بقيت عراقيل تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة تدور في حلقة مفرغة من المناورات، على رغم تصاعد التحذيرات من «الانعكاسات السلبية لتأخيرها على الوضع الاقتصادي خصوصاً»، وآخرها من رئيس البرلمان نبيه بري أمس أمام نواب التقوه في إطار اجتماعه الأسبوعي معهم. وأعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمته أثناء ترؤسه الاحتفال بعيد الجيش، عزمه «بالتعاون مع الرئيس المكلف سعد الحريري» على «إخراج البلاد من أزمة تأخير ولادة الحكومة» (راجع ص5). وحسم عون الموقف من التسريبات عن أنه مع تشكيل حكومة من الأكثرية إذا بقي الحريري مصراً على إعطاء حزب «القوات اللبنانية» 4 حقائب وزارية من ضمنها واحدة سيادية في حكومة من 30 وزيراً، و3 وزراء دروز من حصة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الأمران اللذان يرفضهما عون و «التيار الوطني الحر». ودعا عون في كلمته إلى «حكومة جامعة للمكونات اللبنانية من دون تهميش أي مكون، أو إلغاء دوره، ومن دون احتكار تمثيل أي من الطوائف». وأكد رهانه على «تعاون جميع الأطراف وحسهم الوطني، لأن أي انكفاء في هذه المرحلة من تاريخنا المحاطة بالأعاصير وصفقات القرن خيانة للوطن». ومع أن أوساطاً سياسية تفاءلت بإمكان إحداث خرق في جدار أزمة التأليف بعد الزيارة المفاجئة لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل للرئيس بري أول من أمس، أنهى فيها الأول قطيعة مع الثاني، إلا أن بري أبلغ النواب الذين التقاهم أمس أن «لا جديد في الشأن الحكومي». وأبدى بري ارتياحه للقاء الذي جمعه مع باسيل، والذي أعقبه إيفاد معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل للقاء الحريري لإطلاعه على فحوى اللقاء، خصوصاً أن اجتماعاً كان مرتقباً منذ أسبوع بين الحريري وباسيل، بناء على اقتراح الرئيس عون، لم يحصل. وسربت أوساط باسيل أن لا جديد لديه كي يلتقي الحريري، وأعلن تكتله النيابي أن مسؤولية تشكيل الحكومة تقع على عاتق الرئيس المكلف الذي اكتفى بالقول أن «الفرصة لم تتح بعد»، للقائه باسيل. وكان الحريري أوضح للصحافيين أول من أمس أنه «إذا كان هناك من يرغب في تحميلي المسؤولية، فإن الشعب اللبناني يعرف من المسؤول عن العرقلة». ونقل زوار بري لـ «الحياة» تأكيده ضرورة الحوار والتواصل بين كل القوى السياسية للإسراع في تشكيل الحكومة، لكنه يرى في الوقت ذاته أن «الأمور لم تنضج بعد لنقول أننا أصبحنا على مشارف الحل». ونقل زوار بري عنه أن باسيل أبلغه «أننا إيجابيون والتعقيدات ليست عندنا ولكن لا مانع من اللقاء مع أي كان إذا كان ذلك سيحقق أي خرق في الأزمة وعقدها ليست عندنا بالتأكيد». وقال بري أنه «أوفد معاونه الوزير حسن خليل بعد لقائه باسيل، لوضع الرئيس الحريري في الأجواء الإيجابية التي سمعها في هذا الشأن، وأن الأمور يجب أن تذهب في الاتجاه الإيجابي وأن نفعّل الحوار لتفكيك العقد أياً يكن حجمها». وأوضح بري للنواب وفق قول بعضهم لـ «الحياة»، أن الحريري «أبلغ الوزير خليل أنه يقوم بدوره، ولكن على الجميع أن يتحمل المسؤولية». وسادت انطباعات في الوسط السياسي بأن العلاقة بين الحريري وباسيل يشوبها الجفاء والتوتر، خلافاً للسابق، نتيجة الشروط التي يضعها الثاني إذ رفع سقف مطالب تياره رداً على ما يقترحه الحريري لحصة «القوات اللبنانية»، وعلى التمثيل الدرزي، من خلال إصراره على تمثيل النائب طلال أرسلان. ورأى بري «أنه يفترض تسريع تشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة، لأن المصلحة الوطنية تقتضي ذلك. ولا أرى أي موجب للتأخير». وإذ شدد بري على وجوب «إيجاد تسوية لإنجاز الحكومة»، نقل عنه النواب قوله: «إذا طال الأمر، نحن نتفهم ما يحصل». وأوضح لزواره أن «المجلس النيابي سيد نفسه ويفترض أن يأخذ دوره وفق المادة 69 من الدستور والتي تجيز له التشريع، في ظل حكومة تصريف أعمال وهناك سوابق في ذلك». لكنه يستمهل اللجوء إلى خطوة من هذا النوع راهناً.
مشاركة :