تأخر نظام القضاء نصف قرن وركن ملف المحاكم الشخصية أربعة عقود وعطل نظام المرافعات الشرعية 15 سنة وجاء تصنيف المحاكم متأخرا عن موعده بثلاثـة عقود على الأقل. قاومنا القانون، وحاربنا الحقوق وتحولت أقسام القانون في كليات التجارة إلى مسميات بديلة بسبب التوجس والتشكيك الذي طال كل شيء في تلك الحقبة. وجاءت النتائج بأن أصبحنا البلد الوحيد في العالم الذي يتم البت فيه بنحو 90 قضية قضائية أو شبه قضائية يوميا من قبل لجان إدارية تتوزع بين جملة من القطاعات والوزارات الحكومية بسبب عدم ملاءمة الإطار القضائي المعمول به مع متطلبات الحياة المعاصرة وهو ما جعل اللجان المالية والأمنية والعمالية والإعلامية والمصرفية والتجارية تقوم بهذا الدور حتى أن أحكام بعضها كان غير قابل للاستئناف، وهو ما جعل الحصيلة تصل إلى 200 ألف قضية هامة وكلها تساق سنويا إلى دهاليز 104 لجان قضائية أو هيئة إداريـة. لكن التاريخ سوف يسجل للملك عبدالله بن عبد العزيـز هذه السلسلة من الإصلاحات الكبيرة التي طالت مرفق القضاء وآخرها إصداره حفظه الله أمره بتشكيل مدونـة للأحكام الشرعية لتكون نواة لتقنين الأحكام الشرعية مستقبلا والتي حدد لها فترة 180 يوما، وإن كان الأمـر الملكي لم يشر إلى كون هذه المدونة استرشادية أو ملزمة، وربما كان ذلك سابقا لأوانـه. كل الرؤى والتصورات الفقهية التي وقفت في وجه تطور القضاء أصبحت تسقط بالتقادم، وهذا حال التاريخ لكن كان لكل ذلك تكاليف باهظة على البلاد والعباد.
مشاركة :