ما أردت أن يمر ذلك الحدث دون أن أكتب عنه، وأردت أن أشكرها على دورها العظيم وإن كانت كلماتها قليلة ولكنها قوية جدا، لأننا لو تخيلنا لبرهة وجيزة أن تلك المرأة لم تتحدث ربما لكانت تغيرت وجهة نظر الذين ذهبوا للتصويت. إنها مندوبة كوبا والتي حضرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنا نفسي لا أعرف الكثير عن كوبا، وكثير منا كذلك، ولكن تلك المرأة بتلك النزاهة، وتلك الجرأة، وذلك الوضوح في الحق، وذلك الذكاء في كشف ألاعيب إسرائيل، كانت أفضل من عبر عن كوبا، بموقفها اللحظي والذي لولاها لمر الموقف دون أن يعلق عليه أحد، فأردت أن أوجه لها التحية والتحية لكل إنسان على وجه الأرض يناصر الحق في أي مكان وفي كل مكان.إن إسرائيل بخبثها الدائم دأبت على أن تتحدث عن محرقة اليهود والتي مر عليها أعوام كثيرة، والتي لم يكن للعرب دور فيها، ولم يكن لأهل فلسطين دور فيها، وبالرغم من إشارة إسرائيل الدائمة لتلك المحرقة لكسب ود العالم وكسب عطفه بأسلوب رخيص قذر، إلا أننا نجد أن إسرائيل تمارس أبشع أنواع الظلم والقهر للشعب الفلسطيني وتحتل أرضه وتقتل أهله. ربما الكثيرون من الأجيال الحالية لا يعلمون عن مذبحة دير ياسين، عندما دخلت إسرائيل المنازل وقتلت كل من فيها من نساء وأطفال ورجال وبقرت بطون الحوامل بسنكي البنادق، ولا يعرفون مذبحة صابرا وشاتيلا، ولا يعرفون الحروب الدائرة يوميا بين أهل فلسطين وإسرائيل، إسرائيل ظلت تبني المستوطنات وتتوسع فيها بالقتل والدماء، لا يعرفون أن إسرائيل قتلت المدنيين في كل المدن التي احتلتها في سوريا والأردن، ودفعت مصر خيرة شبابها في حروبها ضد إسرائيل، إسرائيل التي لا تعرف الرحمة ولا تترك فرصة إلا وتذكر محرقة الهولوكوست وتنسى أنها ضربت بالطيران مدرسة أطفال ابتدائي في مصر. إن ما فعله ترامب بغبائه وحقده على العرب أتاح فرصة للمجتمع الدولي أن يكون محايدا عند طرح قضية فلسطين، وأن يلفت النظر لتلك القضية.إن رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين كان أسوأهم تجاه العرب بوش الأب والابن يملؤهما الحقد والظلم ويضاف عليهما ترامب، والذي يزيد عنهما أنه غبي وشرس ونهم للمال. كيف يجرؤ رئيس دولة مثل أمريكا على أن يهدد من يصوت لصالح فلسطين بأن يقطع عنه المعونة؟ كيف يكون شخصا بتلك القذارة؟ تريد أن تحصل على أصوات لصالح قرارك بالتهديد والوعيد؟ إن البلطجية والمقامرين لا يفعلون ذلك علنا، فكيف بك تفعل ذلك في هذا المكان الذي يضم تقريبا كل دول العالم، ما هذه الخسة. إنني فعلا أرى أن الشعوب تغيرت جميعها للأسوأ وأن معايير الاختيار اختلفت، ولولا ذلك ما وصل هذا المتخلف إلى هذا المنصب. وما فعله قرار ترامب المشئوم أنه وحد الدول العربية جميعها وأنا سعيدة لهذا التوحد ولو كان على قرار، أو على كلمة، فتلك بداية بإذن الله سيعقبها توحد وتعاون في أمور كثيرة. والشكر كل الشكر لمصر ولرئيسها والتي تقدمت للجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب لمناقشة القرار والتصويت عليه وللإعلان عن رفض قرار ترامب.أنا سعيدة جدا بموقف مصر وأتمنى فعلا أن تعود مصر رائدة كما هي دوما، أتمنى فعلا أن نرى العالم العربي حولنا بوضوح وأن نسعى للحلول السلمية بين الدول وأن يكون النظر إلى الشعوب التي تدفع الثمن من جراء الحروب هو الأولى بالرعاية.أتمنى أن نتيقظ لكل ألاعيب أمريكا، التي اتهمت العراق بوجود أسلحة نووية، ودمرته وقتلت أهله وسرقت ذهبه ونفطه وتريد أن تعيد الكرة في دول أخرى، أنا لا أنسي نظرة وحقد مندوبة أمريكا عندما تم التصويت على القرار برفض قرار ترامب، فإن من يراها يرى أنها تعتقد أن القدس من ممتلكاتها الخاصة. الحمد لله على الإجماع العالمي تقريبا على رفض قرار ترامب، فتلك خطوة جيدة جدا لصالح فلسطين، وشكرا أيضا لكل الذين ينشرون فظائع إسرائيل مع الفلسطينيين على السوشيال ميديا واستغلال تلك التقنيات الحديثة لأن ذلك سيؤثر كثيرا في نقل الحقيقة للعالم. وبإذن الله غدا لناظره قريب وبإذن الله غدا أفضل.. فذلك أملنا في الله.
مشاركة :