بعد اختراق ملابسي. ولولا ستر ربنا لدخل البوص في عيني. جلست أبكي بحرقة… ليس من وجع الجروح ، لكن من وجع وشماته أصحابي الذين تجمعوا حولي وهم يضحكون : – هيه… هيه .. أبوك مش جمال عبدالناصر زينا. أصرخ فيهم بصوت ممزوج بالدموع والوجع : – – والله البوص هو إللي منعني من سبق الطيارة. يرد أحدهم : – – عبد الناصر مش بيهمه البوص والشوك ويقدر يسبق أي طيارة !! كان وجع الجروح قد بدأ يزداد للدرجة التي جعلتني أصرخ بصوت عالي.. وزاد الطين بله رعبي من أمي حين تخيلتني أدخل عليها وهدومي مقطعة !! أخذني العيال إلي الدار. … وكان ما كان… المهم بعدما التئمت الخدوش.. وذات عصرية مددت جسدي وأغمضت عينيّ دون أن يكون لدي رغبة في النوم…. فقط سيطرت عليّ الرغبة في تخيّل شكل جمال عبدالناصر …. وبدأت أسأل نفسي:– – ياتري شكله إيه؟ – طويل أد إيه؟ – أسمر أم أبيض أم قمحي؟ – هل يري مثلنا أم يري حتي آخر الدنيا؟ – هل عيونه مثل عيوننا وأنفه تشم مثلنا ؟! – هل ينام مثلنا أم يظل صاحيا طول الليل والنهار ؟ – هل يأكل مثلنا ويشرب أم لا؟ – هل أولاده يذهبون إلي المدارس مثلنا ويتعلمون ويحفظون الأناشيد وجدول الضرب زينا؟ – هل يضرب المدرس أولاده مثلما يضربنا الأستاذ عبدالقوي؟ وحين ازداد فشلي في الإجابة علي هذه الأسئلة…. قلت لنفسي اسأل العيال أصحابي يمكن حد يكون عنده إجابة … *** تحت الجميزة البحرية جلسنا نضحك والقمر يفرش الأرض والنجوم تتلألأ حوله في السماء. وفوجئ الجميع بسؤالي: – حد يعرف جمال عبدالناصر شكله إيه؟ يرد الواد محمود بسرعة وبدون تفكير: – – تلاقيه طويل قوي يلتفت عبد الرحمن خلفه قائلا: – – تلاقيه أطول من عمود التليفونات إللي هناك ده عند دوار العمدة يشوح صبحي بيده قائلا:- – عمود إيه ده تلاقيه يقدر يمسك الطيارة بإيده الشمال ويسلم علي القمر بإيده اليمين. وأتدخل أنا كالعالم ببواطن الأمور : – ده طويل قوي وجسمه كبير قوي ويقدر يغلب أي حد *** وتمر الشهور وينتقل أبي للعمل بالقاهرة أو مصر كما نسميهافى البلد .. وفي أحد الأيام يمتلأ البيت والشارع بالصراخ.. يخرج أبي حافيا وأمي من غير طرحة بجلابية البيت إلي الشارع لنجد أفواجا من البشر تجري في كل اتجاه.. ويسأل أبي أحد الفارين:– – في إيه وحياة أبوك؟ يرد بصوت مبحوح غارق في الدموع: – – عبدالناصر مات يصرخ أبي ويجلس علي الرصيف وبجواره تقعد أمي وأنا واقف أصرخ في الناس: – – عبدالناصر مش زينا علشان يموت..
مشاركة :