القوة بيد من يملك مفاتيح القرن الـ21 الذي يعتمد على المعلومات والتكنولوجيا المتطورة التي غزت أرجاء المعمورة لتتحكم في المسارين الاقتصادي والسياسي وفي كل المجالات الحياتية للدول والشعوب.ماذا صنعت امتنا لكي تحظى بمكانتها في المجتمع الدولي؟!لن اتحدث عن آخر مستجدات الدمار الذي انهك دولنا العربية، ولا عن صفقات الأسلحة المليارية التي بها تهدر الدماء العربية بأيادٍ عربية، بل سأتحدث عن فلسطين التي لا تزال تعاني جراحها والعرب منشقون بين مطبعين خاضعين لمصالحهم الآنية، وأغلبية من المستنكرين الذين يحاولون إرضاء العامة بالشعارات القومية، ليس لإيمانهم بالقضية الفلسطينية، بل لخوفهم من ردة فعل الشعوب عليهم، ومراقبين ينتظرون النتائج النهائية التي على أساسها يحددون وجهتهم المستقبلية.أصبحت اغلب قضايا الشرق الأوسط تُوَرث من جيل الى آخر وتحمل في كنفها المظلومية والسخط على القوى الخفية المهيمنة والامبريالية!والحقيقة هي أن البلاء يكمن في قعر بيوتنا المتصدعة التي نُخِرت من الداخل وكشفتنا لكل دنيء ومتربص لينهش مقدراتنا ويستحوذ على خيراتنا وينتهك حرماتنا، وفي المقابل، يسود الصمت خوفاً من حصار اقتصادي يدمر وضع البلد، أو انقطاع المساعدات الممنوحة للدول المتعثرة من قروض ومنح مقابل الالتزام بمواقف معينة غير مقبولة ولا مستساغة! او الخوف من مواجهة عسكرية غير متكافئة أو استغلال الميديا لكشف الحقائق المدفونة والمعيبة وأحيانا الملفقة التي تتأجج منها النفوس وقد تؤدي إلى ثورات وانقلابات شعبية ساخطة.. شعوبنا تعاني الجهل والتخلف والأوبئة والتشتت والحقد والانتقام والكسل والاتكال والخوف من الحياة.. والولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة والصاعدة لن تضع اعتبارا لنا ولقضايانا الشائكة ان لم تسعَ دولنا إلى أن تكون جزءاً في هذا النظام العالمي الجديد وتلبي حاجات الإنسان العربي الاساسية وتمكنه من أن يكون فاعلاً في نهضتها.المشهد الذي نراه اليوم هو تحولات جيوسياسية استراتيجية، وسط تغييرات دولية تعتمد على خلق أجواء تنافسية تعاونية في كل المجالات خاصة الاقتصادية بما يحقق المصلحة المتبادلة والمشتركة البعيدة عن النزاعات والصراعات العسكرية التي تتحكم فيها المطامع والمصالح الشخصانية التي أُهلكت منها الشعوب ودمرت بسببها الاوطان.«كنا سبَّاقين» جملة لم تعد مجدية في عصر العولمة والانفتاح الذي لا يرى سوى الواقع ولا يفهم إلا لغة الأرقام والمؤشرات.ها هي الولايات المتحدة تنازع لأجل بقائها القطب الأوحد المهيمن على العالم، والدب الروسي يحاول أن يتصدر المشهد بعد طول غياب، والتنين الصيني يصارع كل المعوقات لكي يدخل ضمن هذا التنافس ويحقق لنفسه ولشعبه الرخاء، وتلك مجرد أمثلة من الدول التي تحاول جاهدة لتطوير طاقاتها البشرية بالعلوم والمعرفة التي يتنافس على حيازتها الأذكياء. الأذكياء هم من سخروا كل قدراتهم للارتقاء بطاقاتهم البشرية، هم من طوروا مناهجهم لتتناسب مع التغيرات الزمنية، هم من استفادوا من دروس الماضي التي وضعوا على أساسها رؤيتهم المستقبلية. هم من اهتموا بتطوير وتنمية اقتصادهم وشجعوا الابتكار والإنتاجية.. فماذا فعلت معظم دولنا العربية والإسلامية غير التفكك والحروب والمقاطعات والثورات؟!أغلب دولنا العربية غير قادرة على إدارة ازماتها ومعالجة مشاكلها الداخلية والخارجية لضعف وترهل مؤسساتها الغارقة في الفساد، بينما نرى كيف تخطط الدول الطموحة التي تخطت كل ما يعطل مسيرتها نحو النهضة والتقدم والارتقاء.ستظل دولنا تتفكك وتتآكل ولن تنهض من دون النظر الى عمق علاقات بعضها ببعض والترفع عن خلافاتها وبناء وحدة متماسكة لها برامج اصلاحية وتنموية على غرار «برنامج مارشال في منتصف الأربعينات لأجل إعادة إعمار أوروبا الغربية» وتشكيل اتحاد شرق أوسطي يضم اغلب دول الشرق الاوسط لتستطيع مواجهة التحديات الخارجية وكذلك إدارة أزماتها الداخلية بما يحقق المصلحة العامة لكل الكيانات في تلك المنظومة، تقريبا كما هي الحال بالاتحاد الأوروبي. فهل دولنا قادرة أن تدخل في هذا التنافس المحتدم وهي منهمكة في ما بينها بالخلافات والصراعات السطحية والمتوارثة غير المنتهية؟!. إيمان جوهر حياتemanjhayat750@gmail.com@the0truth
مشاركة :