«الراهب» يشعل التوتر بين واشنطن وأنقرة

  • 8/1/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تصاعدت حدة الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، الحليفين في «الناتو»، بشكل غير مسبوق خلال الأيام الماضية، في أزمة وصفت بـ«أسوأ الأزمات في تاريخ العلاقة بين البلدين»، ورفعت الولايات المتحدة حدة خطابها مع تركيا، لأول مرة في تاريخ العلاقات بيبن الحليفين، وإطلاقها تهديدات مباشرة بفرض عقوبات «قاسية»، بسبب توقيف أنقرة للقس الأمريكي، أندرو برانسون، ومع خشية السلطات التركية من إنحراف العلاقات إلى مراحل «خطيرة»، وتحذيرها من نيتها التوجه بشكل أكبر نحو روسيا في حال تطبيق الولايات المتحدة تهديداتها ضد تركيا !!           وبدأت الأزمة الكبرى بين أنقرة وواشنطن على خلفية إطلاق الرئيس ترامب ونائبه تهديدات مباشرة بفرض «عقوبات كبيرة» على تركيا في حال لم تطلق «فورا» سراح راهب أمريكي يحاكم في تركيا بتهم تتعلق بالإرهاب، وهو ما رفضته أنقرة وأكدت أن قرار القضاء التركي سيكون الفيصل في هذه القضية..​ وبشكل لافت، ركز كتاب أتراك كبار على أن التحول في الموقف الأمريكي والهجوم غير المسبوق لترامب على تركيا يشبه إلى حد كبير تعامل الأخير مع ملفي إيران وكوريا الشمالية، محذرين من وجود لوبيات داخل الولايات المتحدة تهدف إلى تدمير العلاقات بين البلدين لصالح أطراف أخرى تسعى لذلك، على حد تعبيرهم.​.ومقابل رفع الولايات المتحدة حدة خطابها لمستوى غير مسبوق مع تركيا وإطلاقها تهديدات مباشرة بفرض عقوبات واسعة عليها، شدد كبار المسؤولين الأتراك على أن بلادهم «لم ولن تخضع أمام التهديدات من أي طرف»، كما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً ترامب بأن «تركيا لن تخضع أمام تهديداتكم».           من هو الراهب الأمريكي الذي أشعل فتيل التوتر الراهب الأمريكي، ، أندرو برانسون ـ 50 عاما ـ يعيش في تركيا منذ 23 عاما في مدينة أزمير غربي البلاد، ويرعى كنيسة إنجيلية صغيرة هناك يبلغ عدد أتباعها 25 شخصا فقط، وقد أُلقي القبض عليه قبل أكثر من عامين، ويواجه تهما بالارتباط بحزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن، الذين تعتبرهما تركيا منظمات إرهابية، وهو ما ينفيه محامو برونسون والولايات المتحدة نفيا قاطعا..وقد أخلت محكمة تركية سبيل القس الأمريكي يوم 25 يوليو/تموز 2018 لكن وضعته رهن الإقامة الجبرية.. فيما تطالب واشنطن بإطلاق سراحه فورا، ويتردد في تركيا أن  الرئيس«أردوغان» يريد من واشنطن مبادلته بالداعية التركي الشهير «فتح الله غولن» المقيم بالولايات المتحدة وتتهمه أنقرة بأنه وراء محاولة الإنقلاب الفاشل في شهر يوليو/ تموز من العام الماضي؟           ويتخوف سياسيون وكتاب أتراك من أن الولايات المتحدة ربما تلجأ إلى اعتقال مسؤولين أتراك في حال زيارتهم للولايات المتحدة وتحيلهم إلى القضاء، للضغط على تركيا لإطلاق سراح الراهب برانسون..بينما اعتبر الكاتب التركي، فاتح ألطايلي، أن الإدارة الأمريكية تسعى لتحويل تركيا إلى بلد يشبه العراق وسوريا وإيران وحتى كوريا الشمالية، محذراً من أن الولايات المتحدة ربما تلجأ إلى اعتقال مسؤولين أتراك في حال زيارتهم للولايات المتحدة،  قائلاً: «لهذا فإن الولايات المتحدة أصبحت من الآن فصاعدًا مكانًا خطرًا بالنسبة للساسة والموظفين الرفيعين والمستشارين الأتراك». ​تركيا تخشى من محاولة إغتيال القس الأمريكي وحذر المحلل السياسي والكاتب التركي، «ناغيهان آلتشي» في مقاله بصحيفة «خبر تورك»، من «أمور مريبة» تدور في قضية القس الأمريكي.. وقال: هناك يد خفية في الولايات المتحدة تسعى من أجل عرقلة عودة هذا القس من تركيا إلى بلاد العم سام، وتحاول استخدامه كبش فداء في سبيل إفساد العلاقات بين البلدين، ومن الواضح أن التوتر المتبادل سيتصاعد مع «الرسائل الوقحة» الحافلة بالتهديد والوعيد من الولايات المتحدة.. ويرى «آلتشي»، أن هذه القضية اتخذت منحى غريبًا إلى درجة أصبحت معها حماية برانسون بالنسبة لتركيا مشكلة خطيرة فالتدابير الأمنية حول منزل القس تم تشديدها، لكنني مع ذلك أشعر بالقلق. فهناك أيد خفية في الولايات المتحدة قد ترغب بقتل القس من أجل وضع تركيا والعلاقات بين البلدين في مأزق لا يمكنها الخروج منه، ولا بد من حماية القس بشكل جيد جدًّا !         منظومة «أس 400» الروسية وراء الأزمة ويرى مراقبون أن خطاب واشنطن بدأ يتغير تجاه تركيا لدرجة اقترابه من الخطاب الأمريكي المستعمل ضد إيران، مع خشية من وضع واشنطن لأنقرة ضمن محور طهران وبيونغ يانغ، فيما يؤكدون أن سبب الأزمة ليس فقط  احتجاز الراهب الأمريكي أندرو برانسون، ولكن يعود إلى نية تركيا شراء نظام الدفاع الروسي الصاروخي «أس 400»، الذي تعارض واشنطن شراءه.   ومقابل رفع الولايات المتحدة حدة خطابها لمستوى غير مسبوق مع تركيا، وإطلاقها تهديدات مباشرة بفرض عقوبات واسعة عليها.. اعتبر مجلس الأمن القومي التركي، أن لغة التهديد التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تركيا تسيء إلى العلاقات بين البلدين، ولا يمكن قبولها أبدا، مهدداً بأن «تصريحات وقرارات الولايات المتحدة التي تفرض شروطا تخالف الاتفاقيات الدولية بشأن مشاريع صناعات دفاعية التزمت تركيا بمسؤولياتها حولها، من شأنها أن تلحق أضرارا لا يمكن تلافيها بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين وعلاقات الثقة»، في إشارة واضحة لعدم تخلي أنقرة عن اتفاقياتها العسكرية مع روسيا.​   وفي السياق ذاته، أكد الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالين، أنه «من الممكن إنقاذ العلاقة الأمريكية التركية وتحسينها شريطة أن تأخذ الإدارة الأمريكية مخاوف تركيا الأمنية على محمل الجد، ذلك لأن تركيا لا يمكنها أن تغض الطرف عن تصرفات أحد حلفاء الناتو عندما يهدد أمنها القومي في الداخل والخارج، ومن المؤكد أن تركيا سترد على ذلك بالمثل»!!

مشاركة :