غصّت وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات العربية بكميات من المعلومات المشوهة والمضللة عن الزلازل ومدعي المعرفة دون أدنى حد من المسؤولية. اختلطت السياسة بالكوارث الطبيعية وبدا المتمترسون خلف التصنيفات السياسية بمظهر المتربصين خلف انتمائهم الأيديولوجي، وراحوا يصوّبون سهامهم بكل الاتجاهات بهدف الابتزاز والتحريض بعيداً عن الحس الإنساني لبنى البشر. سورية والنظام دخلا على الخط وأصبح التمييز واضحا بين من يقف مع النظام أو ضده، ومن يؤيد تركيا– إردوغان أم ضدها، لدرجة أن «عمى الألوان السياسي» كان هو السائد في التعامل مع ضحايا كارثة طبيعية ضربت سورية وتركيا وجمعت بينهما في مصيبة واحدة، وكما قال أحد قيادات العمل التطوعي: يا أخي، أنا أسأل سؤالا واحدا، قبل أن تضع هذه الجهة أو تلك في قائمة تصنيفاتك السياسية، وما إذا كنت مع النظام أو المعارضة في سورية، تخيل نفسك أمام أنقاض مبنى مدمر، وتعمل على رفعها لربما القدر شاء أن يكون هناك أحد الناجين، هل تسأله ما إذا كان مع النظام أو المعارضة، أو مع الأكراد والأميركيين أم كان مناصرا لإيران أو للروس؟ أم أنك تقوم بمهمة إنقاذ حياة طفل أو امرأة أو رجل مسن وتعيده إلى الحياة؟ الصدمة التي أحدثها «زلزال القرن» لم تتوقف ارتداداتها عند حدود الشأن السياسي والانتماءات الأيديولوجية في الخليج والعالم العربي وحتى الداخل السوري المنقسم على نفسه والسابح في «دكاكين» مستأجرة تعمل وفق أجندات متضاربة تبعاً لمصالحها وأهوائها. هناك استخفاف عند البعض ومدعي المعرفة بعقول العامة من الناس، وتصيد من محترفي ومروجي الإشاعات، فمثلاً من أراد تصفية حساباته مع نهج إردوغان جاءت كارثة الزلزال فرصة ذهبية لضرب مشاريع السدود المائية التي أقامتها تركيا والادعاء بأنها السبب وراء حدوث الزلازل، ولأن هذه السدود تسببت في قطع المياه عن سورية والعراق، ولذلك روجوا واخترعوا كذبة كبيرة بأن إردوغان أمر بفتح بوابة سد «أليسو» لتصريف المياه، وبأن سد أتاتورك المقام في منطقة «شانلي أورفة» هو وراء الزلزال والواقع العلمي عند أصحاب الاختصاص، (انظر مقال د. عبدالسميع بهبهاني– الجريدة 10-2-2023) وما كتبه الدكتور سمير زعاطيطي الخبير اللبناني بالمياه الجوفية والأكاديمي في هذا الاختصاص لمدة 30 سنة بأن السدود لا تسبب زلازل، كون الهزات مصدرها حركة صخور منصهرة في عمق الأرض تخلق موجات تنتقل صعوداً داخل صخور لتنفجر على السطح. ثم يشرح الموضوع بالقول السدود هي «أسمنت مسلح» لتخزين المياه، وبالزلازل قد تتأثر هذه السدود إذا أقيمت فوق مناطق معرضة للزلازل، مثل ما حصل فعلياً بسد التلول الذي أصابه التصدع على نهر العاصي في إدلب. والحقائق العلمية تقول: زلزال تركيا وقع بدرجة 7.7 على مقياس ريختر والقريب من حدود التدمير الكامل لكل شيء على وجه الأرض، وما حصل أن الصفيحة العربية «مجموع الصفائح تحت باطن الأرض» ضربت الصفيحة الآسيوية في تركيا وخلقت سلسلة جبال طوروس وفيها كسور أرضية، وهذا الصدام قائم وتحدث فيه زلازل إضافة إلى خط الزلازل البحري في المتوسط وهناك خط آخر ضعيف يصل إلى لبنان ويمر بفلسطين. وفي تركيا تم التقاء خطوط الزلازل الثلاثة، ومصدرها باطن الأرض، والتي تحتوي على مواد مشعة نووية تتحول وتعطي طاقة حرارية تذيب الصخر، والأرض تتحرك وتعمل موجات زلزالية بالصخر تظهر على سطح الأرض، والكذبة الكبرى التي روجوا لها أن تركيا بأكملها زاحت نحو 3 أمتار بفعل الزلزال، وهو كلام لا أساس له بوجود أقمار صناعية ترصد وتراقب وتحدد ما إذا كانت هذه الإزاحة قد تمت أم لا، أما الإشاعة الثانية فقالت «بوجود مؤامرة» غربية لتركيع تركيا لتستسلم وجعلها كسيحة لا تقوى على الوقوف لذلك لجأوا إلى تدميرها بتفجير نووي.
مشاركة :