محيي الدين بن عربي.. ورسالة الروح القدس

  • 7/29/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحل اليوم ذكرى ميلاد الشيخ الأكبر والمتصوف المثير للجدل محيي الدين بن عربي، أحد أهم أعلام المدرسة الفلسفية الصوفية في تاريخ الفكر العربي والإسلامي.كتب ابن عربي الكثير من الكتب حتى قيل أنها وصلت إلى 1000 عمل ما بين كتاب ورسالة وموسوعة، وأشهر ما كتب ابن عربي موسوعة "الفتوحات المكية" والتي جاءت في عمل يكاد يكون ملغز وصعب للغاية.ومن بين الكتب الهامة التي كتبها ابن عربي "رسالة الروح القدس" والتي عالجت قضايا النفس الإنسانية وكيفية ترويضها والاهتمام بها.ولقد كتبها أثناء إقامته في مكة في العام 600 هـ ثم بعث بها إلى صديقه التونسي أبي محمد بن عبدالعزيز القرشي المهدوي، وعن هدف كتابه تلك الرسالة يوضح أنه يبتغي بذلك ثواب الرحمن والقيام بواجب النصيحة تجاه إخوانه، وعن النصح يقول: "إن النصح أولى ما تعامل به رفيقان وتسامر به صديقان وقلما دامت اليوم صحبة إلا على مداهنة، وكل إنسان يقبل النصح من غيره لا من نفسه لأن النفس عمياء عن عيوبها بصيرة بعيوب غيرها". وأيضا التبرك بذكر أولياء الله، والتأكيد على عدم خلو الزمان من من الرجال الجارين على أسلوب المتقدمين باختلاف أحوالهم، والتروح بذكر الصالحين الذين لقيهم في طريقه.ولقد استهدف النص تنبيه النفس، فهي تحوي حوارا ماتعا دار بينه وبين نفسه حيث يقيم عليها الحجة ليأخذها بالشدة بدلا من أن تأخذه هي باللين، فالنص متدفق سهل حيث يستدعي الرجل حال أويس القرني أحد التابعين الصالحين، وحال فقراء الصحابة وأحوال السادة من أهل القوم.ولقد تناول الكتاب فكرة "الرفق بخلق الله" وفي هذا يحكي ابن عربي عن رجال الطريق وحالهم مع الناس ومع الحيوانات ومع الجماد، حيث الترفق بكل شيء فلا عنف ولا غلو في التعامل، فيروي عن أبي محمد القلفاط أنه ما تراه يمشي قط إلا في حق غيره، ويحكي عن أبي يعقوب الكومي فيقول أنه دائما مقطب الوجه فإذا بصر فقيرا تبرق أساريره ويتهلل وجهه، وعن أبي محمد مخلوف القبائي أنه كان يعم بدعائه أهل السموات والأرض حتي الحيات في البحر، وربى الشيخ أبو الحجاج الشبريلي قطة كانت سوداء لا يستطيع أحد أن يمسكها وكانت ترقد دائما في حجره فكانت تستعر الأمان معه.ويتناول أيضا قيمة التسامح فيحكي عن المربية العابدة فاطمة بنت أبي المثنى أم ابن عربي النورانية التي تعلم على يديها المواهب الصوفية لمدة عامين والتي "ضربها أبو عامر المؤذن بالدرة في الجامع ليلة العيد فنظرت إليه وانصرفت متغيرة النفس عليه فبات تلك الليلة فلما كان السحر سمعت ذلك المؤذن يؤذن فقالت: رب لا تؤاخذني تغيرت نفسي على رجل يذكرك في دياجي الليل والناس نيام. هذا ذكر حبيبي يجري على لسانه اللهم لا تؤاخذه بتغيري عليه." والنفس الإنسانية تقابل المواقف الحياتية على طبيعتها، رغم ما تقاسيه مع المريد من جهاد.. فاطمة لم تفعل شيئا لكن نفسها تغيرت على المؤذن الذي أخطأ بحقها لا شك، فتعود سريعا وتعاتب نفسها التي تتبدل ناحية رجل يذكر اسم المحبوب الأول وسط ظلام الليل.ويبرز أيضا الكتاب فكرة "قيمة العمل ونكران الخمول" وكيف شدد ابن عربي على حب المتصوفة للعمل وليس الكسل والتواكل والاعتماد على الآخرين، وعالج قضية الخلاف الشهيرة بين المتصوفة وعلماء الفقه وأظهر ضرورة العمل على الباطن وتنقية السرائر من الشوائب والأمراض وطالب بعدم المغالاة في التمسك بظواهر الدين وقشوره.

مشاركة :