لكي تعرفوها جيدا شاهدوا محمد أبو سويلم ( محمود المليجي في فيلم الأرض ) وغالبا مصر كلها كانت محمد أبوسويلم لأن كل المصريين كانوا تحت خط الفقر ,إلا قلة قليلة جدا هم البكوات والباشوات وأصحاب الإقطاعيات وكبار التجار .هي ثورة غيرت كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأهمها الاجتماعية لأنها ألغت الفوارق بين الطبقات ولذا أنا أسميها الثورة الشاملة .لقد كانت مصر أسيادا وعبيدا وبالطبع أغلب الموجودين حاليا لم يروا ما كان قبل الثورة وإن رأوه فلا تعيه ذاكرتهم. هي ثورة غيرت كل شيء للأفضل ولم تسل فيها نقطة دماء . هي الثورة التي يعاديها البعض دون علم وعن جهل من أجل أنهم لا يحبون أحد القائمين بها. كانت ثورة خطط لها الضباط الأحرار الذين شعروا بمذلة العيش هم وأهاليهم تحت الحكم الملكي . البعض حاليا يدعي أن الملكية كانت أفضل حكم ويتحدث عن صندوق النقد وعن الاحتياطي العالمي , كلام سطحي وكلام لا يشرح حال البلد وقتها . مصر كان بها أقل من عشرين مليون نسمة , وكان بها أصحاب الأراضي والممتلكات والنفوذ ربما لا يتجاوزون الألفي نسمة من تعداد السكان . إذا أردتم معرفة حال مصر قبل ثورة 23 يوليو شاهدوا فيلم الأرض بطولة محمود المليجي ونجوي إبراهيم - كانوا لا يجدون قوت يومهم , هذا بخلاف العمل كأجراء . لم يكن في مصر من يمتلك أي شيء غير بيته المبني من الطوب اللبن والطين . لا تتحدثوا الأن وانتم تعيشون في منازل مبنية بالمسلح ولديكم سخانات المياه في الحمامات السيراميك في كل مكان حتي في القرى النائية . لم يكن الميسور من الأسر يستطيع تعليم كل أولاده . صحيح كانت توجد جامعة القاهرة , ولكنها كانت لأولاد الصفوة من التجار وأصحاب الأراضي . لم يكن يمتلك أي شخص في مصري قيراط أرض واحدا إلا الذين لديهم أراض كبيرة وكبراء المنطقة والعمد والمشايخ , أما باقي الناس فكانوا ينامون ربما دون عشاء . ثورة 23 يوليو لم تغير فقط نظام الحكم , وإن كان البعض لا يعي جيدا ولا يفهم حقيقة أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ,لأنه يعيش حاليا , ولم يعان من حكم الآخرين له , لم يسمع من الأجداد كيف يكون حكم الآخرين علي الشعب عندما لا يكونون منه . لا يسمع عن نظام السخرة ولم ير أن العامل ممكن أن يضرب بالسوط دونما سبب. لم ير الأشخاص العاديين وهم لا يملكون الأحذية ويسيرون بأقدامهم الحافية , ولا يغيرون ملابسهم لأنهم لا يمتلكون غيرها . وبعد أن قامت الثورة بدأ العمل في إنشاء دولة جديدة للمصريين , بها مدرسة ووحدة صحية في كل مدينة وفي كل قرية , أصبح لكل مزارع أجير خمسة أفدنة يمتلكها ويأخذ خيرها لنفسه ولأسرته . صحيح لم يصبح هناك احتياطي عالمي لأننا سحبنا الاحتياطي لإنشاء المصانع , من أجل أن نعمل وننتج, ونكتفي ولا نستورد , بل بالعكس كنا نصدر الملابس الجاهزة لأمريكا وغيرها . ولكن الذي حدث أنه عندما بدأنا نصنع مستقبلنا ونخطو للأمام هاجمنا العدوان الثلاثي علي أكبر ثلاث مدن في مصر , وضربت الطائرات كل الأماكن فقط لأننا قلنا نريد أن نعيش لأنفسنا , وما أتي بعد العدوان الثلاثي من احتلال إسرائيل لأرض سيناء . وبدلا من أن نستمر في البناء والإنتاج أصبحنا يدا تبني ويدا تحمل السلاح.وتعطل البناء جزئيا واستمرت الحروب ,ربما ليس بالطائرات ولكن بقرارات غبية فبعد أن عملت المصانع وبدأنا النجاح الحقيقي - جاء قرار الخصخصة وتم غلق المصانع , منذ الستينيات من هذا القرن ونحن نصنع السيارات ونصنع الأدوات الكهربائية , وأصبحنا نستورد . استمر أعداء البلد والذين هم من داخلها في هدم اقتصادها, وكأننا كتب علينا ألا ننهض وألا نتقدم ونكون في مقدمة الأمم التي بدأت معنا بنفس التوقيت كاليابان. ثم ثورة الخريف العربي يناير 25 والتي أريد بها هدم مصر وكذلك هدم الأوطان العربية. ولكن لولا الشعور بالظلم ولولا خصخصة المصانع وظهور الإقطاعين الجدد ما كانت قامت ولا لاقت مؤيدين. ثم ثورة 30 يونيو . ولازال الإنسان المصري يسعي للحصول علي حياة أفضل لن تكون إلا بالعمل والجد .تحية لأبطال ثورة يوليو 1952 وتحية لأرواح شهداء كل الثورات التي تمت وفي داخل أصحابها التضحية من أجل حياة أفضل للجميع وهدف أسمي . وتحية لأرواح الأبطال من الجيش والشرطة والأبرياء الذين ماتوا ضحية الغدر .ومصر ستتقدم بإذن الله والقادم خير . وكل عام وانتم بخير.
مشاركة :